المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصبر عند فقد الأحبة ( الجزء الأول - 02 )


حور العين
09-15-2016, 03:59 PM
من:الأخت / غـــرام الغـــرام
الصبر عند فقد الأحبة
( الجزء الأول - 02 )

الحمد لله المتفرد بالعزة والبقاء،
الذي كتب على كل المخلوقات الفناء

فقال تعالي :

{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*
وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ }
[ الرحمن :26، 27 ]

وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
وبعد :
فإن هذه الدار الدنيا دار مصائب وشرور، ليس فيها لذة على الحقيقة
إلا وهي مشوبة بكَدَر؛ فما يُظن في الدنيا أنه شراب فهو سراب،
وعمارتها وإن حسنت صورتها خراب ، إنها على ذا وضعت،
لا تخلو من بلية ولا تصفو من محنة ورزية، لا ينتظر الصحيح فيها
إلا السقم، والكبير إلا الهرم، والموجود إلا العدم،
على ذا مضى الناس؛ اجتماعٌ وفرقة،
وميتٌ ومولود، وبِشْرٌ وأحزان :

والمرء رهن مصائب ما تنقضي حتى يوسد جسمه في رمسه
فمؤجَّل يلـقى الــردى في غــيـره ومعجل يلقى الردى في نفسه

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

فَمَنْ من الناس على وجه الأرض لم يصب بمصيبة
صغرت أو كبرت؟!.

ثمانيـة لابد منها على الفتى ولابد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم واجتماع وفرقة وعسر ويسر ثم سقم وعافية

وهذه كلمات أحببنا من خلالها توجيه رسالة لكل من ابتلي
بفقد حبيب أو عزيز أو قريب، ليتصبر ويرضى ويسلم
راجيا من الله تعالى عظيم الأجر وحسن الخلف،

فنقول :
من أعظم ما يعين على الصبر عند فقد الأحبة
النظر في عاقبة الصبر والرضا

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

فقد وعد الله عبادة الراضين الصابرين أجرا عظيما وفضلا كبيرا

لو تدبر العبد قول الله تعالى :

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
[ البقرة : 155-157]

سبحان الله صلاة ورحمة وهدى لمن كان من الصابرين ،

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

قال عبد الله بن مطرف رحمه الله
عندما مات ولده :

والله لو أن الدنيا وما فيها لي ، فأخذها الله عز وجل مني ،
ثم وعدني عليها شربة من ماء لرأيتها لتلك الشربة أهلاً،
فكيف بالصلاة والرحمة والهدى؟

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

انظر إلى أم سلمة رضي الله عنها حين توفي زوجها
أبو سلمة رضي الله عنه قالت :
سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول :

( ما مِن عبدٍ تُصيبُه مُصيبةٌ، فيقولُ: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعونَ،
اللهُمَّ أْجُرْني في مُصِيبتِي، وأَخْلِفْ لي خيرًا منها،
إلَّا أَجَرَه اللهُ في مُصِيبته، وأَخْلَفَ له خيرًا منها )

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

قالت :
فلما توفي أبو سلمة قلت :
ومن خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ثم عزم الله عليَّ، فقلتها ،
قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ومن خير من رسول الله ؟

أجر الصابر على فقد الولد

وإذا كان من أعظم المصائب التي يصاب بها المرء أن يفقد ولده
فقد ورد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعين على الصبر
على هذه المصيبة العظيمة،

فقد جاء في الحديث الصحيح عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إذا مات ولدُ الرجلِ
يقولُ اللهُ تعالى لملائكتِه : أقَبَضْتُم ولدَ عبدي ؟
فيقولون : نعم،
فيقولُ : أقَبَضْتُم ثمرةَ فؤادِه ؟
فيقولون : نعم،
فيقولُ : فماذا قال عبدي ؟
قال : حَمِدَك واستَرْجَعَ
فيقولُ : اِبنُوا لعبدي بيتًا في الجنةِ، وسَمُّوه بيتَ الحَمدِ )

والبيت لابد له من ساكن فيا لها من بشارة ما أعظمها !

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

وروى الإمام أحمد رحمه الله من حديث معاوية بن قرة

( أنَّ رجلًا كانَ يأتي النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ومعَهُ ابنٌ لَهُ
فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : أتحبُّهُ ؟
فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ أحبَّكَ اللَّهُ كَما أحبُّهُ
ففَقدَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ: ما فَعلَ ابنُ فلانٍ ؟
قالوا: يا رسولَ اللَّهِ ماتَ
فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : أمَّا تُحبُّ ألا تأتيَ بابًا
من أبوابِ الجنَّةِ إلَّا وجدتَهُ ينتظرُكَ ؟
فقالَ رجلٌ : يا رسولَ اللَّهِ لَهُ خاصَّةً أم لِكلِّنا ؟
قالَ: بل لِكلِّكُم )

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

( أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها،
فقالت : يا رسول الله ! ادعُ الله له ؛ فلقد دفنت ثلاثة قبله
فقال صلى الله عليه وسلم : دفنت ثلاثة؟!
مستعظمًا أمرها قالت : نعم،
قال : لقد احتظرت بحظار شديد من النار )

أي: لقد احتميت بحمى عظيم من النار

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

وفي صحيح البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( يقول الله عز وجل : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء
إذا قبضت صَفِّيَه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة )

وهناك غيرها من أحاديث المصطفى التي فقهها السلف الصالح
رضي الله عنهم فأحب بعضهم لو أنه قدم فرطا يحتسبه
ويفوز بهذا الفضل

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°

هذا عمر بن عبد العزيز يدخل على ولده
عبد الملك رحمه الله في مرضه الذي مات فيه فيقول :
يا بني!
كيف تجدك ؟

قال:
تجدني -أبتاه- في الموت

قال :
يا بني!
لأن تكون في ميزاني أحب إليَّ من أن أكون في ميزانك

فقال الابن :
يا أبتِ!
والله لأن يكون ما تحبُّه أحبُّ إليَّ من أن يكون ما أحبُّه،
ثم مات عليه رحمة الله


إلي اللقاء مع الجزء الثاني إن شاء الله