المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغضب غلبة من الشيطان


adnan
12-08-2012, 07:42 PM
صيد الخاطر لابن الجوزي

الغضب غلبة من الشيطان

متى رأيت صاحبك قد غضب و أخذ يتكلم بما لا يصلح ،
فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصراً ، و لا أن تؤاخذه به .
فإن حاله حال السكران ، لا يدري ما يجري .
بل اصبر لفورته ، و لا تعول عليها ، فإن الشيطان قد غلبه ،
و الطبع قد هاج ، و العقل قد استتر .
و متى أخذت في نفسك عليه ، أو أجبته بمقتضى فعله ،
كنت كعاقل واجه مجنوناً ، أو كمفيق عاتب مغمى عليه . فالذنب لك .
بل انظر بعين الرحمة ، و تلمح تصريف القدر له ،
و تفرج في لعب الطبع به . و اعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى ،
و عرف لك فضل الصبر .
و أقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به .
و هذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند الغضب الوالد ،
و الزوجة عند غضب الزوج ، فتتركه يشتفي بما يقول ،
و لا تعول على ذلك ، فسيعود نادماً معتذراً .
و متى قوبل على حالته و مقالته صارت العداوة متمكنة ،
و جازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر .
و أكثر الناس على غير هذه الطريق .
متى رأوا غضبان قابلوه بما يقول و يعمل ، و هذا على مقتضى الحكمة ،
بل الحكمة ما ذكرته ، و ما يعقلها إلا العالمون .