المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5820


حور العين
04-02-2023, 06:36 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

أولئك صُفِّدوا ، فمن يُصَفِّدُ هؤلاء ؟

مما استقر لدى أهل الإسلام : أن رمضان مجالٌ رحب للإكثار من أنواع
الطاعات اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان يَخُصُّ رمضان

بعبادة لا يخص بها غيره من الشهور .

كما أن أهل الإسلام يحرصون في رمضان على مزيد التقاصر عن أنواع
المآثم ، ويبلغ بهم هذا الحرص أن يجتنبوا أشياء من قبيل المكروهات

لا المحرمات .

وهذا منهم بالنظر إلى أصل الإيمان الذي في قلوبهم ، والفطرة التي يحملونها
بين جوانحهم ، ويُعِينُهم في ذلك ما يهيئه الله من منع مَرَدَةِ الشيطان
من التسلُّط عليهم بمثل ما يتسلَّطون به في غير رمضان .

ويوضح هذا ما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب السماء ، و غُلِّقت أبواب جهنم ، و سُلْسِلَت
الشياطين " ولمسلم : " وصُفِّدت الشياطين " وللترمذي وابن ماجه:

" صُفِّدت الشياطين و مَرَدَةُ الجن ".

غير أن ما يدعو للاستغراب أن في مجتمعاتنا الإسلامية فئةً أَبَتْ أن تشارك
الجماهير الإسلامية تلك الروحانية الإيمانية الكبيرة ، فراحت تُجدِّف ضد
التيار ، بل وتحاول الإخلال بالمشاعر الإيمانية التي يعيشها الناس ،

فلم يقتصروا على تأثيم أنفسهم ، بل راحوا يُغْرُونَ الناس بأعمال يجرحون
بها حرمة الشهر الكريم ، فجعلوه موسماً لتسويق أخلاقياتهم المخالفة

واتجاهاتهم المنحرفة .

وإن أبرز ما يذكر من أمثلةٍ لهذا الاتجاه : ما تبنَّاه عددٌ من المنتسبين لما
يسمى ( الوسط الفني ) من برامج وتمثيليات خَصُّوا بها شهر رمضان ،
وتعاطوا فيها طروحات مثيرة ، من جهة مساسها واستخفافها بمسلَّمات
دينية وأحكام شرعية ، إضافةً للمسلسلات التي لا يتورَّع الممثلون
والممثلات فيها عن أنواع العري والتفسخ الأخلاقي .

وقريبٌ من هؤلاء عددٌ من مالكي الفضائيات الخاصة ، وكذلك القائمين على
التلفزيونات الحكومية الذين يسوِّقون تلك الأعمال ، ويرتبون لها قبل شهر
رمضان بأشهر عديدة ، ويختارون لها أوقات الذروة في المشاهدة ، حيث
ينتصب الملايين من عامة الناس أمام الشاشات ، وخاصة الأطفال والنساء
والمراهقين والمراهقات ، والذين أوشكوا أن يفقدوا روحانية الشهر ،

وترتسم في أذهانهم علاقته بتلك الأعمال المؤسفة .

وقد أردتُ مرةً أن أقف بنفسي على طبيعة ما يعرض على الشاشات في نهار
رمضان ولياليه ، فوجدت ما أحزن نفسي وكدَّر خاطري ، وساءلتُ نفسي :
هل هذه هي تلفزيونات المسلمين حقاً ؟! إن أعداء المسلمين لو أرادوا
الإضرار بالمسلمين بعرض ما يسيء للإسلام لما استطاعوا أن يأتوا بأشد

مما صنعه هؤلاء المسلمين والمسلمات .

حتى إن بعض قنوات الرقص والغناء (الفيديو كليب) تعرض الرقص الماجن
والكلام الفاحش والقبلات المحرمة ، مع ما يصاحبها من الشريط المتحرك
الذي يظهر رسائل (SMS ) واتصالات الشباب والفتيات المراهقين ، وما
فيها من الكلمات الداعية للفاحشة ، التي تغريهم بها المشاهد المخلَّة أمامهم
، حتى باتت تلك الشاشات أشبه بمواخير دعارة ومجون ، ولمزيد
الاستخفاف تموج الشاشة طيلة ذلك في زاويتها بـ (رمضان كريم ) .

لقد كنت أتساءل في نفسي : إن مَرَدَة شياطين الجن قد صُفِّدت ، فما بال
هؤلاء ( الإنس ) لا يزالون على أعمالهم ( المغوية ) والتي بَعُدُوا بها عن
الهدى والخير ، وأبعدوا بها غيرهم ، وتأملت ما قاله بعض النبلاء : بأن من
الإنس من تألف أنفسهم السوء والفُحش حتى يكون من جملة تكوينهم في كل

الأحوال :

(وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً

عَظِيماً ) [النساء : 27] .

نعم إن الشياطين قد صُفِّدوا ، فمن يُصَفِّدُ هؤلاء ؟. أليس في دول عالمنا
الإسلامي من أهل الرشد والغيرة من يأخذ على أيدي هؤلاء ، حتى تحفظ
للشهر حرمته ، ويحفظ للناس تعبدهم وإيمانهم . إنها مسئولية مؤسسات
المجتمع ، مسئولية المربين والمربيات وقادة الفكر وصُنَّاع الثقافة ،

كما أنها مسئولية العقلاء والعاقلات ليحموا أنفسهم وذويهم من

أن يكونوا صيداً غِراً لهؤلاء الذين لم يصفَّدوا .

والله المسئول أن يهدينا جميعاً ، ونعوذ به سبحانه أن يزيغ قلوبنا



أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين