المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4785


حور العين
02-28-2020, 02:30 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

معنى اسم الحافظ والحفيظ (02)

وَالحَفِيظُ أَيْضًا هُوَ الذِي حَفِظَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ، قَالَ تَعَالَى:

{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }
[البقرة: 255]،

فَاللهُ حَفِيظٌ لِمَخْلُوقَاتِهِ يُبْقِيَهَا عَلَى حَالِهَا لِغَايَاتِهَا، وَيُنَظِّمُ تَرَابُطَ العِلَلِ
بِمعْلُولَاتِهَا، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَحْفَظُ الأَشْيَاءَ بِذَوَاتِهَا وَصِفَاتِهَا،

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو حَامِدٍ الغَزَّالِيُّ أَنَّ الحِفْظَ فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَينِ:
الوَجْهُ الأَوَّلُ: إِدَامَةُ وُجُودِ المَوْجُودَاتِ وَإِبْقَاؤُهَا، وَيُضَادُّهُ الإِعْدَامُ، وَاللهُ تَعَالَى
هُوَ الحَافِظُ لِلسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالمَوْجُودَاتِ التِي يَطُولُ أَمَدُ بَقَائِهَا
وَالتِي لَا يَطُولُ أَمَدُ بَقَائِهَا، مِثْلَ الحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتِ وَغَيْرِهِمَا.

الوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الحِفْظَ صِيَانَةُ المُتَقَابِلَاتِ المُتَضَادَّاتِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ،
كَالتَّقَابُلِ بَيْنَ المَاءِ وَالنَّارِ، فَإِنَّهُمَا يَتَعَادَيَانِ بِطِبَاعِهِمَا، فَإِمَّا أَنَّ يُطْفِئَ المَاءُ
النَّارَ، وَإِمَّا أَنْ تُحِيلَ النَّارُ المَاءَ إِلَى بُخَارٍ، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ عز وجل بَيْنَ هَذِهِ
المُتَضَادََّاتِ المُتَنَازِعَةِ فِي سَائِرِ العَنَاصِرِ وَالمُرَكَّبَاتِ، وَسَائِرِ الأَحْيَاءِ كَالإِنْسَانِ
وَالنَّبَاتِ وَالحَيَوَانِ، وَلَوْلَا حِفْظُهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأَسْبَابِ وَتَنْظَيمُ مُعَادَلَاتِهَا،
وَارْتِبَاطُ العِلَلِ بِمَعْلُولَاتِهَا لتَنَافَرَتْ وَتَبَاعَدَتْ وَبَطَلَ امْتِزَاجُهَا وَاضْمَحَلَّ
تَرْكِيبُهَا، وَهَذِهِ هِيَ الأَسْبَابُ التِي تَحْفَظُ الإِنْسَانَ مِنَ الهَلاَكِ
وَتُؤَمِّنُ لَهُ بِحِفْظِ اللهِ الحَيَاةَ.

قَالَ اللهُ عز وجل: { وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } [سبأ: 21]،

وَقَالَ تَعَالَى: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ }
[الشورى: 6].

وَقَالَ الحُليْمِيُّ: وَمَعْنَاهُ المَوْثُوقُ مِنْهُ بِتَرْكِ التَّضْييعِ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِيمَا أُخْبِرْتُ عَنْهُ: الحَفِيظُ هُوَ الحَافِظُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ
كَالقَدِيرِ وَالعَلِيمِ، يَحْفَظُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا فِيهِمَا لِتَبْقَى مُدَّةَ بَقَائِهَا
فَلاَ تَزُولُ وَلاَ تُدْثَرُ، قَالَ اللهُ عز وجل:

{ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا }
[البقرة: 255]،

وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: { وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ } [الصافات: 7]؛

أَيْ: حَفِظْنَاهَا حِفْظًا، وَهُوَ الذِي يَحْفَظُ عِبَادَهُ مِنَ المَهَالِكِ وَالمَعَاطِبِ، وَيَقِيهُمْ
مَصَارِعَ الشَّرِّ، قَالَ اللهُ عز وجل:

{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } [الرعد: 11].

أَيْ بِأَمْرِهِ، وَيَحْفَظُ عَلَى الخَلْقِ أَعْمَالَهُمْ، وَيُحْصِي عَلَيهِمْ أَقْوَالَهُم، وَيَعْلَمُ نِيَّاتِهِم،
وَمَا تُكِنُّ صُدُورُهُم، فَلَا تَغِيبُ عَنْهُ غَائِبَةٌ، وَلَا تَخْفَى عَلَيهِ خَافِيَةٌ،
وَيَحْفَظُ أَوْلِيَاءَهُ فَيَعْصِمَهُم عَنْ مُوَاقَعَةِ الذُّنُوبِ، وَيَحْرُسُهُم
مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ، لِيَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهِ وَفْتِنَتِهِ".

فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الحَافِظُ لِجَمِيعِ المُمْكِنَاتِ
وَالحَفِيظُ، وَأَعْظَمُ الحِفْظِ حِفْظُ القُلُوبِ، وَحِرَاسَةُ الدِّينِ عَنِ الكُفْرِ وَالنِّفَاقِ،
وَأَنْوَاعِ الفِتَنِ، وَفُنُونِ الأَهْوَاءِ وَالبِدَعِ حَتَّى لَا يَزِلَّ عَنِ الطَّرِيقَةِ المُثْلَى.

قَالَ اللهُ العَظِيمُ:
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ }
[إبراهيم: 27]، لَا الحِفْظَ مِنْ بَلَايَا الأَمْرَاضِ وَالأَوْصَابِ، وَالبَلَايَا النَّازِلَةِ
بِالمَالِ وَالوَلَدِ، فَإِنَّ هَذَا يُؤَدِّي إِلَى الجَنَّةِ، وَالأَوَّلُ يُؤَدِّي إِلَى النَّارِ،

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين