المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام أبو حنيفة


vip_vip
02-10-2012, 07:57 AM
سلسلة الفقهاء


الإمام أبو حنيفة (http://www.ataaalkhayer.com/)

أبو حنيفة نسبه وقبيلته




هو النعمان بن ثابت بن المَرْزُبان ، وكنيته أبو حنيفة ، من أبناء فارس الأحرار، ينتسب إلى أسرة شريفة في قومه ، أصله من كابل (عاصمة أفغانستان اليوم) ، أسلم جَدُّه المرزُبان أيام عمر رضي الله عنه ، وتحوَّل إلى الكوفة ، واتخذها سكنًا .




أبو حنيفة مولده ونشأته



وُلِد أبو حنيفة رحمه الله بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة على القول الراجح (699م) . ونشأ رحمه الله بالكوفة في أسرة مسلمة صالحة غنية كريمة ، ويبدو أنه كان وحيد أبويه ، وكان أبوه يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة ، ولقد خَلَف أبو حنيفة أباه بعد ذلك فيه . حفظ أبو حنيفة القرآن الكريم في صغره ، شأنه شأن أمثاله من ذوي النباهة والصلاح . وحين بلغ السادسة عشرة من عمره خرج به أبوه لأداء فريضة الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم و مسجده .




و كان أول ما اتجه إليه أبو حنيفة من العلوم علم أصول الدين ومناقشة أهل الإلحاد والضلال ، ولقد دخل البصرة أكثر من سبع وعشرين مرة ، يناقش تارةً ويجادل ويرد الشبهات عن الشريعة تارة أخرى ، وكان يدفع عن الشريعة ما يريد أهل الضلال أن يلصقوه بها ، فناقش جهم بن صفوان حتى أسكته ، وجادل الملاحدة حتى أقرَّهم على الشريعة ، كما ناظر المعتزلة والخوارج فألزمهم الحجة ، وجادل غلاة الشيعة فأقنعهم .


مضى الإمام أبو حنيفة رحمه الله في هذه السبيل من علم الكلام وأصول الدين ، ومجادلة الزائغين وأهل الضلال ، حتى أصبح عَلَمًا يُشار إليه بالبنان ، وهو ما يزال في العشرين من عمره ، وقد اتخذ حلقة خاصة في مسجد الكوفة ، يجلس إليه فيها طلاب هذا النوع من العلوم . ثم توجَّه أبو حنيفة رحمه الله إلى علم الفقه ، وتفقَّه على حمَّاد بن أبي سليمان ، حتى صار مقرَّبًا عنده ؛ قال حماد :
" لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة " .




ملامح من شخصية أبي حنيفة وأخلاقه



ورعه وعلمه :



كان زاهدًا ورعًا ، أراده يزيد بن هبيرة أمير العراق أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأَبَى ، وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع ، وقال : " لن أصلح للقضاء " . فحلف عليه المنصور ليفعلَنَّ ، فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل ؛ فحبسه المنصور .


قال ابن المبارك : قلتُ لسفيان الثوري : ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة ، ما سمعتُه يغتاب عدوًّا له . قال : والله هو أعقل من أن يُسلِّط على حسناته ما يذهب بها .


و كان واسع العلم في كل العلوم الإسلامية ، وهو الذي تجرَّد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس ، وفرَّع للفقه فروعًا زاد في فروعه ، وقد تبع أبا حنيفة جُلُّ الفقهاء بعده ، ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بيَّنوا أحكامها .


عبادة أبي حنيفة لله تعالى : (http://www.ataaalkhayer.com/)



كان أبو حنيفة يختم القرآن في كل يوم ، ثم حين اشتغل بالأصول والاستنباط واجتمع حوله الأصحاب أخذ يختمه في ثلاثٍ في الوتر. وصلى أبو حنيفة ثلاثين سنة صلاة الفجر بوضوء العتمة، وحجَّ خمسًا وخمسين حجة .



قال مِسْعَر بن كِدَام :

" رأيتُ الإمام يصلي الغداة ثم يجلس للعلم إلى أن يصلي الظهر، ثم يجلس إلى العصر ثم إلى قريب المغرب ثم إلى العشاء ، فقلتُ في نفسي : متى يتفرغ للعبادة ؟ فلما هدأ الناس خرج إلى المسجد - وكان بيته بجوار المسجد الذي يؤم فيه حِسْبة لله تعالى - فانتصب للصلاة إلى الفجر، ثم دخل فلبس ثيابه - وكانت له ثياب خاصة يلبسها لقيام الليل - وخرج إلى صلاة الصبح ففعل كما فعل ، ثم تعاهدته على هذه الحالة فما رأيته مفطرًا ، ولا بالليل نائمًا ".




شيوخ أبو حنيفة



بلغ عدد شيوخ أبي حنيفة رحمه الله أربعة آلاف شيخ ، فيهم سبعة من الصحابة ، وثلاثة وتسعون من التابعين ، والباقي من أتباعهم ، ولا غرابة في هذا ولا عجب ، فقد عاش رحمه الله تعالى سبعين سنة ، وحج خمسًا وخمسين مرة ، وموسم الحج يجمع علماء العالم الإسلامي في الحرمين الشريفين . قال الإمام أبو حفص الكبير بعد أن ذكر عدد شيوخ الإمام رحمه الله :
" وقد صنَّف في ذلك جماعة من العلماء ، و رتبوهم على ترتيب حروف المعجم " .


