المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفحة يوم الجمعة / أمـــانى صلاح الدين / رقــــائق


adnan
12-20-2012, 07:09 PM
الأخت الزميلة / أمانى صلاح الدين

أ . محمد الفصام

قولٌ يُعيذُك من سُوءٍ تُفارقُهُ أبقى لعرضك من قولٍ يُداجيكا
لقد رمَى بكَ في تيهاء مُهلكةٍ من بات يكتُمُك العيبَ الذي فيكا
وما أجملَ ما قاله الشافعي - رحمه الله -:
سلامٌ على الدنيا إذا لم يكُن بها صديقٌ صدُوقٌ صادقُ الوعد مُنصفُ
اقبل النقد الهادف، ولا تثرب أو تجرح في قائله.
وإذا أردت ألا تُنتقد، فلا تكن شيئًا، ولا تفعل شيئًا،
وحينها سوف تعيشُ على الهامش، وتموتُ في الهامش.
إذًا لا تنزعجُ بكل ما تسمعُ من الانتقادات،
واجعل لديك آلة ترشيحٍ،
فما كان من نقدٍ صوابٍ، فلزام عليك أن تُصلح الخلل،
وما كان من باطلٍ وهُراءٍ - وما أكثرها! –
فأمِرَّها كما سمعتها، وافتح لها نافذة البيت لتخرُج على الهواء.
والانتقاد الظالم مديحٌ مبطن،
وإذا رُكلت من الخلف، فاعلم أنك في المقدمة.
لذا علينا إذا سمعنا أحدًا ينتقدُنا ويذكرُنا بسوءٍ أن نحبس أنفسنا
عن الثوران والدفاع الفوري،
فبإمكان أي أحمق أن يثور؛ إذ إن هذا لا يتطلبُ ذكاءً.
وأرجعُ بك إلى التاريخ؛ لأذكرك بواقعةٍ لرجلٍ أحبه أنا وتحبه أنت،
إنه الخليفةُ الزاهد عمرُ بن عبدالعزيز - رحمه الله -:
بينما هو يمشي في المسجد بعد صلاة العشاء، والظلامُ حالكٌ،
إذ عثرت قدمُه بقدم رجلٍ مضطجعٍ،
فقال له الرجلُ: أمجنونٌ أنت؟!
قال: لا
ثم مضى، فغضب الحارسُ الذي مع عمر على الرجل، وأراد أن يوبخه،
كيف يقول ذلك لأمير المؤمنين؟!
فقال عمرُ: دعهُ إنما سألني: أمجنونٌ؟! فأجبتُه.
موقفٌ استفزازي من الدرجة الأُولى، وردة فعلٍ ذكية لا تصدرُ إلا
من العباقرة المخلصين،
الذين يتحكمون في أعصابهم عند المواقف الصعبة.
ألست تذكرُ المقولة الشهيرة
لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
"رحم اللهُ من أهدى إلينا عيوبنا"،
ورُويت أيضًا:
"رحم اللهُ من هدانا إلى عيوبنا"
فانظر كيف وظف الفاروقُ - رضي الله عنه - الانتقاد إلى هدايةٍ وإرشاد،
وجعل القدح سبيلاً إلى المدح؛ فقد دعا لمن انتقده بالرحمة،
واعتبر من وجَّهه وانتقده أنه قد هداه!