المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارتعاش اليدين (2)


حور العين
03-13-2019, 07:03 AM
من الإبنة/ إسراء المنياوى

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642

ارتعاش اليدين عند الغضب والتوتر (2)

ولعله لا يَخفى عليكِ أنكِ لا تسيرين
على هذا الدرب وحيدةً، ولا تخوضين غِمار تلك المعركة الوهمية بمفردكِ؛
فالرهاب الاجتماعي يعانيه الكثير ممن هم في عمرٍ أقل مِن عمركِ
أو أكثر قليلًا، والكثيرون أيضًا يستطيعون التغلب عليه دون الحاجة
لتناول علاجات دوائية، ويكتفون بالعلاج السلوكي الذي يتمكنون
من تطبيقه بأنفسهم، عندما يتمتَّعون بإرادة ووعي وقوة شخصية،
ويبدو لي أن هذا متوفرٌ لديكِ ولله الحمد!

أنصحكِ أن تبدئي مع نفسكِ - قبل زيارة المختص النفسي أو
الطبيب المعالج - ببعض التدريبات المعروفة
التي انتفع بها الكثير ممن يعانون ما تعانينه.

عليكِ أن تتدربي على الجلوس وحدَكِ في وضع استرخاءٍ، وتتخيَّلي
أنكِ تتحدثين أمام جماعة كبيرة من الناس حول موضوعٍ ما،
والأَولى ألا يقلَّ وقتُ هذا التدريب عن 20 إلى 30 دقيقة في اليوم،
ولا تَمَلِّي تَكرارَ هذا المشهد بشكل يومي؛ حتى تعتاده النفسُ،
ويتقبَّله عقلُكِ الباطن، وتستقر لديه تلك الصورة تمامًا.

يتم بعد ذلك تعديلُ هذا التدريب، ويُصبح أكثر تقدمًا، فيكون أمام
بعض الأهل أو الأسرة أو الصديقات المقربات، ولتَبدئي بعدد قليلٍ
ممن لا تتحدَّثين أمامهم كثيرًا، وأنصَح أيضًا أن تُلقي محاضراتكِ
باستدعاء إحدى الطالبات ممن لا تَشعرين بأهمية كبيرة لوجودهنَّ؛
كإضافة لعددٍ طالبات الفصل، ولتَزيدي عليها طالبةً أخرى في اليوم التالي،
ثم إحدى المعلمات المُقربات، ثم تستدعي غيرها؛ حتى يزيد العدد
بصورة تدريجية بطيئة، وحينها لن يكون هناك فارقٌ كبير بين العدد
الذي تُلقين أمامه محاضراتكِ وبين العدد الذي تُريده المشرفة.

إلى جانب هذا التمرين بإمكانكِ أن تتخيَّلي نفسك تَخوضين أمرًا شاقًّا
وصعبًا، أو تتسلقين مكانًا عاليًا، وتَقفين حيث يراكِ الناس جميعًا،
ويكون التدرُّب عليه أو تَخيُّلُه لمدة يسيرة كخمس دقائق مثلًا.

عند التعرض لموقف الرعشة أمام الناس، عليكِ أن تتيقَّني مِن أنها
تكاد تكون منعدمة أو خفيفة، فلن يلاحظها غيرُكِ، وإن تنبَّه إليها أحدهم
فلن يُعيرَها اهتمامًا كبيرًا في جميع الأحوال، وإن سيطر عليكِ العقل
بأن الرعشة واضحة وتدعو إلى الإحراج، فبإمكانكِ أن تُظهري ردة فعلٍ
طبيعية توحي بالثقة، كما كانت تفعل إحدى الصديقات التي أعرفها شخصيًّا؛
حيث كانت تبتسم للحضور قائلةً لهم: أرأيتم كيف أُصبتُ بالتوتر بسببكم!
وهذا قد يكون مناسبًا عند توبيخ الطالبات، فتقولين لهنَّ:
انْظُرْنَ لقد غضِبتْ يداي أيضًا منكنَّ! وبهذا يتحول الموقف
إلى طُرفة يَقبلها الجميع ولا يرونها عيبًا اجتماعيًّا.

يجب أن تَخرُجي بقدر الاستطاعة مِن بَوتقة الانطواء،
وأن تتعاملي مع الناس وتواجهيهم، وذلك بحضور المناسبات،
وتوسيع نطاق الصداقة، والتعامل الخفيف مع مختلف أنواع البشر،
وعدم التهرب من الناس مهما غلبتْكِ الرعشة وخشيتِ أثرَها،
وقد رأيتِ كيف يكون الأمر في أوله فقط، ثم يتلاشى أثره مع مرور بعض
الوقت واعتياد الموقف؛ "تحدث الرعشة في بداية الدراسة أمام الطالبات،
ثم تَختفي بقية الأيام"! فلا مناص مِن مواجهة الموقف حتى يزول مِن تلقاء نفسه!

أَنصحكِ أيضًا أن تُحرِّكي يديكِ حال تعرُّضكِ لذلك الموقف،
كأن تُمسكي بجوَّالكِ أو تفتحي حقيبتكِ الخاصة، أو تُصلحي حذاءكِ،
أو تُطبقي يديكِ، فتُمسكي إحداهما بالأخرى في حركة هي أقرب للتعبير
عن التفكير مثلًا، والمقصود من ذلك أن تُغيِّري وضعيةَ اليدين حال تصوُّركِ
أنهما ترتعشان، وقومي بتحريكها في أكثر من جهة
عدة مرات حتى يزول ما تعتقدينه!

اعلمي بُنيتي أنكِ لستِ مريضةً، وأن ما تعانينه هو حالة يَسهُل التعامل
معها في كثير من الأحيان، وأن شخصية متفتحة وواعية مثلكِ،
لن يُعجزها تطبيقُ كل الأفكار السالفة، وزيادة عليها مِن عندكِ بما
تعلمينه من نفسكِ، وبما يُقوِّي لديكِ ذلك الضَّعف البشري الذي أرى قدرًا كبيرًا
منه لا يَخرُج عن كونه أمرًا طبيعيًّا، خاصة عندما تكون شخصية رقيقة مثلكِ!

قد يتوارث الإنسانُ بعض السمات الشخصية؛ كسرعة الغضب أو
الحرص الزائد، أو غيرها من الصفات التي لا تُعَدُّ مرضًا أو عِلة بحاجة
إلى علاج دوائي، ورغم ذلك فأُبشركِ بأن الطب تطور إلى الحد الذي
جعل لتلك الحالة علاجات تؤثر فيها بشكل ملحوظ، وتُخفف من حِدتها
بدرجة مُرضية؛ كالزيروكسات وغيره من الأدوية التي لا ينبغي
أن يتم تعاطيها أبدًا إلا باستشارة الطبيب المُختص فقط، وبالقدر
الذي يُحدِّده بدقةٍ، وإن كنتُ لا أعتقد أنكِ بحاجة إليها كما يبدو،
ولكن هي آخر الحلول التي نلجأ إليها بجانب
العلاج السلوكي الذي يفيد كثيرًا في تحسُّن الحالة.

أسأل الله أن يَشرح صدركِ، وأن يَفتح عليكِ فتوح العارفين، وأن يرزقكِ القوة
والصلابة، والقبول والهدى والرشاد، وأن ينفع بكِ الطالبات والمعلمات.

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
أنتهى الموضوع - منقول للفائدة