وأستاذ الإمام أبي حنيفة هو حماد بن أبي سليمان ، وهو تابعيٌّ كوفي ثقة، روى عنه أبو حنيفة رحمه الله ألفي حديث من أحاديث الأحكام ، وأكثر من ثلث أحاديث الإمام في مسنده الذي جمعه الحَصْكَفي ، هي برواية الإمام عنه ، عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري ، عن الأسود ، عن عائشة رضي الله عنهم .



ومن شيوخه رحمه الله أيضًا : إبراهيم بن محمد المنتشر الكوفي ، وإبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي ، وأيوب السختياني البصري ، والحارث بن عبد الرحمن الهمذاني الكوفي ، وربيعة بن عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي ، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أحد الفقهاء السبعة ، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري ، وسليمان بن يسار الهلالي المدني ، وعاصم بن كليب بن شهاب الكوفي ، وغيرهم الكثير .




تلامذة أبي حنيفة



روى عنه جماعة ، منهم : ابنه حماد ، و إبراهيم بن طهمان ، وإسحاق بن يوسف الأزرق ، وأسد بن عمرو القاضي ، والحسن بن زياد اللؤلئِيُّ ، وحمزة الزيات ، وداود الطائي ، وزفر ، وعبد الرزاق ، وأبو نعيم ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، وهشيم ، و وكيع ، وأبو يوسف القاضي ، وغيرهم كثير .




منهج الإمام أبي حنيفة في البحث



ابتكر الإمام أبو حنيفة رحمه الله نموذجًا منهجيًّا في تقرير مسائل الاجتهاد ، وذلك عن طريق عرض المسألة على تلاميذ العلماء في حلقة الدرس ليدلي كلٌّ بدلوه ، ويذكر ما يرى لرأيه من حجة ، ثم يعقِّب هو على آرائهم بما يدفعها بالنقل أو الرأي ، ويصوِّب صواب أهل الصواب ، ويؤيده بما عنده من أدلةٍ ، و لربما تقضَّت أيام حتى يتم تقرير تلك المسألة . وهذه هي الدراسة المنهجية الحرة الشريفة التي يظهر فيها احترام الآراء، ويشتغل فيها عقل الحاضرين من التلامذة ، كما يظهر علم الأستاذ وفضله ، فإذا تقررت مسألة من مسائل الفقه على تلك الطريقة ، كان من العسير نقدها فضلاً عن نقضها .




قال المُوفَّق المكي : " وضع أبو حنيفة رحمه الله مذهبه شورى بينهم ، لم يستبد فيه بنفسه دونهم اجتهادًا منه في الدين ، ومبالغة في النصيحة لله ولرسوله والمؤمنين ، فكان يلقي مسألة مسألة ، يقلِّبها ويسمع ما عندهم ويقول ما عنده ، وربما ناظرهم شهرًا أو أكثر من ذلك ، حتى يستقر أحد الأقوال فيها ، ثم يثبتها القاضي أبو يوسف في الأصول ، حتى أثبت الأصول كلها . و إذا أُشكلت عليه مسألة قال لأصحابه : ما هذا إلا لذنب أذنبته . ويستغفر، وربما قام وصلَّى ، فتنكشف له المسألة ، ويقول : رجوتُ أنه تيب عليَّ " .




آراء العلماء في أبي حنيفة



قال وكيع بن الجرَّاح شيخ الشافعي :
" كان أبو حنيفة عظيم الأمانة ، وكان يُؤثِر الله على كل شيءٍ ،
ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها " .
و قال الإمام الشافعي :

" ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالاً على أبي حنيفة ،
وما قامت النساء على رجلٍ أعقل من أبي حنيفة ".



وقال الإمام أحمد بن حنبل :
" إن أبا حنيفة من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحلٍّ لا يدركه أحد ،
ولقد ضُرب بالسياط لِيَلِيَ للمنصور فلم يفعل ، فرحمة الله عليه ورضوانه " .

و قال الإمام أبو يوسف :
" كانوا يقولون : أبو حنيفة زينَّه الله بالفقه ، والعلم ،
والسخاء ، والبذل ، وأخلاق القرآن التي كانت فيه " .
وقال عنه الإمام سفيان الثوري :
" ما مقلت عيناي مثل أبي حنيفة " .




وفاة أبي حنيفة



تُوفِّي رحمه الله ببغداد سنة 150هـ/ 767م . يقول ابن كثير :
" وصُلِّي عليه ببغداد ست مرات لكثرة الزحام ،
وقبره هناك رحمه الله ".




المراجع



- أبو حنيفة النعمان إمام الأئمة الفقهاء ، وهبي سليمان ، دار القلم .


- البداية و النهاية ، الحافظ ابن كثير .



http://1.1.1.4/bmi/im18.gulfup.com/2012-02-08/13287019955210.jpg (http://www.ataaalkhayer.com/)