المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4646


حور العين
10-12-2019, 01:28 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
أين أنت غدًا؟ (02)

يا عبد الله، لا تتكبر على عباد الله تعالى،
ولا تشمخ بأنفك فخرًا؛ فالله يناديك:

{ إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا *
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا } [
الإسراء: 37 - 38].

أين أنت غدًا يا عبد الله؟
أنت غدًا مسجًّى على فراش الموت، وحولَك الأهل والأصحاب والأقارب
والأحباب، لكنهم لا يملكون لك حولًا ولا طَولًا، ولا نفعًا ولا ضرًّا.

يعجز الأطباء فيك، ويحتارُ الحكماء في أمرك، ثم يقول أذكاهم: إنا لنظن أن
أجله قد اقترَب، وساعته قد حانتْ، وإذا بك وقد شحب لونك، وضعُفَت قواك،
وتصلَّبتْ رِجلاك، وتخدرتْ يداك، وشخصتْ عيناك، ثم يتقدَّم إليك
ملك الموت يخترق الصفوف!

ملك الموت الذي يدخل على الرؤساء والأمراء، والملوك والوزراء،
بلا استئذانٍ؛ لأن معه إذنًا مِن الواحد الدَّيَّان.

يتقدم إليك ملك الموت ليقبضَ روحك، وينقلك مِن دار المُهلة إلى دار الجزاء،
فيقبض الروح من الرِّجلين إلى الفَخِذين، ثم إلى البطن وأنت حينذاك بين
الموت والحياة، نصفُك مع الأموات، ونصفك مع الأحياء.

تذكَّر نفسك في هذا الموطن وأنت تودِّع أبناءك الصغار بنظرات،
ولا تستطيع أن تتكلَّم.

بل تودِّع الأهل والأحباب، والأقارب والأصحاب،
بنظراتٍ ذات اليمين وذات الشمال.

وكأنك تقول لهم: لمِثْلِ هذا فليعمل العاملون، لِمِثْل هذا فليُصلِّ المصلون، لِمِثْل
هذا فليتصدَّق المتصدقون، لِمِثْل هذا فليَصُمِ الصائمون، لِمِثْل هذا فليَقُمِ الليلَ
القائمون، لِمِثْل هذا الموقف الرهيب فليجتهد المجتهدون.

أين مَن كنت تُجاملهم في معصية الله؟!
قد تواروا من أمامك.

أين سماع الأغنيات الماجنة، ومشاهدة الأفلام الفاجرة؟!
ذهبتْ لذَّتُها، وبقيتْ حسرتُها.
أين أنت غدًا؟!

أمام ملك الموت وهو يقبض روحك، فإذا وصلت الروح إلى الحلقوم،
وهي أصعب ما تكون الروح فيها، وهي المنطقة التي أخبر الله عنها، فقال:

{ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ *
وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ }
[الواقعة: 83 - 85].

وقال سبحانه:
{ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ *
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ }
[القيامة: 26 - 30].

فتذكَّر نفسَك وقد قبض مَلَكُ الموت رُوحَك، وترَكك جثةً هامدةً، فإذا بولدِك
يُقلِّبُك، وأمك تنظر في عينَيْك، وأختك تضرب صدرك، ولكن هيهات هيهات،
إنه قد مات، نعم مات؛ لأن القرار الإلهي قد صدر بأنه:

{ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ }
[يونس: 49].

نعم، إنه قد مات؛ لأن الجبار تعالى قد أخبر بأنه:

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }
[آل عمران: 185].

فلن ينفعك حينذاك إلا ما قدمت في هذه الحياة:
لا دارَ للمرءِ بعد الموت يسكُنها
إلا التي كان قبلَ الموتِ يَبْنيها
فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنُه
وإن بناها بشرٍّ خاب بانيها

أخي:
إنا لنفرحُ بالأيامِ نقطعُها
وكل يومٍ مضى يُدْني من الأجلِ
فاعمَلْ لنفسِك قبل الموتِ مجتهدًا
فإنما الربحُ والخسرانُ في العملِ


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين