المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استيعاب الزوج (5)


هيفولا
06-10-2012, 11:12 PM
استيعاب الزوج 5

يوسف إسماعيل سليمان (http://www.lahaonline.com/articles/author/1675.htm)



http://www.lahaonline.com/media/images/articles//herandhim/thumbnail/th_2cxzzcxsdfs.jpg


تحدثنا في الحلقة السابقة عن قواعد ونماذج عملية لاستيعاب الزوج لزوجته،
بالشكل الذي يرضيها ويسعدها، ويحقق لهما المودة والسكن.
واليوم نختم موضوعنا الذي امتد على مدى خمس حلقات،
ونسلط الضوء في هذه الحلقة الأخيرة على بعض القواعد والأمور المهمة التي تمكن الزوجة أيضًا من استيعاب زوجها واحتوائه،
بما يضمن للزوجين توافقًا وانسجامًا وتناغمًا ينعمان بثمراته رضًا وأُنسًا وطمأنينة وهناء.

وبدءًا نؤكد على أن العلاقة الزوجية في الآونة الأخيرة قد تدخلت فيها العديد من الأفكار والفلسفات
التي جعلتها أشبه باللغز صعب الحل، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، فقد دأبت بعض الشخصيات والأقلام
على التهوين من شأن الزوجة التي تتفرغ لبيتها وزوجها رعاية واهتمامًا وإسعادًا،
والتعظيم والتضخيم والتفخيم لدور غيرها ممن يمارسن العمل خارج المنزل، بغض النظر عن قيمة العمل أو أهميته
أو احتياجها واحتياج المجتمع إليه، وهو ما أدى- ضمن ما أدى إليه- إلى كون المرأة لا تُهيّأ في بيت أسرتها
لتكون زوجة ناجحة ومميزة في بيتها في المقام الأول، مما يعني تغيُّرًا في الأولويات لدى كثير من الأُسر.

وهنا لابد من التأكيد على أن كلا الأمرين خطأ جسيم، وأن الاعتدال والتوسط محمود وممدوح في كل الأمور،
ودون دخول في تفاصيل ليس هذا مكانها، نود أن نعود إلى الأصول التي قررها ديننا الإسلامي،
فقد تعددت النصوص النبوية التي أمرت الزوجة بحسن التبعل لزوجها، وجعلت من ذلك عبادة منها وقربة إلى الله،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها؛
دخلت من أي أبواب الجنة شاءت"رواه ابن حبان وحسنه الألباني،دون أن تمنعها هذه النصوص من ممارسة
العمل خارج المنزل وفق الضوابط المقررة شرعًا،
وأهمها عدم الإخلال بوظيفتها الأساسية كزوجة وراعية في بيت زوجها.
ذلك أن الزوجة المسلمة الواعية بتعاليم دينها تدرك أن قيامها بحقوق الزوجية،
ورعاية زوجها، وحسن تبعُّلها واجب وخلق إسلامي أصيل للمرأة المسلمة،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ
لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْحَقِّ"(رواه أبو داود وحسنه السيوطي).
وللقيام بهذا الحق عليها أن تفهم نفسية زوجها، وتعرف مواضع رضاه وسخطه،
فتقدر على كسب ثقته وقلبه، وتحوز على إعجابه، وتوصد كل منفذ يعكر صفو استقرار أسرتها وهنائهما.
ولعلنا نشير في النقاط التالية إلى بعض الأفكار المعينة في هذا الشأن:

1- الإبداع في القيام بالحقوق الزوجية: إذ لا يمكن للزوجة أن تبدع فيما تجهل،
فعليها أن تعرف أولاً حقوق الزوج وحقوقها، وواجبها تجاه زوجها بشكل وافٍ وكامل،
سواء بالسؤال لأهل العلم والتخصص أو بالقراءة لهم، وسواء كانت متزوجة أو مقبلة على الزواج.
والإبداع في الحياة الزوجية لا يعني التجديد فيها فقط،
وإنما يعني أيضًا تلبية حاجات الزوج قدر الاستطاعة والطاقة حتى ولو لم يذكرها تصريحًا.

2- المداومة على أن تكوني حال وجوده بالمنزل في حالة من النظافة والتجمُّل والتطيُّب:
فالزوج كثيرًا ما يتحرج أن يطالب زوجته بهذه الأمور، خاصة أن الزوجة هي الأخرى حساسة جدًا
لمثل هذه الانتقادات، وذلك لتحققي واحدًا من أهم ما يطمحه أي زوج من زوجته،
وهو أن تكوني سرور عينه إذا نظر، وشوق فؤاده إن غاب أو حضر.


