المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح الدعاء (2)


حور العين
12-14-2018, 07:55 AM
من: الأخت/ الملكة نور

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

شرح الدعاء من الكتاب و السنة (2)


فعن وهيب بن الورد أنه قرأ:

{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا }

، ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت

مشفق أن لا يتقبل منك ).

وهذا كما حكى اللَّه تعالى عن حال المؤمنينَ الخُلَّص في قوله تعالى:

{ وَالَّذينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا }

، أي يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات:

{ وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ }

، أي: خائفة ألاّ يتقبل منهم، كما جاء في الحديث أن عائشة رَضْيَ اللَّهُ

عنْهَا سألت رسول ‏اللَّه عن هذه الآية:

( أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ،

وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ

لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ،

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ }

، والتعرض لوصف الربوبية في دعائهم؛ لأن إجابة الدعاء من شأن

الربوبية وخصائصها لما فيها من معاني التربية والإصلاح والتدبير، وقولهما: ( تَقَبَّلْ مِنَّا ):

( القبول: أخذ الشيء والرضا به، فتقبّل اللَّه سبحانه للعمل أن يتلقّاه

بالرضى فيرضى عن فاعله، وإذا رضي اللَّه تعالى عن فاعله، فلا بدّ أن يثيبه الثواب الذي وعده إيّاه )

وقولهما:

{ إنَّكَ أنْتَ ‏السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }

تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.



والسميع والعليم اسمان للَّه تعالى من أسمائه الحسنى يدلاّن على صفة السمع والعلم، أي: أنت السميع لأقوالنا التي من جملتها دعاؤنا العليم بما

في ضمائر نفوسنا من ‏الإذعان لك، والطاعة في القول والعمل، ولا يخفى عليك شيء في قلوبنا.

( وقصر صفتي السمع والعلم عليه تعالى لإظهار اختصاص

دعائهما به تعالى، وانقطاع رجائهما عمّا سواه بالكلية ).

( ولمّا كان العبد مهما كان، لابدّ أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى التوبة

قالا:

{ وَتُبْ عَلَيْنَا }،

قالاه هضماً لأنفسهما، وتعليماً للذرّية بعدهما أن يلازموا هذا الطلب، والمقصد الجليل )

‏وقولهما:

{ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }

: هذه الجملة كسابقتها تعليل لطلب القبول، ومزيد استدعاء للإجابة.

‏التواب: أي أنك كثير التوبة على عبادك، فهو يقبل التوبة من عبده

كلما تكررت التوبة منه إلى ما لانهاية.

الرحيم: أي ذو الرحمة الشاملة للمؤمنين يوم القيامة، وهذا الاسم:

يخصّ به المؤمنين يوم القيامة، أما الرحمن فهي رحمته تبارك وتعالى الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا مؤمنهم وكافرهم، إنسهم وجنهم .



الفوائد: ‏تضمنت هاتان الآيتان الكثير من الفوائد الجليلة منها :



1- أهمية القبول حيث إن مدار الأعمال الصالحة عليه، وذلك يقوم على الإخلاص للَّه تعالى، والاتباع لما جاء به الشرع المطهر .

2- دلّت الآية : أنّ على العبد ملازمة سؤال اللَّه قبول أعماله بعد أدائه لها، و منها الدعاء، فقد كان هذا من هدي المصطفى : فإنه كان يستغفر ثلاثاً

بعد الصلاة، وكان يقول بعد صلاة الصبح:

( اللّهمَّ إنّي أسألك علماً نافعاً، ‏ورزقاً طيباً، وعملاً مُتقبّلاً )

و كان يقول :

( ربّ تقبّل توبتي، واغسل حوبتي، وأجب دعوتي ) ،

وكان يستعيذ من عمل لا يُرفع :

( اللّهمّ إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن عمل لا يُرفع ) ، وغير ذلك .

3- ينبغي للعبد أن يكون في حال عبادته لربه ودعائه، ‏خائفاً راجياً، كجناحي الطائر، فلا يغلّب الخوف، فيقع في القنوط، ولا يغلب الرجاء،

‏فيقع في الغرور، والأمن من مكر اللَّه تعالى .

4- التوسّل إلى اللَّه تعالى بأسمائه وصفاته ما يناسب المطلوب والسؤال؛ فإن (السميع) مناسب في سماع دعائهما، و(العليم) مناسب للعلم بنياتهما، وصدق تضرعهما، وكذلك (التواب الرحيم) ..

5- ملازمة التواضع والإخبات للَّه تعالى في حال القيام بطاعته ولو بأجلّ العبادات والمقامات.

6- أن الدعاء ملجأ ومقصد كل الأنبياء والمرسلين، ‏وأن العبد لا غنى

له عنه في كل أحواله الشرعية والدنيوية.

7- طرد الإعجاب بالنفس، وعدم الإدلال على اللَّه تعالى بما قام

من العمل، فإنّ ذلك مفسد للعمل.

8- أهمية سؤال اللَّه تبارك وتعالى الثبات على الإسلام،

( وهو يشمل على الاستسلام للَّه تعالى ظاهراً أو باطناً ).

9- ( أنه ينبغي للإنسان أن يشمل ذريته في الدعاء، ‏لأنّ الذرية

الصالحة من آثار الإنسان الصالحة؛ لقوله تعالى:

{ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ } .

10- ( شدة افتقار الإنسان إلى ربه تعالى؛ حيث كرر كلمة ( ربنا )،

وأنه بحاجة إلى ربوبيته اللَّه تعالى الخاصة التي تقتضي عناية خاصة ) .