المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لأنـك اللـه (15)


حور العين
09-04-2017, 10:56 PM
من:الأخت الزميلة / جِنان الورد


http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

لأنـك اللـه (15)

- رحلة إلى السماء السابعة أ. *علي بن جابر الفيفي*

الدرس الخامس عشر

.• *الهادي* •

- لا يهديك لأنك فلان ابن فلان، بل لأنه شاء أن يهديك!



{ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }



-- *الهادي*

- هل أكلتك الحيرة؟ هل تشعر أن عقلك أعجز من أن يحدد لك الصواب

من الخطأ، هل عُرضت عليك وظيفتان لا تدري أيهما أنسب لك؟

هل تزاحمت في عقلك مميزات فتاتين لا تدري أيهما تتزوج؟ بل هل تعبت

من درب الضياع وتريد أن يمن الله عليك بأن يدلك إلى طريق النور

والهداية؟ أنت إذن مهيأ لبداية عهد جديد مع اسم الله "الهادي"..



أنت تحتاج أن تتعرف إلى هذا الاسم العظيم، أن تسترشد الهادي سبحانه

ليوقف في نفسك جيوش الحيرة، ويهديك إلى الصراط المستقيم!



-- *دفء*

- الهداية أصلها اللغوي يدل على الميل، وكأن الهداية ميل عن الخطأ

إلى الصواب وعن الضلالة إلى الرشد، وعن التيه إلى الجادة.



فهو سبحانه يهديك، فيحرف مسارك عن الضلالة إلى الرشد،

وعن الغواية إلى الطريق الأقوم.



- وكما أنه يهديك، فكذلك يهدي إليك!



فيوصل الأشياء التي بها قوام حياتك إليك: يوصل الماء إلى الأرض التي

تقطنها، ويوصل الغذاء إلى المكان الذي تعيش فيه، ويوصل الهواء

إلى رئتيك..



- وهو يهدي جميع خلقه هدايات متعددة بحسبهم وبحسب أحوالهم:



فالأعمى هدايته أن يسير على الطريق، وهداية الأصم أن يفهم ما يقال،

وهداية العاجز أن يصل إلى مبتغاه..

هداية الطفل أن يبعده عما يضره



- وهداية العجماوات أن يغرز في نفوسها ما فيه قوام حياتها، فتعلم

مصالحها فتأتيها، وتعلم مضارها فتجتنبها، وتعلم المخاطر فتقاومها.



يهدي التائهين في الصحاري..

- ويهدي القارئ إلى موضع المعلومة..



ويهدي المكتشف إلى الاختراع..



- ويهدي المجتهد إلى ذليل المسألة..



ويهدي الداعية إلى الأسلوب الأسلم..



- ويهدي الأب إلى الطريقة المثلى في نصح ابنه..



-- *ليست صدفة*!

يهديك بما تظنه صدفة، يهديك بآية تسمعها في صلاة، ويهديك برؤيا

تراها، ويهديك بنصيحة عابرة، ويهديك بكلمة تقع عينك عليها في كتاب،

ويهديك بتأمل، ويهديك بومضة غير مسبوقة بتفكير، ويهديك بظروف

تدفعك إلى الصواب، ويهديك بالخوف، ويهديك بالحب، ويهديك بالموت!



- أما سماع القرآن فأصل الهدايات، ومن أعظم ما جعله الله سببًا لهداية

عباده، فقد ضمن فيه كل أسباب الهداية والرشد،



-🖱- قال تعالى:



{ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }



فيستحيل على عالم عامل بما في القرآن أن يصاب بزيغ أو انحراف

أو نكوص! وقصة إسلام عمر بن الخطاب معروفة، فقد دخل على أخته

والشر يتطاير من عينيه فلما قرأ في صحيفة معها أول سورة طه، سجد

قلبه في محراب الإيمان ولم يرفع حتى مات رضي الله عنه ..



- ترى ما هو الشعور الذي شعر به؟ وما هو اليقين الذي نزل قلبه في تلك

الساعة؟ وكم في القرآن من هدايات غضضنا عنها طرف التدبر، وكم فيه

من إرشادات انقفلت عنها قلوبنا؟



-- *لا .. ولا*

ومن أشكال الهداية أن ترى رؤيا فيها شفاؤك أو تحذير لك أو إرشاد، يقال

إن أحدهم كان مريضًا فرأى في منامه أن علاجه في "لا" و"لا"، فذهب

إلى شيخ يسأله فقال لا أدري ولكني أختم القرآن كل يومين، فأمهلني لعلي

أجد شيئًا في القرآن أعبر به رؤياك، وبعد يومين جاءه وقال له شفاؤك

في زيت الزيتون،



-🖱- قال تعالى في سورة النور:



{ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ }

فهذه هداية برؤيا.



- ومن أنواع الهداية التي تشبه الهداية بالرؤى لما فيها من معنى

الاستنباط والاستدلال بالشبيه على شبيهه.. الاستشفاء بعمل طاعات

لها صفة قريبة من حال المرض!!



جاء رجل إلى أحد العلماء يشتكي الاستسقاء وهو مرض تتجمع بسببه

السوائل في جسم الإنسان وقد يودي بحياته، فأوصاه أن يحفر بئرًا

ويوقفها، فحفر البئر فبرى بإذن الله!



- رأى هذا العالم تشابهًا بين انحباس السوائل في الجسد وانحباس الماء

في الأرض، فظن أن هذه الطاعة (حفر بئر) مشابهة لحال المرض،

وأن الشفاء قد يكون فيها..



