المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة الشمائل المحمدية


adnan
12-08-2012, 07:46 PM
([ سلسلة الشمائل المحمدية ] )


{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما } .

الأحزاب (56)
اللهم صلِّ و سلم و بارك على عبدك و رسولك
سيدنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين

هـذا الـحـبـيـب صلى الله عليه و سلم
أولادهـ رضى الله تعالى عنهم
6 – عبد الله ( الطيب ) رضى الله تعالى عنه
أبن رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم .

* وُلد بعد النبوة ، و قيل قبلها .
* و كان يلقب " بالطيب " و " الطاهر " .
* و توفي صغيراً رضى الله تعالى عنه و أرضاه .

[ قصة الأسبوع ]

" أعرابي في المسجد ! ! "

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله تعالى عنه أنه قَالَ

قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ

فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ :


( دَعُوهُ وَ هَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ
فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَ لَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ )


رواه البخاري 213
و في رواية للبخاري 5663 :

( فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ )


[ معاني المفردات ]

1 – فثار : هاجوا عليه .
2 - ليقعوا به : ليؤذوه بالضرب و نحوه .
3 – ذَنوباً : بفتح الذال : دلواً فيه ماء .
4 - أهريقوا : صبّوا .

[ تفاصيل القصّة ]

تستقبل المدينة النبويّة كلّ يومٍ زوّارها ليلاً و نهاراً من كلّ حدبٍ و صوب ،
و يتنوّع هؤلاء الزوّار في مقاماتهم و حاجاتهم ، ما بين تاجرٍ يريد عقد صفقة تجاريّة ،
و مسافرٍ جاء لزيارة أرحامه و أصهاره ، و أعرابي حملته الحاجة و أجبرته الفاقة
إلى القدوم للتزوّد بالمتاع و الأقوات ، و غيرهم من صنوف الناس .

و كان من هؤلاء الزوّار أحد الأعراب الوافدين إلى المدينة بين الحين و الآخر ،
و صلته دعوة الإسلام و هو في البادية فوافقت فطرةً سليمةً و قلباً صافياً فانضمّ إلى لوائها ،
و دخل في حياضها .

و بينما هو يطوف في سكك المدينة إذ أبصر مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم
فاشتهى أن يصلّي ركعتين فيه ، قبل أن يغادر إلى بعض شؤونه ،
فدخل المسجد و وقف مصلّياً على مقربة من رسول الله عليه الصلاة و السلام و أصحابه .

و لما انتهى من صلاته تذكّر نعمة الله عليه بالنبي صلى الله عليه و سلم ،
فلولاه لظلّ على جاهليّته طيلة عمره ، فرفع يديه إلى السماء و دعا عجباً :

" اللهم ارحمنى و محمدا ، و لا ترحم معنا أحدا " ! .

دعاءٌ مجحف و رجاءٌ ظالم يُقفل أبواب الرحمة الإلهيّة التي وسعت كل شيء ،
و سرتْ مشاعر الاستنكار بين جلساء النبي صلى الله عليه و سلم ،
و هم ينظرون إليه صلوات الله و سلامه عليه ينتظرون ردّة فعله ،
لكنّه رسول الله الذي امتدّ حلمه و اتسع صدره لأخطاء الناس و جهالاتهم ،
فهو يعلم أن هذا الأعرابي و أمثاله إنما يتصرّفون على سجيّتهم و طبيعتهم
التي اكتسبوها من قسوة الحياة في البادية و شدّتها ،
و دواء الجهل لا يكون إلا بالعلم و التعليم ،

فقال له عليه الصلاة و السلام :

( لقد حَجّرت واسعا )

أي : لقد ضيّقت واسعاً .

قام الرّجل من مكانه ، و بينما هو يتهيّأ للخروج إذ أحسّ برغبة في قضاء حاجته ،
و على سجيّته مرّةً أخرى توجّه إلى ناحية المسجد و شرع في إراقة مائه .

و لئن تحمّل الصحابة الكرام جهالات الرّجل في أقواله ،
فإن تحمّل مثل هذا الفعيل الشنيع ليس بمقدورٍ ،
خصوصاً إذا نظرنا إلى ما ينطوي عليه من امتهانٍ بالغٍ لحرمات بيتٍ من بيوت الله تعالى ،
فتواثبوا ليوسعوه ضرباً ، و يلقّنونه درساً ،
لكنّ إشارةً صارمةً من النبي صلى الله عليه و سلم أوقفتهم عن فعل ذلك ،

حيث قال لهم صلى الله عليه و سلم :

( دعوه و أريقوا على بوله ذنوباً من ماء ) ،

و لكم كان الموقف قاسياً على الصحابة و هم ينظرون إلى الأعرابيّ
و ينتظرونه كي يفرغ من شناعته ،
حتى صار للحظات الانتظار ثقلٌ بالغٌ على نفوسهم .
و بعد أن انتهى الأعرابيّ ناداه النبي صلى الله عليه و سلم

و سأله الرؤؤف الرحيم بأمته صلى الله عليه و سلم :

( ألست بمسلم ؟ )

فقال له : " بلى ! "،

قال عليه صلوات ربى و سلامه :

( فما حملك على أن بِلْت في المسجد ؟ ) ،

فقال له صادقاً :
" و الذي بعثك بالحق ، ما ظننتُ إلا أنه صعيد من الصعدات فبِلْتُ فيه "
رواه أبو يعلى ،

فقال له عليه الصلاة و السلام معلّماً و مربّياً
في جواب ملؤه الرحمة و الشفقة ، و اللطف في العبارة ، :

( إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول و القذر
إنما هي لذكر الله و الصلاة و قراءة القرآن )

متفق عليه .

و لقد أثّر هذا الموقف على نفس الأعرابيّ تأثيراً بالغاً ،
و نجد ذلك جليّاً في قوله الذي أُثر عنه :

" .. فقام النبي صلى الله عليه و سلم إليّ بأبي هو و أمي ،
فلم يسبّ ، و لم يؤنّب و لم يضرب "

رواه أحمد .
و هكذا هي أخلاق النبوّة رحمةً و هدى ، و تلطّفاً و شفقة ،
ليضرب لنا أروع الأمثلة الدعويّة و التربويّة و يتمثّل لنا حكمة الدعوة قولاً و عملاً .

[ إضاءات حول الموقف ]

" إن الله تعالى يُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف "

هذا هو الدرس الأوّل الذي نتعلّمه من هذا الموقف العظيم ، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه ،
و لا نزع من شيء إلا شانه ، كما صحّ ذلك عن الحبيب صلى الله عليه و سلم ،
و لقد كان هذا الخلق النبيل جانباً من جوانب كمالات النبي عليه الصلاة و السلام
التي أسر بها قلوب من حوله على اختلاف طباعهم و تنوّع مشاربهم ،

قال الله تعالى :

{ فبما رحمة من الله لنت لهم
ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك }

( آل عمران : 159 ) .

و من الواضح أن الأعرابي عندما وقعت منه المخالفة في الدعاء ،
و المخالفة في مكان قضاء الحاجة ، إنما كان دافعه إلى ذلك جهله بأحكام دينه ،
من أجل ذلك لم يعنّفه النبي صلى الله عليه و سلم و إنما أحسن إليه و أدّبه بأرفق خطاب ،
و من أجل ذلك أيضاً كانت معاملته عليه الصلاة و السلام
للأعراب تختلف عن معاملته للمقرّبين من صحابته .

و فائدةٌ أخرى تتعلّق بموقف النبي صلى الله عليه و سلم
من منع الصحابة من الوقوع بالرّجل أو الإساءة إليه ،
لأنهم إن فعلوا ذلك ترتّب على فعلهم العديد من المفاسد ،

أوّلها : أن الرجل قد يُذعَر فيقوم من مكانه و يتسبّب في توسعة مكان النجاسة
مما يصعّب معه تطهيرها أو الاهتداء إلى مكانها .
و ثانيها : أن ثوبه قد تصيبه النجاسة جرّاء قيامه المستعجل .
و ثالثها : أن توقّفه عن إكمال حاجته قد يضرّه
لاحتقان الماء في المثانة و العضلات القابضة .
و رابعها : أن الرّجل قد تنكشف عورته أثناء هذه اللحظات .
و خامسها :
أن الرّجل قد تُصيبه ردّة فعلٍ فينسب قسوة الصحابة إلى الدين فينفِر منه .

من هنا كان الموقف الحكيم الذي أمر به النبي صلى الله عليه و سلم صحابته
أن يتركوه حتى يفرغ من حاجته ،
ليعلّمنا قاعدة ارتكاب أخفّ الضررين ،
ثم الأمر بإزالة هذه النجاسة عن طريق صبّ الماء الكثير الذي يحيل النجاسة و يمحوها .

و ربما يستشكل البعض سؤال النبي صلى الله عليه و سلم الرّجل

بقوله صلى الله عليه و سلم :

( ألست بمسلم ؟ )

بالرغم من كونه قد رآه هو و أصحابه يصلّي ركعتين في المسجد ،
و الجواب أن السؤال هنا ليس محض استفهام بل هو لتقريره بخطأ ما أقدم عليه
و بيان مناقضته لأخلاق المسلمين و ما يقتضيه إيمانه من تعظيم الشعائر و المقدّسات .

و الحاصل أن النبي صلى الله عليه و سلم قدّم لنا درساً بالغ الأهمّية
في أحوال الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ،
و معرفة طبائع الناس و مراعاة نفسيّاتهم ،
لتظلّ الذكرى الطيّبة و المشاعر الجميلة في نفوس المدعوّين
و ما يترتّب عليه من قبولهم للحق و الهدى .
رب زدنا علما بسنة حبيبك محمد صلى الله عليه و سلم
و اجعلنا ممن يتخلق بها و ينشرها للعالم و يعلمها .


أســـأل الله لي و لكم الـــثـــبـــات
اللـــهـــم صـــلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين
--- --- --- --- --- ---
المصدر : موقع الشيبة .
و الله سبحانه و تعالى أعلى و أعلم و أجَلّ

صدق الله العلى العظيم و صدق رسوله الكريم
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم

( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )
( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )
( و الله الموفق )
=======================
و نسأل الله لنا و لكم التوفيق و شاكرين لكم حُسْن متابعتكم
و إلى اللقاء في الحديث القادم و أنتم بكل الخير و العافية

" إن شـاء الله "
أخيكم / عدنان الياس ( AdaneeNooO )
درس اليوم
أولاً : مع الشكر للأخ / فـارس خـالـد - موقع " الشيبة " الصديق .
ثانياً : مع الشكر للأخ / عثمان أحمد - موقع " الشيبة " الصديق .