المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القرض الحسن ( الجزء الثاني - 02 )


حور العين
07-26-2016, 03:24 PM
من: الأخت الزميلة / جِنان الورد
القرض الحسن
( الجزء الثاني - 02 )

✸ من الإعجاز الإلهي في التشبيه القرآني :

أن يصور لك غير المرئي بالشيء المحسوس المرئي،
أجر الصدقة غير محسوس، ولا ملموس، ولا مرئي،
لكن انظر إليه في تشبيهه وتصويره،
من بلاغة القرآن العظيمة من البيان الإلهي :

{ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ }
[ الشعراء : 195 ]

عندما يصوره لك بشيء مرئي :

{ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ }.

والسنابل معروفة مرئية محسوسة :

{ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ }
[ البقرة : 261 ]

وليس فقط أن تكون الحبة سبعمائة حبة، وإنما أكثر من ذلك،
بحسب الإخلاص والإيمان في قلب المنفق المتصدق،

فقال بعد السبعمائة :

{ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
[ البقرة : 261 ]

لما ذكر في سورة البقرة أهل النفاق الذين يعملون أعمال خيرية :

{ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ }
[ البقرة : 264 ]

حجر صلب أملس : {عَلَيْهِ تُرَابٌ}

هل القاعدة هذه أسفل التراب؟
هل الأرضية أسفل التراب، مهيأة لإنبات أي شيء؟

{ صَفْوَانٍ } أملس أبداً،
ولذلك : { إِذَا جَاءهُ } شيء من المطر، غسل التراب،
ولم ينبت شيئًا، هذا قلب الكافر، أو الفاجر، أو المنافق،
نفسه إذا أنفقت لا تخرج شيئًا، ولا نماء.

وذكر مثل المؤمن :

ك{ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ }
[البقرة: 265]

في مكان متوسط، مرتفع الهواء، يأتيه الشمس:

و { أَصَابَهَا وَابِلٌ }

وإذا { لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ }

فتنبت : { فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ }
[ البقرة : 265 ].

ثم ذكر مثلاً عجيبًا، فقال :

{ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ }
[ البقرة : 266 ]

بستان عظيم :

{ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ }

من أنفس الثمار، النخيل والأعناب، يؤكل رطبًا ويابسًا،
وهو فاكهة الرطب، وغذاء التمر، ودواء، سبع تمرات في الصباح،
وخصوصًا من تمر العارية، تقي السم والسحر، وكذلك قوت غذاء،
انظر إلى صدقة الفطر، وقد أجاز الشرع إخراجها من الطعام

ونص الفقهاء: التمر والزبيب، من العنب :

{ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }

فلا تحتاج إلى سقي، وجهد، الأنهار التي بطبيعتها سارحة في هذه الأرض،
وليس فقط في هذه الجنة نخيل وأعناب:

{ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ }.

إذًا، هذا رجل :

{ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ }

مسن، شيخ متقدم في السن، الكبر، الهرم،
ما عد قادر على الكسب، والعمل :

{ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء }
[البقرة: 266]

إناث، أو مرضى، أصحاب عاهات، أيتام صغار.

فمن كم جهة تعلقت نفسه بهذا البستان ؟

أولاً : هو { جَنَّةٌ }

بستان عظيم، ففيه أشجار كثيفة.

ثم الثمار نفيسة : { نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ }.

ومتنوعة : {مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ}.

ولا يحتاج إلى تعب في السقي: { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ }.

وهو بعد الله عيشه عليه، ومصدر دخله منه، وليس له غيره،
وغير قادر على أن يكسب، بأي سبب آخر:

{ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ }.

ويخشى على صغاره وإناثه، من بعده،
فليس لهم بعد الله إذا ولى أبوهم إلا هذا البستان:

{ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء }.

وفجأة : { فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ }.

وتعلمون الإعصار كيف يدور، وفي جوف الإعصار عمود النار يتحرك،
فيدمر الإعصار بقوة الريح، وتحرق النار الباقي :

{ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ }.

كيف تكون نفسية هذا الرجل ؟

الإحباط والاكتئاب والانهيار.

✸خطر الرياء على الصدقة :

هذا مثل، لكن مثل لماذا ؟ لأي شيء ؟

قال عمر رضي الله عنه
[ وعنده ابن عباس : رجل كان يعمل بطاعة الله، ثم انقلب،
وصار يعمل بمعصية الله ]

وقال المفسرون أيضاً :
[ المراؤون ]

هذا الإعصار أيها المسلمون إعصار الرياء، إعصار المن والأذى،
الذي يغير على أجر الصدقة، فيذهبها، فيأتي صاحبها يوم القيامة
محتاجًا إلى حسنات أشد الحاجة، وأشد من احتياج صاحب الجنة
على كبر سنه، وضعف ذريته، ومتعلق، ويريد الأجر من وراء أعماله،
لكن ما في إيمان:

{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا }
[ الفرقان : 23 ].

ما في إخلاص، إعصار الرياء أذهب كل شيء.

خيبة الأمل الكبرى، والانهيار النفسي العظيم،
يصور لك بهذا المثل الحالة النفسية لهؤلاء عندما يأتون يوم القيامة،
لا إيمان، ولا إخلاص،
أي شيء سيجنونه من أعمالهم ؟

{ هَبَاء مَّنثُورًا }.

✸نماذج رائعة في إخفاء الصدقة:

أما يا إخواني عندما يكون إيمان وإخلاص،
الله يضاعف القليل.

واحد مدرس يختار أن يبقى في المكان النائي الذي عين فيه،
مع إمكان نقله إلى بلد كبير ومدينة؛
لأن هناك فقراء، يشرف عليهم.

ومدرس بحكم معرفته بالطلاب الفقراء من خلال التدريس،
فهو يقوم بتوزيع الخبز على بيوتهم قبل الفجر،
ليتمكن أهلهم من عمل شيء لهم يأخذونه إلى المدرسة.


ومدرسة تأتي بالماء البارد إلى الطالبات طيلة أيام الاختبارات،
ولا يعرف من هي.

وأيتام وفقراء يجدون على أبوابهم طعامًا من جميع الأنواع،
يؤتى به قبل الفجر، ولا يعلمون من يأتي به.

وتاجر يجمع أولاده قبل موته، وعنده دفتر فيه الديون،
لكن خصه بكتابة ديوان المعسرين، فيرمي به في النار أمامهم.

ورجل ليس عنده ذرية يبني المساجد،

ويقول :

هؤلاء أولادي وذريتي !

وآخر ضعيف ذات اليد، لكن ما تيسر له، ولو مناديل للمسجد،
أو بعض قوارير المياه الباردة يضعها. وأخرى بسائقها على باب،
وعلى سور، وعلى قارعة الطريق طاولة، فيها حاجات العمال،
وهم ذاهبون صباحًا إلى أعمالهم، من إفطار يقوي.

وآخر يدعو عمال وسائقي الحي، بعد صلاة الجمعة
إلى الغداء كل جمعة، من ليس عنده ارتباط يدعوهم،
يراعي غربتهم، وحشتهم، ضعفهم، فيؤنسهم.

✸كثرة أبواب الخير وأنواع الصدقات :

أبواب الخير عظيمة يا عباد الله ، أنواع الصدقات

تم بحمد الله تعالي