المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحسن البصرى


vip_vip
06-14-2010, 12:27 AM
نسبه وقبيلته

كان أبوه مولى جميل بن قطبة وهو من سبي ميسان،
سكن المدينة وأُعتِق وتزوج بها في خلافة عمر بن الخطاب
فولد له بها (.....)رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر.
وأمة خيرة مولاة لأم سلمة أم المؤمنين كانت تخدمها،
وربما أرسلتها في الحاجة فتشتغل عن ولدها (....)وهو رضيع
فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرضع منهما،
فكانوا يرون أن تلك الحكمة والعلوم التي أوتيها (.....)
من بركة تلك الرضاعة من الثدي المنسوب إلى رسول الله،
ثم كان وهو صغير تخرجه أمه إلى الصحابة فيدعون له وكان
في جملة من يدعو له عمر بن الخطاب قال:
اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس.
عدَّه ابن سعد في طبقاته من الطبقة الثانية
وهم دون من قبلهم في السن.
بلد المعيشة والرحلات
أصله من ميسان، ولد ونشأ بالمدينة بين الصحابة، وسافر إلى
كابل، وكان كاتبًا للربيع بن زياد في خراسان في عهد سيدنا
معاوية بن أبي سفيان وسكن بعد ذلك البصرة،
الصحابة الذين تعلم على أيديهم
ولد (....) في المدينة ونشأ بين الصحابة رضوان الله عليهم،
مما دفعه إلى التعلم من الصحابة، والرواية عنهم، ورأى
(....)عدد من الصحابة وعاش بين كبار كعثمان بن عفان
وطلحة بن عبيد الله، وروى عن عمران بن حصين والمغيرة بن
شعبة وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب وأبي بكرة
الثقفي والنعمان بن بشير وجابر وجندب البجلي وابن عباس
وعمرو بن تغلب ومعقل بن يسار والأسود ابن سريع وأنس
بن مالك وروى عن عدد كبير من الصحابة.

أثر التابعين فيه

كما كان للصحابة أثرًا في تربية (....)بسبب نشأته بينهم،
وتعلمه على أيديهم، كان لبعض التابعين أثرًا كبيرًا في نفسه:
فلقد روي أنه كان يقص في الحج فمر به علي بن الحسين
رضي الله عنهما فقال له: يا شيخ، أترضى نفسك للموت؟
قال: لا قال: فلله في أرضه معاد غير هذا البيت، قال: لا قال:
فثم دار للعمل غير هذه الدار، قال: لا قال: فعملك للحساب، قال:
لا قال: فلم تشغل الناس عن طواف البيت قال:
فما قص الحسن بعدها.

أثره في الآخرين

إن رجلاً تربى على يد الصحابة وأخذ عنهم وتعلم منهم تجد
له آثارًا واضحة في الآخرين، فعن إياس بن أبي تميمة يقول:
شهدت (....)في جنازة أبي رجاء على بغلة والفرزدق إلى جنبه
على بعير، فقال له الفرزدق: قد استشرفنا الناس يقولون:
خير الناس، وشر الناس قال: يا أبا فراس، كم من أشعث أغبر
ذي طمرين خير مني؟ وكم من شيخ مشرك أنت خير منه؟ ما
أعددت للموت؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله قال: إن معها
شروطًا فإياك وقذف المحصنة قال: هل من توبة؟ قال: نعم.
وخرج (.....)من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب
فقال: ما يجلسكم ها هنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء،
أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين
أرواحكم وأجسادكم، قد فرطحتم نعالكم وشمرتم ثيابكم وجززتم
شعوركم فضحتم القراء فضحكم الله، والله لو زهدتم فيما عندهم
لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيكم أبعد
الله من أبعد.

موقفه مع ابن سيرين

كان بين (....) وبين محمد بن سيرين هجرة، فكان إذا ذكر ابن
سيرين عند (....)يقول: دعونا من ذكر الحاكة، وكان بعض
أهل ابن سيرين حائكًا، فرأى (...)في منامه كأنه عريان،
وهو قائم على مزبلة يضرب بالعود، فأصبح مهموما برؤياه،
فقال لبعض أصحابه: امض إلى ابن سيرين، فقص عليه رؤياي
على أنك أنت رأيتها، فدخل على ابن سيرين وذكر له الرؤيا
فقال ابن سيرين: قل لمن رأى هذه الرؤيا، لا تسأل الحاكة عن
مثل هذا. فأخبر الرجل (....)بمقالته، فعظم لديه، وقال: قوموا
بنا إليه، فلما رآه ابن سيرين، قام إليه وتصافحا وسلم كل واحد
منهما على صاحبه، وجلسا يتعاتبان، فقال (...):
دعنا من هذا، فقد شغلت الرؤيا قلبي. فقال ابن سيرين: لا تشغل
قلبك، فإن العري عري من الدنيا، ليس عليك منها علقة وأما
المزبلة فهي الدنيا، وقد انكشفت لك أحوالها، فأنت تراها
كما هي في ذاتها، وأما ضربك بالعود، فإنه الحكمة التي تتكلم
بها وينتفع بها الناس. فقال له الحسن: فمن أين لك أني أنا
رأيت هذه الرؤيا? قال ابن سيرين: لما قصها علي فكرت،
فلم أر أحدًا يصلح أن يكون رآها غيرك.

موقفه مع عمر بن عبد العزيز

كتب (...)إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد يا أمير المؤمنين،
اعلم أن الدنيا ليست بدار إقامة وإنما أهبط آدم إليها عقوبة؛
فبحسب من لا يدري ثواب الله أنه ثواب، وبحسب من لا يدري
عقاب الله أنه عقاب، ليست صرعتها كالصرعة تهين من
أكرمها، وتذل من أعزها، وتفقر من جمعها، ولها في كل حين
قتيل، فالزاد منها تركها والغنى فيها فقرها، هي والله يا أمير
المؤمنين كالسم يأكله من لا يعرفه ليشفيه وهو حتفه؛ فكن
فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يحتمي قليلاً مخافة
ما يكره طويلاً، ويصبر على شدة الدواء مخافة البلاء، فأهل
البصائر الفضائل فيها يا أمير المؤمنين مشيهم بالتواضع،
وملبسهم بالاقتصاد، ومنطقهم بالصواب، ومطعمهم الطيب
من الرزق، قد نفذت أبصارهم في الآجل كما نفذت أبصارهم في
العاجل، فخوفهم في البر كخوفهم في البحر، ودعاؤهم في
السراء كدعائهم في الضراء، ولولا الأجل الذي كتب عليهم لم
تقر أرواحهم في أبدانهم إلا قليلاً خوفًا من العقاب وشوقًا إلى
الثواب، عظم الخالق في أعينهم وصغر المخلوق عندهم فارض
منها بالكفاف وليكفك ما بلغك المحل.

شجاعته

كان (....)أشجع أهل زمانه كما يقول هشام بن حسان،
وكان جعفر بن سليمان يقول: كان (...)من أشد الناس،
وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه.

معرفته لحقوق إخوانه

لقد كان (.....) ممن يعرف للإخوة حقوقها، فعن معمر عن قتادة
قال: دخلنا على (...)وهو نائم وعند رأسه سلة فجذبناها فإذا
خبز وفاكهه وجعلنا نأكل فانتبه فرآنا فسره فتبسم وهو يقرأ
{أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ}.
وعن جرير بن حازم قال: كنا عند (....)وقد انتصف النهار وزاد
فقال ابنه: خفوا عن الشيخ، فإنكم قد شققتم عليه فإنه لم يطعم
طعامًا ولا شرابًا، قال: مه وانتهره، دعهم فوالله ما شيء أقر
لعيني من رؤيتهم أو منهم، إن كان الرجل من المسلمين
ليزور أخاه فيتحدثان ويذكران ويحمدان ربهما حتى يمنعه
قائلته. ولقي الحسن بن أبي الحسن البصري بعض إخوانه
فلما أراد أن يفارقه خلع عمامته فألبسه إياه وقال: إذا أتيت
أهلك فبعها واستنفق ثمنها.



موقف الوفاة

يقول أبو طارق السعدي: شهدت (....)عند موته يوصي فقال
لكاتب: اكتب هذا ما يشهد به الحسن بن أبي الحسن يشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله من شهد بها صادقًا عند
موته دخل الجنة، ولما حضرته الوفاة جعل يسترجع فقام إليه
ابنه فقال: يا أبت قد غممتنا، فهل رأيت شيئًا؟ قال: هي نفسي
لم أصب بمثلها.

وفاته

قال رجل لابن سيرين: رأيت كأن طائرًا آخذًا الحسن حصاه
في المسجد فقال ابن سيرين: إن صدقت رؤياك مات الحسن
قال: فلم يلبث إلا قليلا حتى مات.

ومات الحسن ليلة الجمعة، وغسله أيوب وحميد،
وأخرج حين انصرف الناس وازدحموا عليه، حتى فاتت الناس
صلاة العصر، لم تصل في جامع البصرة. وكان مماته سنة
عشر ومائة، وعمره تسع وثمانون سنة، وقيل ست وتسعون
سنة. وقال هشام بن حسان: كنا عند محمد بن سيرين عشية
يوم الخميس فدخل عليه رجل بعد العصر فقال: مات الحسن
فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام فما تكلم حتى
غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه،
وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم.