المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4645


حور العين
10-11-2019, 01:04 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
أين أنت غدًا؟ (01)

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
[آل عمران: 102].

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
[النساء: 1].

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }
[الأحزاب: 70 - 71].

أما بعدُ، فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهَدْي هَدْي محمدٍ
صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعةٌ، وكل بدعة
ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فناء الدنيا:
أين أنت الآن؟ ثم أين أنت غدًا؟
أنت الآن في بيت فسيح، وغدًا في قبر ضيق وَحِيش.
أنت الآن فوق الأرض، وغدًا تكون تحت التراب.
أنت الآن في منظر جميل، وغدًا تسيل الأحداق على الوجنات.
غدًا تنتفخ في القبر ثم تنفجر، ويبدأ الدود في مَهمَّته المنوطة به.
غدًا ترتفع اليدان، وتيبس القدمان، وتشخَص العينان،
وتتخرق الأذنان، وتنتفخ البطن.

غدًا تنزل مِن علياء قصرك إلى ضيق قبرك، ومن طول أملك
إلى انقضاء أجلك، ومن التفكير في الناس إلى التفكير في نفسك.

ورغم ذلك ما زلت مشغولًا بالدنيا عن الطاعة، وبالمال عن الاستقامة،
وبالهوى عن الالتزام، وبتنميق الظاهر عن إصلاح الباطن.

الميلُ إلى الدنيا طبيعة فيك، لا تُعدَّل إلا بضوابط الشرع،
ولا تُبدَّل إلا بأوامر الرب.
فالله يناديك:

{ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ *
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ *
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ }
[التكاثر: 1 - 8].

ما زلت مشغولًا بالمال، والرسول صلى الله عليه وسلم يناديك:

((يقول ابن آدم: مالي مالي، وهل لك يا بن آدم من مالك إلا ما أكلتَ فأفنيت،
أو لبِسْت فأبليت، أو تصدَّقت فأمضيت؟))[1]، وفي روايةٍ:
((وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس)).

ما زلت مشغولًا بالدنيا، والله يناديك:

{ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ
وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا
ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
[الحديد: 20].

ما زلت مشغوفًا بالدنيا، والحسن البصري يُعرِّفك حقيقتها، فيقول:
هي دارٌ من صح فيها سقم، ومن أمِن فيها ندم، ومَن افتقر فيها حزن،
ومَن استغنى فيها افتتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها العقاب.

ثم يخبرك عن أهل الآخرة، فيقول: رحم الله أقوامًا كانت الدنيا
عندهم وديعةً فأدَّوْها إلى مَن ائتمنهم عليها، ثم راحوا خفافًا.

ما زلت مشغولًا بالأمل عن العمل، تفرح إذا حققته، وتحزن إذا أخفقته!
فيُناديك أحد السلف قائلًا: يا بن آدم، فرحت ببلوغ أملك،
وإنما بلغته بانقضاء أجلك.

ما زلت مشغولًا بالدنيا، والآخر يناديك:
نسير إلى الآجالِ في كل لحظةٍ
وأيامُنا تُطوَى وهنَّ مراحلُ
ولم أرَ مثلَ الموتِ حقًّا كأنه
إذا ما تخطَّتْه الأمانيُّ باطلُ
فما أقبحَ التفريطَ في زمنِ الصبا
فكيف به والشيبُ للرأسِ شاغلُ
ترحَّلْ مِن الدنيا بزادٍ مِن التقى
فعمرك أيامٌ وهنَّ قلائلُ

يا عبد الله، اتقِ الله تعالى، ولا تأخذ شيئًا إلا بحقه.
يا عبد الله، اتَّقِ الله تعالى، ولا تظلِمْ مسلمًا.
يا عبد الله، اتقِ الله تعالى، ولا تأكل حرامًا.
يا عبد الله، اتق الله تعالى، ولا تقترف إثمًا.
يا عبد الله، اتق الله تعالى، وغُضَّ بصرك.
يا عبد الله، اتق الله تعالى، وطهِّر عما حرَّم الله سمعك.
يا عبد الله، اتق الله تعالى، ونقِّ عن الرجس والدنس قلبك.

فالله يناديك:
{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا }
[الإسراء: 36].

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين