المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رمضان فرصة لتعظيم الله (03)


حور العين
04-25-2020, 02:53 PM
من: الأخت الزميلة / جِنان الورد




رمضان فرصة لتعظيم الله (03)




قال عليه الصلاة والسلام:

(مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)

ولا تتحقق كلمة إيماناً و احتساباً إلا إذا كنت على يقين أنك ستلقى الله.

فالإشكال أن هذا اللقاء العظيم الذي لابد أن يحصل، يفكر الناس فيه بتفكير

سلبي بحيث أنه لما يُذكُر لأحد الموت، تكون ردة الفعل أن يقول:

(لا تُنكّد علينا، لا تُزعِجنا!)

يشعر أن ذِكر الموت إزعاج، مع أن القبر أحسَن مَسْكَن لمن أَحْسَن، أي أن

هناك في القبور مَن ينعمون بنعيم لو اجتمع نعيم أهل الدنيا مِن أنْ خَلَق الله

الخليقة إلى أن تقوم، لا يكون شيء في نعيم أهل القبور الذين أحسنوا في

دنياهم. فلماذا يُنظَر إلى الموت بهذه الصورة؟!

رغم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(مَنْ أحبَّ لِقاء الله أَحَبَّ الله لقاءه، و مَنْ كَرِه لِقاء الله كَرِه الله لِقاءه)

فإذا كان ذِكر الموت بعيدًا عن وِسواس الشيطان،

لأن الشيطان أحياناً يستعمل على ضعفاء الإيمان الموتَ و يخيفهم.

لنفترض الآن أنه ليس معنا أعمال، و معنا أمثال الجبال ذنوباً، وأنت حي

تتنفس، وأنت تَعلَم أنك ستلقى ربك، فافزع إلى الله بالتوبة، و تُب و أنت

صادق متيقّن أنه يَقبل توبة الصادقين، هذه الذنوب التي أمثال الجبال تذهب

هباءً، تذهب جميعها ونحن على يقين أنه سبحانه يَقبل التوبة عن عباده

مهما أجرموا؛ ما دام الشخص حي يتنفس لم يصل إلى الغرغرة فهو مقبول

التوبة، و لو كان في سابِق عهده وَقَع فيما وَقَع من الذنوب و لو وَصَل حدّ

الشِّرك، حتى الشِّرك يُتاب منه، ألم يكُن الصحابة أولاً مُشركين فأسلموا؟!

إذن حتى الشِّرك يُتاب منه، مادام الإنسان لم يَصِل حدّ الغرغرة و ما دام أن

الشمس لم تَشرق من مغربها.

المقصود أن الذي يرجو لقاء الله لا ينظر للمسألة من جهة الموت على أنّه

مُخيف، و إنْ كان كل الناس يكرهون الموت؛ لأنه لحظة انتقال صعبة، لكن

مَن نَظَر على أنّ هذه اللحظة التي سينتقل فيها ستُبشِّره الملائكة أنه

{لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

الملائكة تقول لأهل الإيمان: أن ما سَتُقبِلون عليه من الحياة الجديدة

لا خوف فيها .

{وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}

لا تحزنون على ما تركتم، لأن الإنسان لما يموت سيترك أهله، فيُقال له:

لا تخَفْ و لا تحزن، فالذي ستُقبِل عليه لا يخيفك و الذي تركته لا يحزنك،

ستُبَدّل دارًا خير من دارك، و ستُبَدّل أهلًا خير من أهلك، و ستكون في سكينة

وراحة، هذا لمن أحسن. فالذي يُريد أن يكون ممن أحسن لابد أن يكون

لقاء الآخرة على باله.

أما من غَفَل و تَرَك التفكير في لقاء الآخرة ربما بسبب حبّ الدنيا و التعلق

بها، أو ربما يكون الخوف و الرعب الذي يدبّه الشيطان في قلب الإنسان.

كثير منّا يتغافل عن ذكر الموت، إما من حبّه للدنيا، و إما من خوفه السلبي،

و خوفه ليس في مكانه، كُن شجاعاً و اجعل ذِكر الآخرة على بالك،

و ستكون النتيجة عظيمة. ماهي هذه النتيجة؟ أنك ستنتهز كل فرصة تجعل

ما بعد الموت خير و بركة، لكن الذين لا يرجون لقاء الله و لا يُفكّرون في

لقائه و لا الآخرة على بالهم، تقول لهم: أتى موسمٌ الحسنات فيه مضاعفة،

أتى موسمٌ فرصك فيه عظيمة، أتى موسمٌ ليلة القدر فيه خير من ألف شهر.

فلا يشعر بأهمية هذه الفرصة، والسبب أن الآخرة ليست على باله.