أحد الزملاء يخبرني أنه دهس ابنة أخيه ذات العامين بسيارته (الجيب)

وهو ذاهب إلى الصلاة دون أن يدري، فهرع بها والدها إلى المستشفى

والموت يلوح بين عينيها، والأطباء يخبرونه بأن نسبة موتها ثمانون

في المئة!



- فاتصل ابن عم لهم بزميلي مستخبرًا وناصحًا، وأوصاه بسرعة ذبح شاة

والتصدق بلحمها بنية الشفاء! ففعل ما أوصاه به ابن عمه فلم يأت الفجر

إلا وقد أخرجت تلك الطفلة من العناية الفائقة!!



هدى الله سبحانه ابن العم إلى تناسب ما بين اللحم المتصدق به، ولحم

الطفلة المتهتك، فكان الشفاء من الله أصدق من توقعات الأطباء!!



- أما الهداية بنصيحة عابرة: فيقال إن مغنيًا كان حسن الصوت مر به أحد

الصالحين فقال له: ما أجمل صوتك، يا ليته تغنى بالقرآن، فتاب ذلك

الرجل من حينه!



والهداية بالنصيحة أوسع وأوضح من أن نمثل لها..



- وقد يهديك بالتآمل، ومن أوضح شواهد هذه الهداية قصة سيدنا إبراهيم

عليه السلام والذي عندما جن عليه الليل رأى كوكبًا، والقصة معروفة

فهنا تأملات في آيات الكون سببت هداية ويقينًا له عليه الصلاة والسلام.



-- *قبس من نور*

يبصر من عليائه التائهين، يرى هضاب الضياع وقد التفت من حول

أرواحهم، فيشعل لهم في الليل قبسًا من نوره، فيرون به الطريق!

ويصلون إلى الجادة.



- لا يهديك لأنك فلان ابن فلان، بل لأنه شاء أن يهديك!



{ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

فتعرض بإصلاحك قلبك إلى تلك المشيئة الغالية.



- قد يهديك ثم لا تقوم بواجب تلك الهداية من شكر وعمل بمقتضاها

فيسلبها منك، مثل ذلك الرجل الذي آتاه الله آياته



{ فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ }



وقد يهديك فتشكره وتعمل بمتقضى الهداية فيمن عليك ، بهداية أخرى

فتشكره وتعمل بمقتضاها ثم يفضل عليك بهداية ثالثة ورابعة،

ويجعل حياتك هدايات يمسك بعضها ببعض..



- فهؤلاء فتية الكهف هداهم بأن جعلهم مؤمنين، ثم هداهم أيضًا بأن

جعلهم صابرين على إيمانهم، ثم هداهم بأن دلهم على طريق النجاة،

ثم هداهم بأن هيأ لهم حالًا أنجاهم بها، بأن ضرب على آذانهم

في الكهف سنين عددا،



-🖱- قال عنهم سبحانه:



{ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى }



-- *بوصلة ضائعة*

- في وسط الصحراء المظلمة، لا تعلم أين تتوجه، وعدم معرفتك هذه

تعني الموت المحتم، لأنك بلا زاد ولا راحلة، وفجأة تجد شعورًا ملحًا

بأمرك أن تتجه إلى اتجاه معين، ليس لديك معرفة بالنجوم، وبوصلتك

ضائعة، ورفاقك سبقوك! فتتجه إلى ذلك الاتجاه، وبعد تلاعب كثبان

الصحراء بك، وإذ بعينيك تلمحان بصيص نور، إنهم رفاقك هناك، في آخر

نقطة من الحياة ينتظرونك بلهفة!



الآن حدثني عن ذلك الشعور؟ ما هي المعادلة التي جعلته يبزغ في تلك

اللحظة؟ ولماذا جاء؟ وكيف كان دقيقًا إلى هذه الدرجة؟



- لقد كان الله في تلك اللحظة يبصر اضطراب الرعب في قلبك، لقد كان

يسمع وجيف فؤادك، لقد علم تمثل الموت عطشًا في نفسك، فأذن لوميض

داخلي أن يشتعل لتحس بالطريق، وتصل بسلام.



لا تتعلق بحرفية التجربة، فقد لا تكون عشتها، ولكنك ولا شك عشت أنت

أو من تعرفه أجواء قريبة من تلك الأجواء، والسؤال الأهم من جميع

التفاصيل: من الذي قذف الهداية في روح قلقة، محتاجة إلى بصيص؟



🔷•• إنه الهادي سبحانه.. •• 🔷

•• وإذا العنـــــــــايــة لاحظتــــك عيونهـــــــــا

نم فالحــــوادث كلهـــن أمـــــــان



- وفي وسط تلاعب الموج بسفينتك، يأمر الريح فتكون شمالية في تلك

الساعة لأن جزيرة النجاة في الجنوب منك ستتمزق أشرعة سفينتك

لولا تلك الرياح التي قدرها الهادي سبحانه.



يخرج ابن تيمية من بين البيوت وقد ازدحمت الأقوال في رأسه حول

تفسير آية، يقرأ عنها عشرات التفاسير، فلا تخلصه تلك التفاسير من

ضوضاء الحيرة، فيمرغ وجهه بالتراب ويبكي ويقول: "يا معلم داوود

علمني ويا مفهم سليمان فهمني، فيعود وقد تحددت الأقوال الراجحة

في عقله بنور الهداية الربانية!



•• إذا لم يكـــن عــــــون من الله للفتى

فــــــأول ما يقضي عليــــــه اجتـــــهاده



🔷 يتبع 🔷

وصلى اللهم وبارك على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم

جزى الله كل من ساعد على نشر هذه الدروس كل خير،