المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفحة يوم الجمعة


حور العين
11-19-2016, 04:39 PM
من:الأخت الزميلة / أمانى صلاح الدين
مهنا بن نعيم النجم

ولدي الحبيب الغالي – هداك الله لما يحبه ويرضاه
كالعادة التي لا تفارقك خرجت من غرفتك بجفنين مثقلين،
وفم يتدافع منه التثاؤب، أزارير قميصك مفتوحة ماسِكاً هاتفك النقال،
وصوتك المرتفع أين الشاي، هل اتصل بي أحد؟
ونظرات تبعثرها هنا وهناك علَّكَ تجد سبباً للنزاع مع من حولك !!

فماذا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله... يا بني - تجاهل الابن الوضع
وكأنه لم ير شيئاً محاولاً تجنب حوار قد يعيقه عن موعد مع أحد أصدقائه،
لكن والده هذه المرة قد عقد العزم على الفصل في وضع ابنه
جاءت الأخت تحمل الشاي والخوف يدفعها،
قال لها الأب ضعيه في المجلس فبدت على محيا الابن علامات الضجر
وبرغم علمه أنه المقصود قال هل سيأتيك ضيوف يا أبي ؟
قال الأب: لا، لكنني أود الجلوس معك على انفراد
ومضى الأب إلى المجلس وتبعه الابن بخطوات مثقلة،
وأخته تتبعه بنظرة فرح لموقف والدها.

وبعد أن جلسا رفع الأب بصره إلى السماء ودفع من صدره آهة كبيرة
ولسان حاله يسأل الإعانة في حوار يأمل أن يكون تربوياً ونافعاً.
ثم قال: يا بني عمرك الآن ثمانية عشر عاماً وأنت مازلت تجرجر أفعالك
من زمن الصبا ... تنام عن الصلوات المكتوبة ولا تبالي متى تؤديها
ولا كيف تؤديها، وعندما تستيقظ، تستيقظ معك حالة من الطوارئ !
كل من في البيت يحاول جاهداً تجنب مقابلتك أو الصدام الخاسر معك،
تبذل وقتك في السهر مع رفاقك، وتأبى أن تصحب إخوتك إلى الطبيب،
أو حتى أمك إلى السوق، يأتينا الضيوف فلا يجدونك ونذهب إليهم
فلا ترافقنا، تمضي الساعات الطوال مع أصحابك في لعب الورق
ومشاهدة القنوات الفضائية أو في الأحاديث التافهة،
وتبخل على مستقبلك بساعة تقضيها في مراجعة دروسك،
همك أن تجد ملابسك قد أعيد كيها !!
وتسأل عن أدق التفاصيل فيها ولا يخطر ببالك أن تسأل عن جدتك المريضة،
أهذه حياة ترضاها لنفسك ؟
أهذا طريق تأمل أن يقودك إلى السعادة الحقيقية.
أتحدى أن تكون قد أمضيت خمس دقائق تتأمل فيها وضعك
ووضع أصحابك
الذين تصحبهم إلى ما بعد منتصف الليل حين تعود إلى المنزل
وكأنك فارس زمانك،
اسأل نفسك كم مرة مضى على آخر مرة تناولت فيها العشاء معنا ؟
اسألها عن آخر مرة زرت فيها جدتك ؟
بل اسألها عن آخر مرة صليت فيها فرضاً غير الجمعة في المسجد ؟!
بل إنك حتى صلاة الجمعة كثيراً ما تفوتك الركعة الأولى منها،
أنا لا أطلب منك المستحيل ولا أنتظرك أن تعفيني من بعض واجباتي
تجاه أسرتي، بل أريدك أن تضع قدمك على الطريق الصحيح،
ولك أن أفرش دروبك بالورد ما استطعت.
يا بني؛ بعد الليلة الأولى من رمضان الماضي لم أرك تقرأ في كتاب الله الكريم
غير أنك تمضي الساعة والساعتين تقرأ كل سطر في الصحف،
لا يا بني هذه ليست عيشة أرضاها لفلذة كبدي...
بماذا تفكر يا بنيّ، كلما تكلمت معك، خجلتُ من نفسي ، وأنت لا تُبالي!
يا بنيّ؛ أدرك ركب الصالحين من الصحابة والتابعين ...
فها أنا أنصحكَ لأوفيك حقك، لكي أنجو منك يوم يفر المرء من أخيه،
وأمه وأبيه... يا بنيّ رضي الله عنك وأرضاك هل تنبهتّ لِم أريده منك ؟
والله أسأل أن يهديك ويتوب عليك، ويتقبلك في الصالحين ،،، .