المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4829


حور العين
04-12-2020, 03:16 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الله الحَيِيّ (06)

ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بَهَذَا الاسمِ:
4- اعلَمْ - رَحِمني اللهُ وإيَّاكَ - أَنَّ أعظَمَ الحيَاءِ يَنبغي أَنْ يكونَ مِنَ الله تعالى،
الذي نتقلَّبُ فِي نِعَمِهِ وإحسانِهِ الليلَ والنَّهارَ، ولا نَسْتغني عنه طَرْفَةَ عينٍ،
ونحنُ تحتَ سمعِهِ وبصرِهِ، لا يغيبُ عنه مِنْ حالنا وقولِنا وفعلنِا شيءٌ، كما
قال عز وجل:

{ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ
إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ
فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }
[يونس: 61]

وقال بعضُ السَّلفِ: "عَلِمتُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى
مُطَّلعٌ عليَّ فاسْتَحييْتُ أَنْ يراني على مَعصيةٍ".

وقد أحسَنَ مَنْ قال:
وإذا خَلَوتَ بِرِيبةٍ فِي ظُلمةٍ
والنَّفسُ داعِيةٌ إلى العصيانِ
فاسْتحْيِ مِن نَظَرِ الإلهِ وقُلْ لها
إنَّ الذي خَلَقَ الظَّلامَ يَراني

وحُكي عن بعض السَّلفِ:
"خَفِ الله على قَدْرِ قُدْرتِهِ عليك، واستحْيِ منه على قَدْرِ قُربِهِ منك".

قال الرَّاغِبُ: "والذي يَستحْيي منهم الإنسانُ ثلاثةٌ:
البشرُ: وهو أكثرُ ما يَستحْيي منه، ثم نفسُهُ، ثم اللهُ عز وجل.
ومَنِ اسْتحيا مِنَ النَّاسِ ولم يستحْي مِن نفسِهِ، فنفسُهُ أخسُّ عنده من غيرِهِ. وَمَنِ اسْتحْيا منهما ولم يستحي مِنَ اللهِ عز وجل، فلعدم معرفتِهِ به.

فإنَّ الإنسانَ يستحْيي ممَّنْ يُعظِّمُهُ ويَعَلَمُ أنَّه يراهُ، ويَسمعُ نجواهُ
، ومَنْ لا يعرفُ اللَه فكيف يَسْتعظمُه؟ وكيفَ يعلمُ أنه مُطَّلعٌ عليه؟
وقولُه صلى الله عليه وسلم: "اسْتحْيُوا مِنَ الله حَقَّ الحياءِ"،
في ضمنِهِ حثٌّ على معرفتِهِ.

وقال الله عز وجل: { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } [العلق: 14]،
تنبيهًا على أَنَّ العبدَ إذا علِم أَنَّ ربَّه يراهُ استحْيا مِنَ ارتكاب الذَّنبِ.

وسُئلَ الجُنيدُ عما يُولِّدُ الحياءَ من الله تعالى، فقال:
رُؤيةُ العبدِ آلاءَ الله عليه، ورؤيةُ تقصيرِهِ عن شكرِهِ".

قال القرطبيُّ: "فيجبُ على كلِّ مكلَّفٍ أَنْ يستحييَ مِنْ خالقِهِ، وذلك بأن
لا يراهُ حيثُ نهاهُ، وذلك أَنَّ المُؤمِنَ يقتضي تعظيمَ مَنْ آمنَ به، فينزجرُ
عن القبائح حياءً من نَظَرهِ إليه، حتى كان بعضُهم لا يغتسلُ إلا وعليه مِئْزرٌ
يسترُه، ولا يَقُومُ قائمًا مُنتصِبًا بل يَتضَامُّ ما استطاع في غُسْلِهِ.

وكان موسى؛ حَيِيًّا ستِّيرًا يغتسلُ بناحيةٍ من قومِهِ.

وروى الترمذيُّ: عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ قال:
قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
"اسْتَحْيُوا مِنَ الله حقَّ الحياءِ"، قال فقلنا: إنا نَستحْيي والحمدُ لله، قال:
"ليسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاستحْياءَ مِنَ الله حقَّ الحياءِ، أَنْ تحفظَ الرأسَ وما وَعَى
، والبطنَ وما حَوَى، وتَذْكُرَ الموتَ والبِلَى، ومَنْ أرادَ الآخرةَ تَرَكَ زينةَ الدُّنْيَا،
فمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ الِله حقَّ الحَيَاءِ" [قال: حديثٌ غريبٌ].

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين