المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ( الجزء الثاني - 02 )


حور العين
11-11-2016, 02:36 PM
من:الأخت / غـــرام الغـــرام
أسماء النبي صلى الله عليه وسلم
( الجزء الثاني - 02 )


تحليل قصة حادثة شق الصدر
التي تمت في فترة الرضاعة في ميزان العلم الشرعي :

أيها الأخوة, صح أن ثويبية مولاة أبي لهب أرضعته صلى الله عليه وسلم،
وثبت أن عمه حمزة بن عبد المطلب كان أخاه من الرضاعة،
وصح أيضاً أن حليمة السعدية أرضعته، وعاش معها في البادية،
وقد حدثت معجزة شق الصدر



لا بد من تمهيد لهذه الحادثة
النص أيها الأخوة أو الواقعة ترتدي ثوباً،
فنحن نقبل النص أو الواقعة بثوب معين،
ونرفضها أو نرفض النص بثوب آخر،

مثلاً:
لو قال أحدنا :
لله رجال، إذا أرادوا أراد،
إن ألبست هذا النص ثوب أن هؤلاء الرجال
لهم إرادة مستقلة عن إرادة الله فهو الشرك بعينه، بل الكفر بعينه،
وإذا قصدت من هذا النص, أي أنهم رجال مستجابو الدعوة،
فلا شيء في ذلك



إذا توهمنا أن شق الصدر معناه
أن الله نزع من قلب النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الملكين
حظ الشيطان فكان نبياً

هنا مشكلة ـ قد يأتي إنسان، ويقول:
لو أن الشر علقة سوداء في قلب كل إنسان لمَ لمْ تنزع من كل البشر،
وكلهم إلى الجنة

بل لمَ وضعت أصلاً ؟

أما حينما تفهم شق الصدر إرهاصاً فهي معجزة مبكرة،
ودليل مبكر، فهذه الحادثة في هذه الشروح،
وفي هذا التوضيح، هي إرهاص من إرهاصات النبوة،
فهذا الإنسان الذي ولدته السيدة مريم الصّديقة، وكلم أمه



قال تعالى :

{ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً }
[ مريم : 15 ]

هل نسمي هذه معجزة ؟

هذه نسميه إرهاصًا،
حينما يكبر, ويرسله الله نبياً كلامه في المهد إشارة مبكرة إلى نبوته،
وشق صدر النبي صلى الله عليه وسلم إشارة مبكرة إلى نبوته



ومعنى ذلك أن في النبوة شيئاً اختارهم الله على علم،
وفي النبوة شيء آخر وهبي، فشق الصدر من الوهبيات،
أما محبة رسول الله، وإقباله على الله، وإخلاصه,
وخدمته للخلق هذا من المؤهلات



قال تعالى :

{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحاً وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ
عَلَى الْعَالَمِينَ }
[ آل عمران : 33 ]

هذا دليل مؤهلات، اصطفاهم الله على علم،إن الله اختارني،
واختار لي أصحابي، كل هذه النصوص تؤكد المؤهلات التي يتمتع بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما شق الصدر ، والمعجزات،
والوحي، والذاكرة التي لا تنسى، فهذه كلها من الوهبيات
التي هي أدوات تعريف، وأدوات التبليغ والرسالة




أما نص حادثة شق الصدر,
فعن أنس بن مالك فيما رواه مسلم في صحيحه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرابعة من عمره
أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان, فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه،
فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة،
فقال: هذا حظ الشيطان منك،
ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم أعاده إلى مكانه،
وجاء الغلمان يسعونه إلى أمه أي حليمة السعدية،
فقالوا: إن محمدًا قد قتل،
فاستقبلوه، وهو منتقع اللون



وقال أنس:

وقد كنت أرى أثر المخيط في صدره رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأما شق الصدر الثاني فكان ليلة الإسراء .




رحلته إلى الشام مع عمه أبي طالب :

أيها الأخوة، ولد قبل أن يرى أباه،
لكن أمه توفيت بالأبواء بين مكة والمدينة،
وهو في السادسة من عمره



وقد ترك يتم النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه أثراً عميقاً،
فكان قد ولد يتيم الأب، ثم فقد أمه في طفولته،
لكن جده عبد المطلب كفله ورعاه،
غير أن جده ما لبث أن توفي بعد أن أوصى ولده أبا طالب برعايته،
وكان قد بلغ الثامنة، ولد لا يعرف أباه، في السادسة توفيت أمه،
في الثامنة توفي جده،
وقد وردت روايات كثيرة تفيد عطف أبي طالب عليه، وتعلقه به،
ومما يدل على شدة محبة أبي طالب إياه أنه صحبه في رحلته إلى الشام،
ولعل ضيق حال أبي طالب قد دفعه إلى العمل بمساعدته،
فرعى له غنمه كما رعى لأهل مكة على قراريط




الأنبياء مفتقرون إلى الطعام والشراب :

الآن الأنبياء من خصائصهم في القرآن

{ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ }
[ الفرقان : 20 ]


وأكل الطعام دليل قطعي على أن وجودهم ليس ذاتياً،
الإنسان يستمد في الطعام والشراب قدرته على الحركة،
إذاً: هو مخلوق



إذاً: هو مفتقر إلى الطعام والشراب،
النبي مفتقر في وجوده،
وفي استمرار وجوده إلى الطعام والشراب



إذاً: ليس إلهاً،
هو مفتقر مرة ثانية إلى تحصيل ثمن الطعام والشراب



إذاً:
{ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ }
[ الفرقان : 20 ]


هذا دليل أنهم بشر،
والمقولة التي أرددها كثيراً، لولا أن النبي بشر،
تجري عليه كل خصائص البشر لما كان سيد البشر،

قال تعالى :

{ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ }
[ الفرقان : 20 ]





من ضروريات الشريعة
التي نصت عليها في حفظ الإنسان ومصالحه :

أيها الأخوة, ربنا عز وجل خلق فينا حاجات،
خلق فينما حاجة إلى الطعام والشرب حفاظاً على الفرد،
وخلق فينا حاجة إلى المرأة حفاظاً على النوع،
وخلق فينا حاجة لتأكيد الذات



هذه الحاجات الأساسية تدفعنا إلى العمل،
ولولا هذه الحاجات لما رأيت شيئاً على وجه الأرض،
لما رأيت مسجداً، ولا بناء، ولا جسراً، ولا رأيت زراعة،
ولا صناعة، ولا اختراعاً ،
ولا آلة، فالله عز وجل قهرنا بالعمل عن طريق هذه الحاجات



الآن وأنت تعمل من أجل أن تكسب مالاً كي تأكل،
قد تكون صادقاً أو كاذباً ، منصفاً أو جاحداً، عفيفاً أو غير عفيف،
مخلصاً أو خائناً، أنت من خلال العمل تمتحن،
لكن حرفة الإنسان، أي عمله
يمكن أن تكون عبادة من أرقى العبادات



لكن العلماء قالوا:

العمل إذا كان في الأصل مشروعاً، وسلكت فيه الطرق المشروعة،
وأردت منه كفاية أهلك ونفسك ومن تعول،
وأردت منه أيضاً خدمة المسلمين، ولم يشغلك عن فريضة،
ولا عن واجب ديني انقلب العمل إلى عبادة



لذلك قالوا:

عادات المؤمن عبادات، وعبادات المنافق سيئات،
لأنه يرائي بها ، بينما عادات المؤمن كسبه للمال وحرفته .





أيها الأخوة

هنيئاً لمن كانت حرفته متوافقة مع منهج الله،
والويل لما بنيت حرفته على إيذاء المسلمين،
أو على إلقاء الرعب في قلوبهم، أو على بضاعة محرمة،
أو على سلوك فيه معصية،
فإذا أردت أن تعرف مقامك فانظر فيما استعملك، وكل إنسان،
وأنا أنصح الشباب : اختر حرفة ترضي الله تسعد بها،
واختر زوجة ترضي الله تسعد بها من كسبه للمال وحرفته .





قيمة العمل في الإسلام :

أيها الأخوة, فالعمل شرف،
وأن تضيء شمعة أفضل من أن تلعن الظلام ألف مرة



أخواننا الكرام، الحقيقة دقيقة جداً:

( ولا فتح رجلٌ على نفسِه بابَ مسألةٍ إلا فتح اللهُ عليه بابَ فقرٍ )
أخرجه الترمذي
من حديث أبي كبشة الأنماري في سننه





النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق، وحبيب الحق
كان يرعى الغنم، أنا لا أعتقد أن هناك حرفة من حيث دخلها،
ومن حيث بساطتها، ومن حيث مكانتها أقل من رعي الغنم،





هل رأيتم راعي غنم يعطيك بطاقة فيها عنوانه، وهواتفه،
وموقعه على اﻹنترنت؟

أقل حرفة على وجه الأرض أن ترعى الغنم،
وهذا وسام شرف للنبي لا تخجل من أية حرفة ما دامت شريفة



لا تخجل من أي عمل ما دمت تبتغي به وجه الله،
لا تخجل من عمل تكسب منه رزقك،
ولكن اخجل من معصية، أو اخجل من مذلة،
أو اخجل أن تكن يدك هي السفلى




ما واجب المؤمن اتجاه دينه ؟



فلذلك المؤمن يعمل، ويعمل بتفوق،
وأقول لكم هذه الكلمة، واحفظوها عني الآن لأسباب كثيرة:
إن لم تكن متفوقاً في دنياك لا يحترم دينك،
لأن القوي في كل شيء لا يفهم إلا لغة القوة،
لكن قد يكون إنسان له شأن عند الله كبير



ولكن من أجل أن تنصر هذا الدين
يجب أن تكون متفوقاً في اختصاصك، وفي حرفتك، وفي صنعتك،
إن كنت طالباً كن الأول، وإن كنت صانعاً فكن متقناً لصنعتك،
وإن كنت تاجراً فكن تاجراً كما وصف النبي التجار،
لأنهم يحشرون مع النبيين والصديقين





اختر حرفة تضمن لك دينك :

أيها الأخوة الكرام،
هناك من يرى أن رعي الغنم حرفة فيها صفاء،
وفيها هدوء، وفيها تأمل، وفيها تفكر،
إنسان إذا كان في عمله، بمكان هادئ، وبعيد عن الضجيج،
وعن المدينة، وعن النساء الكاسيات العاريات،
في شوراع بدمشق فيها كل المعاصي والآثام، في أماكن عمل بعيدة،
لكن فيها راحة نفسية، فيها هدوء، فاختر حرفة

كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:

( يُوشِكُ أنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ المُسْلِمِ غَنَماً
يَتّبِعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطَرِ يَفِرّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ )
أخرجه البخاري
عن أبي سعيد الخدري في الصحيح



هناك مهن قد تكون خشنة لكنها أصفى للنفس،
وأحظى للعبد عند ربه، فحرفتك مهمة جداً، لأنها ألصق شيء بك،
وكذلك زوجتك هي ألصق شيء بك





مواقف شهدت لمحمد بن عبد الله قبل النبوة :

أيها الأخوة,
وشهد النبي صلى الله عليه وسلم في شبابه حين بلغ العشرين من عمره
حلف الفضول، الذي تداعى زعماء قريش لعقده وتواثقوا بينهم،
ألا يجدوا بمكة مظلوماً إلا نصروه،
ولا صاحب حق مسلوب إلا أعادوا إليه حقه،
هم مشركون، عبّاد أوثان، لكنهم أرادوا إحقاق الحق،

لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

( خيارُكم في الجاهليةِ ، خيارُكم في الإسلامِ إذا فقُهوا )
أخرجه البخاري
عن أبي هريرة في الصحيح


وحينما أسلم أحد أصحاب النبي,
قال له:

(يا فلان أسلمتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ )
أخرجهما البخاري ومسلم في الصحيح





فالنبي عليه الصلاة والسلام شهد حلف الفضول
قصة حلف الفضول :

ولهذا الحلف قصة: أن رجلاً من زبيد باع سلعة للعاص بن وائل السهمي،
فماطله في الثمن، فشكا الزبيدي إلى قبائل قريش والأحلاف،
فلم يلتفتوا إليه، فوقف عند الكعبة، وأنشد بأعلى صوته قائلاً:

يا آل فهر لمظلوم بضاعتــه ببطن مكة نائي الدار والنفــر
ومحرم أشعث لم يقض عمرته يا للرجال وبين الحجر والحجر
إن الحرام لمن أثت كرامتــه ولا حرام لثوب الفاجر الغــدر





فأثار هذا الشعر نخوة الزبير بن عبد المطلب
عم النبي صلى الله عليه وسلم، فنادى زعماء قريش،
فاجتمع بنو هاشم، وبنو عبد المطلب، وبنو أسد، وبنو زهرة،
وبنو تميم في دار عبد الله بن جدعان،

وتم عقد هذا الحلف الذي حضره محمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثته،
وقد أشاد به بعد نبوته،

من هنا قال بعض العلماء :

الدنيا تصلح الدنيا لا الآخرة تصلح بالكفر والعدل،
ولا تصلح بالإيمان والظلم


من هنا قال العالم نفسه :

إن الله ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة

من هنا طريق النصر,
قال النبي :

( فإنما تنصرون، وترزقون بضعفائكم )
أخرجه أبو داود في سننه

الضعيف ينبغي أن تطعمه إن كان جائعاً، أن تكسوه إن كان عارياً،
أن تعلمه إن كان جاهلاً، أن تعالجه إن كان مريضاً،
أن تؤويه إن كان مشرداً، أن تنصفه إن كان مظلوماً،
حتى نستحق نصر الله عز وجل .

ماذا نستنتج من حلف الفضول ؟

فلذلك هناك ملمح كبير جداً
في أن النبي عليه الصلاة والسلام حضر حلف الفضول ،
وأشاد به بعد بعثته، إذاً: الشيء الصحيح من الطرف الآخر نأخذه،
أنت إذا التقيت مع الطرف الآخر ليكن عقلك مفتوحاً،
في ميزات كبيرة جداً نجدها في العالم الغربي،

لذلك قال بعض العلماء :

إن ثقافة أي أمة ملك البشرية جمعاء،
لأنها بمثابة عسل
استخلص من زهرات مختلف الشعوب على مر الأجيال

وهل يعقل إذا لدغتنا جماعة من النحل
أن نقاطع العسل الذي استخلص من زهراتنا ؟



لذلك سئل أحد المفكرين :

ماذا نأخذ وماذا ندع من حضارة الغرب ؟

قال:

نأخذ ما في رؤوسهم، وندع ما في نفوسهم،
إحساسنا ملكنا، وإحساسهم ملكهم،
والمعرفة قدر مشترك بين كل الشعوب

فأنت حينما ترى شيئاً إيجابياً في العالم الغربي ينبغي أن تأخذه،
فالنبي عليه الصلاة والسلام أثنى على حلف الفضول بعد بعثته،
وحضره قبل البعثة


أي شيء جيد نأخذه عن الآخرين، ونتقوى به،
نحن حينما نقاطع دولة معادية نقاطع بضائعها الاستهلاكية،
أما برامجها وإنجازاتها العلمية ينبغي ألا نقاطعها،
هذه نقوي بها المسلمين .

تم بحمد الله تعالي