المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4809


حور العين
03-23-2020, 02:51 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

معنى اسم الله الحق (03)

مَعْنَى الاِسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ يُونُسَ:
{ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ }[يونس: 30]:
"وَرَجَعَ هَؤُلَاءِ المُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ إِلَى اللهِ، الذِي هُوَ رَبُّهُم وَمَالِكُهُم الحَقُّ لَا
شَكَّ فِيهِ، دُونَ مَا كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهُم لَهُمْ أَرْبَابٌ مِنَ الآلِهَةِ وَالأَنْدَادِ،
{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ } [يونس: 30]؛ يَقَولُ: وَبَطَلَ عَنْهُم مَا كَانُوا
يَتَخَرَّصُونَ مِنَ الفِرْيَةِ وَالكَذِبِ عَلَى اللهِ بِدَعْوَاهُم
أَوْثَانَهُم أَنَّهَا للهِ شُرَكَاءُ، وَأَنَّهَا تُقَرِّبُهُم مِنْهُ زُلْفَى".

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ:
{ فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }
[يونس: 32]:
"يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِخَلْقِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ فَهَذَا الذِي فَعَلَ هَذِهِ الأَفْعَالَ؛ فَيَرْزُقُكُمْ
مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَيَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ، وَيُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ
وَالمَيِّتَ مِنَ الحَيِّ، وَيُدَبِّرُ الأَمْرَ: اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ لَا شَكَّ فِيهِ

{ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ }
[يونس: 32]؛

يَقُولُ: فَأَيُّ شَيءٍ سِوَى الحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ وَهُوَ: الجَوْرُ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ.

يَقُولُ: فَإِذَا كَانَ الحَقُّ هُوَ ذَا، فَادِّعَاؤُكُم غَيْرَهُ إِلَهًا وَرَبًّا هُوَ الضَّلَالُ
وَالذَّهَابُ عَنِ الحَقِّ لَا شَكَّ فِيهِ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ".

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ } [الحج: 62]؛
يَعْنِى تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ: هَذَا الفِعْلُ الذِي فَعَلْتُ مِنْ إِيلَاجِي اللَّيلَ فِي
النَّهَارِ، وَإِيلَاجِي النَّهَارَ فِي اللَّيلِ؛ لِأَنِّي أَنَا (الحَقُّ) الذِي لَا مِثْلَ لِي، وَلَا شَرِيكَ،
وَلَا نِدَّ، وَأَنَّ الذِي يَدْعُوهُ هَؤُلَاءِ المُشْرِكُونَ إِلَهًا مِنْ دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ
الذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى صَنْعَةِ شَيءٍ، بَلْ هُوَ المَصْنُوعُ.

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: "الحَقُّ هُوَ المُتَحقِّقُ كَوْنُهُ وَوُجُودُهُ، وَكُلُّ شَيءٍ صَحَّ وُجُودُهُ
وَكَوْنُهُ فَهُوَ حَقٌّ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتعَالَى:
{ الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ } [الحاقة: 1، 2]؛
مَعْنَاهُ وَاللهُ أَعْلَمُ: الكَائِنَةُ حَقًّا لَا شَكَّ فِي كَوْنِهَا، وَلَا مُدْفِعٌ لِوُقُوعِهَا.

وَيُقَالُ: الجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ،
يُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ كَائِنَةٌ لَا مَحَالَةٌ.

وَالعَرَبُ تَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا الرَّجُلُ حَقَّ الرَّجُلِ، وَالشُّجَاعُ حَقَّ الشُّجَاعِ
وَحَاقَّ الشُّجَاعِ وَحَاقَّةَ الشُّجَاعِ، إِذَا أَثْبَتُوا لَهُ الشَّجَاعَةَ وَحَقِيقَتَهَا".

وَقَالَ الحُلَيْمِيُّ: "(الحَقُّ) مَا لَا يَسَعُ إِنْكَارُهُ، وَيَلْزَمُ ثُبُوتُهُ وَالاِعْتِرَافُ بِهِ،
وَوُجُودُ البَارِي عَزَّ ذِكْرُهُ أَوْلَى مَا يَجِبُ الاِعْتِرَافُ بِهِ[، وَلَا يَسَعُ جُحُودُهُ؛ إِذْ لَا
مُثْبَتَ يَتَظَاهَرُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّلَائِلِ البَيِّنَةِ البَاهِرَةِ، مَا تَظَاهَرَتْ عَلَى وُجُودِ
البَارِي جَلَّ جَلَالُهُ".

وَقَالَ القُشَيْرِيُّ: "(الحَقُّ) مِنْ أَسْمَائِهِ، وَهُوَ بِمَعْنَى المَوْجُودِ
الكَائِنِ وَكَذَا مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ".

وَقَالَ الغَزَّالِيُّ: "(الحَقُّ) هُوَ الذِي فِي مُقَابَلَةِ البَاطِلِ، وَالأَشْيَاءُ قَدْ تُسْتَبَانُ
بِأَضْدَادِهَا، وَكُلُّ مَا يُخْبِرُ عَنْهُ فَإِمَّا بَاطِلٌ مُطْلَقًا، وَإِمَّا حَقٌّ مُطْلَقًا، وَإِمَّا حَقٌّ
مِنْ وَجْهٍ بَاطِلٌ مِنْ وَجْهٍ، فَالمُمْتَنِعُ بِذَاتِهِ هُوَ البَاطِلُ مُطْلَقًا، وَالوَاجِبُ بِذَاتِهِ
هُوَ الحَقُّ مُطْلَقًا، وَالمُمْكِنُ بِذَاتِهِ الوَاجِبُ بِغَيْرِهِ هُوَ حَقٌّ مِنْ وَجْهٍ بَاطِلٌ
مِنْ وَجْهٍ".

وَقَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: "(الحَقُّ) هُوَ المَوْجُودُ حَقِيقَةً المُتَحَقَّقُ
وُجُودُهُ وَإِلَهِيَّتُهُ، وَالحَقُّ ضِدُّ البَاطِلِ".

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين