المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها


حور العين
11-17-2016, 02:25 PM
من:الأخت / الملكة نـور
التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها

أخوتى عذبوا أنفسكم في طاعة الله بترك شهواتها قبل أن تلقي الشهوة منها
أجسامكم في دبار عاقبتها، واعلموا أن القرآن قد ندبكم إلى وليمة الجنة
ودعاكم إليها فأسرع الناس إليها أتركهم لدنياه، وأوجدهم لذة لطعم تلك الوليمة
أشدهم تجويعاً لنفسه ومخالفة لها فإنه ليس أمر من أمور الطاعة إلا وأنتم تحتاجون
أن تخرجوه من بين ضدين مختلفين بجهد شديد

التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها

اعلم أخى أن النفس والهوى لا يقهران بشيء أفضل من الصوم الدائم،
وهو بساط العبادة ومفتاح الزهد وطلع ثمرات الخير، وأجساد العمال
من شجراته دائم الجذاذ دائم الإطعام، وهو الطريق إلى مرتبة الصديقين،
وما دونه فمزرعة الأعمال، فثمر غرسها وربيع بذرها في تركها،
وفقدها في أخذها، وليس معنى الترك الخروج من المال والأهل والولد،
ولكن معنى الترك العمل بطاعة الله وإيثار ما عند الله عليها مأخوذة ومتروكة،
فهذا معنى الترك لا ما تدعيه المتصوفة الجاهلون.

التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها

أنت من الدنيا بين منزلتين فإن زويت عنك كفيت المؤنة،
وإن صرفت إليك ألزمتها طاعة مولاك، وإن كانت طاعتك لله في شأنها تصلحها
ومعصيتك لله في أمرها يفسدها، فدع منك لوم الدنيا واحفظ من نفسك
وعملك ما فيه صلاحها، فإن المطيع فيها محمود عند الله إنما تلزمه التهمة
وعيب الأخذ لها إذا خان الله فيها، لأن الدنيا مال الله والخلق عباد الله.

وهم في هذا المال صنفان :
خونة وأمناء، فإذا وقع المال في أيدي الخائنين فهو سبب دمارهم
ولا عتب على المال إنما العتب على فعلهم بالمال،
وإذا وقع في أيدي الأمناء كان سبب شرفهم وخلاصهم،
ولا معنى للمال إنما كسب لهم الشرف عند الله فعلهم بالمال أمانة الله
في أموالهم فلحق بهم نفع المال.

التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها


الكيِّس الفطِن هو الذي يجعل نصبَ عينيه أن الدّنيا دارُ اختبارٍ وبلاء،
وأنّها مزرَعةٌ للآخرة، وأن الله تعالى استخلفنا فيها فينظر كيف نعمل

التحذير من الافتتان بالدنيا والركون إليها

أخى ما يزرعه النّاس فيها اليومَ يحصدوه غدًا في الآخرة إن شاء الله تعالى،
فمن زرع الطاعة رجا المغفرة، ومن زرع الشوك لا يجني عنباً،


قال الله تعالى :

{ الَّذِى خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً }
[ الملك :2 ]

و
هي صائرةٌ إلى فناءٍ وزوال،


قال الله تعالى :

{ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلْالِ وَالإكْرَامِ }
[ الرحمن : 26 ، 27 ].


فوائد من كتاب الزهد الجزء الاول