3- الحرص على مشاعره واهتماماته:
وهنا أعني أن تعودي نفسك التأنق في التعبير،
وتحري استخدام أفضل الكلمات، وأحسن الألفاظ في أي حوار بينكما وإن اختلفتما،
ولا تخالفي رأيه أو تضعِّفيه أمام الآخرين، وأن تصمتي إذا غضب ريثما يهدأ، وأن تظهري الشوق إليه،
والسعادة في قربه، وأن تتلمسي محابَّه فتفعليها، وتتجنبي ما يسوؤه قدر طاقتك قولاً أو فعلاً.

4- سرعة التلبية والتفاعل في العلاقة الزوجية:


وذلك حتى تكتمل متعة الاتصال الحسية والنفسية، قال صلى الله عليه وسلم
: "إِذَا الرَّجُلُ دَعَا زَوْجَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَلْتَأْتِهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ
"(رواه الترمذي وصححه الألباني).
والمعنى: ولتُجِبْ دعوته وإن كانت تخبز على الفُرْن مع أنه شغل شاغل.
ومما يغيب عن بعض الزوجات أن قوله تعالى: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم)(البقرة:223)،
يعني أن للزوجين أن يستمتعا بعلاقتهما الخاصة كما يرغبان، وبالطريقة التي تطيب لهما،
فكل شيء لمستِ منه حبًا له فأقدمي عليه، ما لم يكن حرامًا، مع إشعاره بأنك من أسعد الناس به،
وسيكون من الممتع له أن تكوني أنت البادئة من حين لآخر.

5- العناية برعيتك في البيت من أولاد وغيره، وحسن متابعتهم دراسيًا وتربويًا وصحيًا...إلخ،
دون صخب أو ضجيج، وبطريقة تدرب الأولاد على التعاون وتحمل المسؤولية،
على ألا يكون ذلك أبدًا على حساب إهمال الزوج وشؤونه، فللزوج الأولوية الكبرى،
ويجب أن يفهم الأولاد ذلك من تعاملاتك وتصرفاتك معهم ومع والدهم، وليس بالأقوال فقط.

6- البر بذوي رحمه، والإحسان إليهم:
ويشمل ذلك كل من يحبهم ويقدرهم، فتحسني استقبالهم وإكرامهم، والحديث معهم وعنهم، في احترام وأدب.

7- كوني مرحة وسببًا لاستبشاره وسروره:
وإن لم تستطيعي فاحفظي طرائف تلقينها على مسامعه بين حين وآخر،
ولا تبدئيه بخبرٍ يزعجه أو يؤلمه،
خاصة عند أول حضوره من العمل، أو حين يستعد للنوم أو للقاء الحميمي بينكما،
وأخِّري مثل هذه الأخبار قدر استطاعتك لوقت مناسب.


8- تحملي هفواته وعثراته، ولا تفشي له سرًا أبدًا، ولا تذكِّريه بتقصير منه تجاهك،
ولكن يمكنك أن تُقولي ما تريدين بطريقة غير مباشرة؛ كأن تروي له قصة،
أو تستثمري موقفًا في الحياة أثَّر فيه لتلفتي انتباهه لبعض المعاني التي تريدينها.

9- دللي زوجك أحيانًا في أوقات الصفاء:
وأشعريه بفيض أنوثتك ورقتك، كأن تقشري له الفواكه وتطعميه بيديك،
أو تجهزي له ملابسه عند استحمامه، وتدخلي معه لتدليكه، وتشجعيه بكلمات الثناء عندما يقوم بعمل حسن،
وتستقبليه بوجه بشوش وعناق وتقبيل، أو تضعي رأسه على حجرك وتمرري يدك على شعره.

10- حافظي على استمرار رشاقتك، وأناقتك، وزيادة ثقافتك، وعلى فضيلة الاهتمام بكل ما يسعده ويعجبه ويرضيه،
ومشاركته في بعض الأنشطة المحبوبة لديه، حتى لو كانت الجلوس سويًا على الإنترنت، ولا تتركيه يسهر عليه وحيدًا.

ومن المهم: ألا تنتظري منه أن يقدر كل ذلك خلال فترة قصيرة،
ولا تيأسي من قدرتك على تغييره إلى الوضعية التي تنشدينها فيه، واستعيني على صلاح بيتك وزوجك بالدعاء،
والتماس العون والتوفيق من الله؛ فإنه كما قال الشاعر:
إذا لم يكن من الله عون للفتى*** فأول ما يقضي عليه اجتهاده.