المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَثر مشهور يردد في نهاية كل عام


هيفولا
11-22-2012, 06:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم



أثر مشهور يردد في نهاية كل عام

الحمدُ للهِ وبعد ؛

يقومُ الوعاظُ والخطباءُ ، وتقومُ المقالاتُ والمطوياتُ وغير ذلك
في هذه الأزمان المتأخرةِ بالتذكيرِ بمحاسبة النفس في نهاية العامِ ،
وهذا أمر طيبٌ ولا شك ، ولكن السؤالُ المطروحُ :
هل كان السلفُ يذكرون الناسَ بمحاسبةِ النفسِ في نهايةِ العامِ فقط ؟!!!

الجواب : كلا ، بل المتتبع لأحوالهم يجدُ أنهم يذكِّرون أنفسهم في كل وقتٍ وحينٍ
بمحاسبةِ النفسِ ، ولو رجعنا إلى مصنفاتهم في هذا الأمر لوجدنا العديد ،

ومن أشهر الكتب : محاسبةُ النفسِ لابن أبي الدنيا ،
وهو يروي الأحاديث والآثار بالسند عن سلف الأمة

، ولم ينقل عن أحدهم أنهم يذكَّرون أنفسهم أو غيرهم
بمحاسبة النفس في نهاية العام .

وأيضاً المتأملُ لكتابِ الله ِ يجد أن اللهَ في آيات كثيرةٍ
يذكر العبد بالمحاسبةِ ، والتوبةِ ، والإنابةِ إليه .

فالحاصلُ : إن المحاسبة للنفس ليست محددةً بوقت معين ، ولا بمناسبة معينة .

بعد هذه المقدمة نأتي على ما عنونا به المقال ،
نسمعُ ونقرأُ في موضوعِ التذكيرِ بمحاسبةِ النفسِ ترديداً لأثرٍ
عن الخليفةِ الثاني أميرِ المؤمنينَ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه .

فلنقف مع هذا الأثرِ من جهةِ صحةِ نسبته إلى عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه .

نَـصُّ الأَثَـرِ :
عنْ عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ قَالَ :
حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَزَيّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ ،
وَإِنّمَا يَخِفّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ في الدّنْيَا.

وفي لفظٍ : عن عمر أنه قال في خطبته :
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فإنه أهون لحسابكم ،
وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتزينوا للعرض الأكبر :
" يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ "
[ الحاقة : 18 ] .

تَـخْـرِيـجُ الأَثَـرِ :
أخرجه ابن أبي الدنيا في " محاسبة النفس " ( ص 29 – 30 ) ،
وأحمد في " الزهد " ( ص 120) ،
وأبو نعيم في " الحلية " (1/52) ،
وعلقه ابن الجوزي في " مناقب عمر رضي الله عنه "
( ص 178) من طريق جعفر بن بُرقَان ،
عن ثابت بن الحجاج ، عن عمر رضي الله عنه به .
وهذا سند فيه انقطاع بين ثابت وعمر ؛
فإن ثابتاً لم يدرك عمر رضي الله عنه .

وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (13/270)
من طريق جعفر بن بُرقَان ،
عن رجل لم يكن يسمه ، عن عمر رضي الله عنه .
وكما هو ظاهر السند فإن فيه رجلاً مبهماً .
وأخرجه ابن المبارك في الزهد ( ص 103 )
عن مالك بن مغول بلاغا عن عمر رضي الله عنه .

وأخرجه مالك في " الموطأ " (2/111) " رواية أبي مصعب "
بسند منقطع بين يحيى بن سعيد وعمر رضي الله عنه .

وقد ذكره الإمام الترمذي في سننه (4/550) بصيغة التمريض فقال
: ‏وَيُرْوَى ‏عَنْ ‏عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
‏قَالَ : حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ ،
وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا .

وقد ضعف الأثر الشيخ العلامة الألباني – رحمه الله –
في " الضعيفة " (1201) ،
وأبو إسحاق الحويني في " تخريجه لتفسير ابن كثير " (1/478)
وقال : وهذا سند رجاله ثقات لكنه منقطع بين ثابت بن الحجاج
وعمر بن الخطاب فلم يدركه .ا.هـ.

فالحاصل أن جميع طرق الأثر لا تثبت ،

والله أعلم .




كتبه
عَـبْـد الـلَّـه بن محمد زُقَـيْـل