المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : درس اليوم 5898


حور العين
08-24-2023, 09:09 AM
من:إدارة بيت عطاء الخير
http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم

الأطوار الثلاثة


قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً

فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ

عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ *

ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾

[المؤمنون: 12 - 16].

قد يتساءل سائل: لماذا لم يذكر الله عز وجل شيئًا عن حياة الإنسان بعد

وصف نشأته الأولى، وهي نشأة أبينا آدم عليه السلام، وكذلك الاستفاضة

في وصف نشأته الثانية وهي خلقه في بطن أمه نطفةً فعلقةً فمضغةً فعظامًا

ولحمًا، وبعدها ذكر فناءَه بالموت ثم بعْثَه يوم القيامة للجزاء والحساب؟!

والحكمة في ذلك والعلم عند الله هي في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

[الليل: 4]؛ أي: إن حركة الإنسان في هذه المعمورة ليست على سبيل

واحدة، أو اعتقاد واحدٍ أو علم واحدٍ، فمن الناس المسلم والكافر والعالم

والجاهل والصانع والعاطل، والغني والفقير والشريف والوضيع، وكذلك منهم

الفلاح والصانع والمعلم والمهندس والطبيب، وغيرها من المهن والحرف

والمهارات، وكذلك منهم الرسام والأديب والكاتب والخطيب والشاعر،

وهكذا، لذا اختصر المولى سبحانه الحديث عن الإنسان ومعيشته وسعيه،

وحياته في الدنيا، وعقائده وفنونه وأعماله وهواياته، بتقرير ثلاثة أطوار

يتفق فيها كافةُ البشر، وهي خلقُهم في أرحام أمهاتهم، ثم مماتهم وفناؤهم،

ثم أخيرًا بعثهم يوم القيامة، ولا يُستثنى أحدٌ - كائنًا من كان - من هذه

الأطوار إلا أبو البشر، لذلك ذكر عز وجل في بداية الآيات خلقه كذلك، وحواء

عليها السلام تبعٌ له؛ لأنها خُلقت مِن ضِلَعه؛ ليعمَّ بذلك كافةَ البشر من أولهم

إلى آخرهم، حتى يأذن الله جل وعلا بقيام الساعة وبعث البشر للجزاء.

وهذا العرض فيه من الحكمة والبلاغة والإبلاغ لبني البشر بأن يكونوا على

حذرٍ من يوم العرض؛ حيث يُقضون جزاء أعمالهم وسعْيهم في الدنيا،

إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشرٌّ.



وفيه إشارة كذلك بأن الدنيا كلها بما فيها لا تساوي عند الله جناحَ بعوضة؛

كما جاء عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.



وللنجاة وحسن العاقبة أورَد عز وجل من بداية السورة صفات عباده

المؤمنين وأعمالهم التي ترفع درجاتهم، وتنجيهم من العذاب، وتدخلهم

الفردوس وأعالي الجنان؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ

فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ

فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ *

وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ

* أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1- 11].

جعلنا الله وإياكم ممن ينال الخيرَ والسعادة في الدارين، ويجعلنا ممن رضي

الله عنهم، وتوفاهم على الإسلام والإيمان، وبعَثهم يوم القيامة في زُمرة خير

الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلنا من ورثة الفردوس الأعلى من

الجنان، وصلِّ اللهم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه.

أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين