المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4914


حور العين
08-18-2020, 02:52 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

معنى اسم الله القابض والباسط (14)


وقَدْ بَيَّنَ الإمامُ أبو بكرِ بنِ خزيمةَ فِي كتابِ التَّوْحِيدِ أَنَّ ذِكْرَ القَبْضَةِ

فِي الأحاديثِ دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَةِ اليَدِ لِرَبِّنَا سبحانه وتعالى.

فَقَالَ: "بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ خَلْقِ اللهِ آدَمَ عليه السلام.



والبَيَانُ الشَّافِي أَنَّه خَلَقَهُ بِيَدِهِ لا بِنِعْمَتِهِ، عَلَى مَا زَعَمَتِ الجَهْمِيَّةُ المُعَطِّلَةُ،

إذْ قَالَتْ: إِنَّ اللهَ يَقْبِضُ بِنِعْمَتِهِ! مِنْ جَمِيعِ الأرْضِ قَبْضَةً فَيَخْلُقُ مِنْهَا بَشَرًا.



وَهَذِهِ السُّنَّةُ السَّادِسَةُ فِي إِثْبَاتِ اليَدِ للخَالِقِ البَاري جَلَّ وعَلَا.



ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبي مُوسَى الأشْعَرِي المُتَقَدِّمَ.



وقَالَ الشَّيْخُ الهَرَّاسُ مُعَلِّقًا عَلَى تَأْويلِ الجَهْمِيَّةِ القَبْضُ بالنِّعْمَةِ:

وَهَذَا تَأَويلٌ بَاطِلٌ! فَإِنَّ القَبْضَ إِنَّمَا يَكُونُ باليَدِ الحَقِيقِيَّةِ لا بالنِّعْمَةِ! فَإِنْ قَالُوا:

إِنَّ الَباءَ هُنَا للسَّبَبِيَّةِ؛ أَيْ: بِسَبَبِ إرَادَتِهِ الإنْعَامَ.



قُلنَا لَهُم: وبِمَاذا قَبَضَ؟ فَإنَّ القَبْضَ مُحْتَاجٌ إلَى آلةٍ فَلَا مَنَاصَ لهم لَوْ أنْصَفُوا

مِنْ أَنْفُسِهم، إلَّا أَنْ يَعْتَرِفُوا بِثُبُوتِ مَا صَرَّحَ بِهِ الكِتَابُ والسُّنَّةُ.



وقَالَ الإمام عُثْمَانُ بنُ سعيدٍ الدَّارِمِيُّ فِي كِتَابِهِ: الرَّدِّ عَلَى بِشْر المريسي

العَنِيدِ: "وأَمَّا دَعْوَاكَ أَيُّها المَريسي فِي قَوْلِ اللهِ:



{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ }

[المائدة: 64]،



فَزَعَمْتَ أَنَّ تَفْسِيرَها عِنْدَك: رَزَقَاهُ رِزْقٌ مُوِسَّعٌ ورِزْقٌ مَقْتُورٌ،

ورِزْقٌ حَلَالٌ ورِزْقٌ حَرَامٌ.



فَقَوْلُهُ يَدَاهُ عِنْدَكَ رِزْقَاهُ! فَقَدْ خَرَجْتَ بهَذَا التَّأويلِ مِنْ حَدِّ العَرَبِيَّةِ كُلِّها، ومِنْ

حَدِّ مَا يَفْقَهَهُ الفُقَهَاءُ، ومِنْ جَمِيعِ لُغَاتِ العَرَبِ والعَجَمِ، فَمِمَنْ تَلَقَّيْتَهُ؟

وعَمَّنْ رَوَيتَهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بالعَرَبِيِّةِ والفَارِسِيَّةِ؟



وإنَّكَ جِئْتَ بمُحَالٍ لا يَعْقِلُهُ أَعْجَمِيٌّ ولا عَرَبيٌّ، ولا نَعْلَمُ أَحْدًا مِنْ أَهْلِ العِلْمِ

والمَعْرِفَةِ سَبَقَكَ إلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي تَفْسِيرِكَ هَذَا فَأْثُرْهُ

عَنْ صَاحِبِ عِلْمٍ أَوْ صَاحِبِ عَرَبِيَّةٍ، وإلا فَإِنَّكَ مَعَ كُفْرِكَ بِهَا مِنَ المُدَلِّسِينَ.



وإِنْ كَانَ تَفْسِيرُهما عِنْدَكَ مَا ذَهَبْتَ إِليهِ فَإِنَّه كَذِبٌ مُحَالٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ

كُفْرًا؛ لأنَّكَ ادَّعَيْتَ أَنَّ للهِ رِزْقًا مْوَسَّعًا ورِزْقًا مُقِتَّرًا، ثُمَّ قُلْتَ: إِنَّ رِزْقَيهِ جَمِيعًا

مَبْسُوطَانِ، فَكَيْفَ يَكُونَا مَبْسُوطَينِ، والمَقْتُورُ أَبْدًا فِي كَلَامِ العَرَبِ غَيْرُ

مَبْسُوطٍ؟ وكَيْفَ قَالَ اللهُ: إنَّ كِلْتَيهِمَا مَبْسُوطَتَانِ، وأَنْتَ تَزْعُمُ

أَنَّ إِحْدَاهُما مَقْتُورَةٌ؟



فَهَذَا أَوَّلُ كَذِبِكَ وَجَهَالَتِكَ بالتَّفْسِيرِ، وقَدْ كَفَانا اللهُ ورسُولهُ مَؤُنَةَ تَفْسِيرِكَ

هَذَا بالنَّاطِقِ مِنْ كِتَابِهِ، وبِمَا أَخْبَرَ اللهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ.



أَمَّا النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ، فَقَولُهُ:

{ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ }

[ص: 75]،



وَقَوْلُهُ:

{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ } [المائدة: 64].



وقَوْلُهُ:

{ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ }

[الفتح: 10]،



وقَوْلُهُ:

{ بِيَدِكَ الْخَيْرُ }

[آل عمران: 26]،



وقَوْلُهُ:

{ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ }

[الحديد: 29]،



وقَوْلُهُ:

{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } [الملك: 1]،



وقَوْلُهُ: { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [الحجرات: 1].

فَهَلْ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَتَأَوَّلَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِهِ أَنَّه رِزْقَاهُ، فَتَقُولَ: بِرِزْقِهِ

الخَيْرُ! وبِرِزْقِهِ الفَضْلُ! وبِرِزْقِهِ المُلْكُ! ولا تُقَدِّمُوا بَيْنَ رِزْقِ اللهِ ورسُولِهِ!!

وأَمَّا المَأْثُورُ مِنْ قَوْلِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَوْلُهُ:



"إِنَّ المُقْسِطِينَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُور عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ

، وكِلْتَا يَدَيهِ يَمِينٌ"



فَتَفْسِيرُ قَوْلِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فِي تَأْوِيلِكِ أَيُّها المريسي:

أَنَّهم عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ رِزْقَيِ الرَّحْمَنِ، وكِلْتَا رِزْقيْهِ يَمينٌ!!

وعَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

"يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَاواتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدَيهِ" - وقَبَضَ كَفَيِّهِ أَوْ قَالَ: يَدَيهِ - فَجَعَلَ

يَقبِضُها ويَبْسُطُهَا، ثُمَّ يَقُولُ: "أَنَا المَلِكُ، أنَا الجَبَّارُ، أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ"، وَيَمِيلُ

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ يَمِينِهِ وعَنْ شِمَالِهِ حَتَى نَظَرْتُ إلى المِنْبَرِ

أَسْفَلَ شَيْءٍ مِنْه حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللهِ

صلى الله عليه وسلم؟



فَيَجُوزُ - أِيُّها المريسي - أَنْ تَتَأَوَّلَ هَذَا الحَدِيثَ؛ أَنَّه يَأْخُذُ السَّمَاواتِ والَأْرضَ

بِرِزْقَيْهِ! مَوْسُوعِهِ ومَقْتُورِهِ، وحَلَالِهِ وحَرَامِهِ، ومَا أَرَاكَ إِلَّا وَسَتَعْلَمُ أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ

بالمُحَالِ، لتُغَالِطَ بِهَا الجُهَّالَ، وتُرَوِّجَ عَلَيهم الضَّلَالَ.

وقَوْلُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ" و "نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ،

لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حَتى تَحَابوُا..." الحديث



وعَنْ أَبِي هُريرَةَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:

"يَقْبِضُ اللهُ الَأرْضَ يَوْمَ القِيامَةِ، ويَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِنِهِ، ثُمَّ قَالَ:

أَنَا المَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟"



أَفَيَجُوزُ أَنْ يَطْوِي اللهُ السَّمَاواتِ بأَحَدِ رِزْقَيْهِ؟ فَأيُّهمَا المُوَسِّعُ عِنْدَكَ مِنَ

المَقْتُورِ؟ وأَيُّهمَا الحَلَالُ مِنَ الحَرَامِ؟ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"كِلتَا يَدَيهِ يَمِينٌ".


وادَّعَيْتَ أَنْتَ أَنَّ أَحَدَهما مُوَسَّعٌ والآخَرَ مَقْتُورٌ.

وعَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ:


"إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ لِيَتُوبَ مُسيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَه بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ

مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا"


أَفَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: يَبْسُطُ حَلَالَه باللَّيلِ وحَرَامَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ المُسِيئَانِ؟ فَلَوْ أَنَّك

إِذْ أَرَدْتَ مُعَانَدَةَ اللهِ ورسُولِهِ ومُخَالفَةَ أَهْلِ الإسْلَامِ احْتَجَجْتَ بِكَلَامٍ أسْتَرَ

عَوْرَة، وأَقَلَّ اسْتِحَالَة مِنْ هَذَا، لَكَانَ أَنْجَعَ لَكَ فِي قُلُوبِ الجُهَّالِ، مِنْ أَنْ تَأْتِيَ

بِشَيْءٍ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ ولا جَاهِلٌ فِي بُطُولِهِ واسْتِحَالَتِهِ"

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين