المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تيسير الكريم المنان في تدبر القرآن 3


vip_vip
10-30-2011, 01:30 PM
تيسير الكريم المنان في تدبر القرآن 3
مقدمة عن القرآن 3
المحكم والمتشابه من الآيات

تعريف المحكم (http://www.ataaalkhayer.com/)والمتشابه


تعريف المحكم :-


أ- الإحْكام لغة:
الإتقان البالغ، ومنه البناء المحكم الذي أتقن، فلا يتطرق إليه الخلل أو الفساد ,
أما اصطلاحاً فقد اختلف الأصوليون في تعريفه على أقوال منها :


أن المحكم ما عرف المراد منه ، إما بالظهور أو بالتأويل


أن المحكم لا يحتمل من التأويل إلا وجهاً واحداً


أن المحكم هو الواضح الدلالة الذي لا يحتمل النسخ


أن المحكم ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان


أن المحكم هو المتقن الذي لا يتطرق إليه الإشكال


-تعريف المتشابه :


أ- لغة:
مأخوذ من الشَّبَه، وهو التماثل بين شيئين أو أشياء ولما كان التماثل بين الأشياء يؤدي إلى الشك والحيرة ، ويُوقع في الالتباس ، توسعوا في اللفظ ، وأطلقوا عليه اسم " المتشابه ".


يقال: اشتبه الأمر عليه ، أي التبس عليه


أما اصطلاحاً فقد اختلف فيه أيضاً على أقوال:


ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة، وخروج الدابة والدجال


ما لم يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده إلى غيره


ما احتمل أكثر من وجه


ما كان غير واضح الدلالة ويحتمل النسخ


ب- القرآن من حيث الإحكام والتشابه يمكن اعتبار القرآن محكماً كله أو متشابهاً كله أو إعتبار بعضه محكماً وبعضه متشابهاً وتفصيله التالي:


القرآن كله محكم: بمعنى إحكام ألفاظه وعدم وجود خلل فيه، المراد بإحكامه أيضاً: إتقانه، وعدم تطرق النقص والاختلاف إليه.
قال تعالى:
{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}
[هود: 1].


القرآن كله متشابه: بمعنى أن آياته متشابهة في الحق والصدق، والإعجاز، والهداية إلى الخير.
قال تعالى:
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ}
[الزمر: 23].


بعض القرآن محكم وبعضه متشابه: بمعنى أن الآيات المحكمة هي أم الكتاب أي أن هذه الآيات جماع الكتاب وأصله، فهي بمنزلة الأم له، لا غموض فيها ولا التباس، كآيات الحلال والحرام التي هي أصل التشريع، بخلاف الآيات المتشابهة التي تختلف فيها الدلالة، على كثير من الناس، فمن رد المتشابه إلى المحكم الواضح فقد اهتدى. قال تعالى:
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}
[آل عمران: 7].


جـ- رد المتشابه إلى المحكم


قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}
[الزمر: 53].


هذه الآية متشابهة تحتمل معنيين:


المعنى الأول: غفران الذنوب جميعاً لمن تاب.


المعنى الثاني: غفران الذنوب جميعاً لمن لم يتب.


رد الآية المتشابهة إلى المحكمة: وهي قوله تعالى:
{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}
[طه: 82].
تبين من الآية المحكمة أن الله يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب وهو مؤمن واتبع طريق الهدى


د- حكمة ورود المحكم والمتشابه.


إن الله سبحانه احتج على العرب بالقرآن، إذ كان فَخْرُهم ورياستهم بالبلاغة وحسن البيان، والإيجاز والإطناب، والمجاز والكناية والإشارة والتلويح، وهكذا فقد اشتمل القرآن على هذه الفنون جميعها تحدياً وإعجازاً لهم.


أنزل الله سبحانه الآيات المتشابهات اختباراً ليقف المؤمن عنده، ويرده إلى عالِمِهِ، فيَعْظُم به ثوابه، ويرتاب بها المنافق، فيستحق العقوبة


ولقد أشار الله تعالى في كتابه إلى وجه الحكمة في ذلك بقوله:
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا}
[البقرة: 26]
ثم قال: جواباً لهم:
{يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا}
فأما أهل السعادة فيعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، فيستوجبون الرحمة والفضل، وأما أهل الشقاوة فيجحدونها،فيستوجبون الملامة


أراد الله عز وجل أن يشغل أهل العلم بردّه إلى المحكم، فيطول بذلك فكرهم، ويظهر بالبحث اهتمامهم، ولو أنزله محكماً لاستوى فيه العالم والجاهل، فشغل العلماء به ليعظم ثوابهم وتعلو منزلتهم، ويكرم عند الله مآبهم.


أنزل المتشابه لتشغل به قلوب المؤمنين ، وتتعب فيه جوارحهم وتنعدم في البحث عنه أوقاتهم، ومدد أعمارهم، فيجوزوا من الثواب حسبما كابدوا من المشقة.


وهكذا كانت المتشابهات ميدان سباق تنقدح فيه الأفكار والعلوم.


هـ- منشأ التشابه


نشأ التشابه من خفاء مراد الشارع في كلامه، فمرة يرجع إلى اللفظ، ومرة يرجع إلى المعنى، ومرة يرجع إلى اللفظ والمعنى.


اللفظ: قوله تعالى:
{فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ}
[الصافات: 93].


فلفظة: اليمين تحتمل استعمال يده اليمنى غير الشمال، وتحتمل أيضاً أن الضرب كان بقوة، لأن اليمين أقوى الجارحتين، وتحتمل أن الضرب كان بسبب اليمين التي حلفها إبراهيم،


و- آيات الصفات


إنها محكمة لكونها صفات الله تعالى، متشابهة بالنسبة لنا من حيث كيفيتها مثل صفة: الاستواء على العرش، فهي معلومة في معناها، ولكن الكيف مرفوع كما قال الإمام مالك: الإستواء معلوم، والكيف مرفوع، والسؤال عنه بدعة. أي معنى الاستواء معلوم، ونثبت له كيفية، فصفات الله منزّهة عن الكيف، والسؤال عن الآيات المتشابهات.


أسباب النزول


القران الكريم من حيث أسباب النزول قسمان :-


قسم نزل بدون سبب ، وهو أكثر القرآن


قسم نزل مرتبط بسبب من الأسباب , ومن هذه الأسباب :


أ- حدوث واقعة معينة فينزل القرآن الكريم بشأنها :


عن ابن عباس قال: لما نزلت:
{وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}
[ الشعراء: 214]
خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا، فهتف : يا صباحاه ، فاجتمعوا إليه فقال " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟.." الحديث ، فقال أبو لهب تباً لك ، إنما جمعتنا لهذا ، ثم قام ، فنزل قوله تعالى:
{تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}
[المسد: 1].


ب-أن يُسال الرسول صلى الله عليه وسلم عن شيء، فينزل القرآن ببيان الحكم مثال ذلك : عن عبد الله قال: إني مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة وهو متكىء على عسيب، فمر بنا ناس من اليهود فقالوا: سلوه عن الروح، فقال بعضهم: لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون ، فأتاه نفر منهم فقالوا له: يا أبا القاسم ما تقول في الروح؟ فسكت، ثم قام، فأمسك وجهه بيده على جبهته، فعرفت أنه ينزل عليه، فأنزل الله عليه:
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}
[الإسراء: 85].


جـ- الحكمة والفوائد من أسباب النزول.


-الحكمة:


أ- معرفة وجه ما ينطوي عليه تشريع الحكم على التعيين لما فيه نفع المؤمنين وغير المؤمنين، فالمؤمن يزداد إيماناً على إيمانه لما شاهده وعرف سبب نزوله، والكافر إن كان منصفاً يبهره صدق هذه الرسالة الإلهية فيكون سبباً لإسلامه، لأن ما نزل بسبب من الأسباب إنما يدل على عظمة المُنزل وصدق المُنزَل عليه.


-الفوائد:


أ- الاستعانة على فهم الآية وتفسيرها وإزالة الإشكال عنها، لما هو معلوم من الارتباط بين السبب والمسبب.


قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.


قال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن.


قال ابن تيمية: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.


وقد أشكل على مروان بن الحكم قوله تعالى:
{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا...}
[آل عمران: 188].


وقال: لئن كان كل امرىء فرح بما أُوتي، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً، لنعذبنَّ أجمعون، حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، وأَرَوْه أنهم أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه.


ب- أن لفظ الآية يكون عاماً، ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عُرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته.


أمثلة عن أسباب النزول


قوله تعالى:
{سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنْ النَّاسِ}
[البقرة: 142]
نزلت في تحويل القبلة, لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يتوجه نحو الكعبة، فأنزل الله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}
[البقرة: 144]،
فقال السفهاء من الناس-وهم اليهود-
{مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا}
قال الله تعالى:
{قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ}
[البقرة: 142].


قوله تعالى:
{يوصيكم الله في أولادكم}
[النساء : 11] ,
عن جابر قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان، فوجدني لا أعقل، فدعا بماء فتوضأ، ثم رش عليَّ منه فأفقت فقلت: كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت:
{يوصيكم الله في أولادكم}.


قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}
[المائدة: 101] ,
عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي ؟ فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.


قوله تعالى:
{وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}
[هود:114] ,
عن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن آتيها وأنا هذا فاقض فيّ ما شئت، قال: فقال عمر: لقد سترك الله لو سترت نفسك، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، فانطلق الرجل فأتبعه رجلاً ودعاه، فتلا عليه هذه الآية، فقال الرجل: يا رسول الله هذا له خاصة؟ قال: " لا، بل للناس كافة "

إنتهى (http://www.ataaalkhayer.com/)