المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 4920


حور العين
08-22-2020, 02:50 PM
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى الأول والآخر (02)

ومِنْ حَدِيثِ عمْرَانَ رضي الله عنه؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"كَانَ اللُه وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الَماءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضَ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْر كُل شَيْءٍ" ، وَرُبَّمَا يَسْأَلُ سَائِلٌ وَيَقُولُ:
وَمَاذَا قَبْلَ العَرْشِ والماءِ؟

والجَوَابُ: أَنَّ اللهَ قَدْ شَاءَ أَنْ يُوقَفَ عِلْمُنا عَنْ بِدَايَةِ المخْلُوقَاتِ عِنْدَ العَرْشِ والَماءِ فَقَالَ تَعَالَى:

{ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ }
[البقرة: 255]،

فَاللهُ أَعْلَمُ هَلْ تُوجَدُ مَخْلُوقَاتٌ قَبْلَ العَرْشِ والماءِ أم لا؟ لكننا نَعْتَقِدُ أَنَّ
وُجُودَها أَمْرٌ مُمْكِنٌ مُتَعَلِّقٌ بِمَشِيئَةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ، فَاللهُ أَخْبَرَنَا أَنَّهُ يَخْلُقُ مَا
يَشَاءُ، وَيَفُعَلُ مَا يَشَاءُ وَهو عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ مُتَصِّفٌ بِصِفَاتِ الأَفْعَالِ،
وَمِنْ لَوَازِمِ الكَمَالِ أَنَّهُ فَعَّالٌ لِـمَا يُرِيدُ عَلَى الدَّوَامِ أَزَلًا وَأَبَدًا، سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ
قَبْلَ العَرْشِ وَالْـمَاءِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِهما، لَكِنَّ اللهَ أَوْقَفَ عِلْمَنَا عِنْدَ هَذَا الحَدِّ، كَمَا
أَنَّ جَهْلَنَا بِذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا يَخُصُّنَا أَوْ يَتَعَلَّقُ بِحَياتِنَا مِنْ مَعْلُومَاتٍ ضَرُورِيَّةٍ
لِتَحْقِيقِ الكَمَالِ في حَيَاةِ الإِنْسَانِ

، قَالَ سُلَيْمَانُ التيمي رحمه الله:
"لَوْ سُئِلْتُ: أَيْنَ اللهُ؟ لَقُلْتُ: فِي السَّمَاءِ، فَإِنْ قَالَ السَّائِلُ: أَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ
السَّمَاءِ؟ لَقُلْتُ: عَلَى الَماءِ، فَإِنْ قَالَ: فَأَيْنَ كَانْ عَرْشُهُ قَبْلَ الَماءِ؟ لَقُلْتُ:
لَا أَعْلَمُ"، وَيُعَقِّبُ الإِمَامُ البُخَارِي رحمه الله بِقَوْلِهِ: "وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

{ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ }
[البقرة: 255]؛ يعني: إلا بما بيَّن".

وَهَذِهِ المسْأَلَةُ تُسَمَّى في بابِ العَقِيدَةِ بِالتَّسَلْسُلِ؛ وَهُوَ تَرْتِيبُ وُجُودِ الَمخْلُوقَاتِ
فِي مُتَوَالِيَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ غَيْر مُتَنَاهِيَةٍ مِنَ الأزَلِ والأَبَدِ، ومُعْتَقَدُ السَّلَفِ الصَّالِحِ
أَنَّ التَّسَلْسُلَ في الأَزَلِ جَائِزٌ مُمْكِنٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الخَلْقَ يُشَارِكُ اللهَ
فِي الأَزَلِيَّةِ وَالأَوَّلِيَّةِ.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين