المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أوجه الإعجاز الإنبائي


adnan
12-23-2012, 09:31 PM
الأخت / بنت الحرمين الشريفين

من أوجه الإعجاز الإنبائي

من أوجه الإعجاز الإنبائي الغيبي في الآية الكريمة
{‏ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا }
الدكتور زغلول النجار
{‏ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ
وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ‏}
(‏ البقرة‏:36)‏
هذه الآية القرانية الكريمة جاءت في بدايات العشر الثاني من سورة البقرة
و وهي سورة مدنية‏,‏ وآياتها مائتان وست وثمانون‏(286)‏ بعد البسملة‏,‏
وهي أطول سور القرآن الكريم علي الإطلاق‏ .
ويدور محورها الرئيسي حول قضية التشريع الإسلامي
لكل من الفرد والأسرة والمجتمع والدولة‏.‏
من أوجه الإعجاز الإنبائي الغيبي في الآية الكريمة‏:‏
في معرض الحديث عن غواية إبليس اللعين لأبوينا آدم وحواء عليهما السلام يقول
ربنا ــ تبارك وتعالي في محكم كتابه‏:‏
{‏ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ
وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ‏}
‏(‏ البقرة‏:36)‏
وأكد ربنا ــ تبارك وتعالي ــ تلك الواقعة في كل من سورتي:
الأعراف‏ : (‏ الآيات‏:20‏ ــ‏27 )‏
وطه: ‏(‏ الآيات‏:115‏ ــ‏123 )‏
ونختار من هذه الآيات مايلي‏:‏
{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا
وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)
وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)
فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا
وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ
وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22 )
قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)
قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24)
قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (25)‏ }
(‏ الأعراف‏:20‏ ــ‏25)‏
وفي سورة طه يقول ربنا ــ تبارك وتعالي ــ‏:‏
{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (115)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)
فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)‏
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120)
‏ فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ
وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)‏ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)}
(‏ طه‏:115‏ ــ‏124)‏
و‏(‏أزلهما‏)‏ أي أزلقهما بمعني أذهبهما‏,‏ من‏(‏ الزلل‏)‏ وهو عثور القدم‏,‏
ثم استعمل في ارتكاب الخطيئة مجازا‏,‏
يقال‏(‏زل‏),(‏ يزل‏),(‏ زلا‏),(‏ زللا‏)‏ و‏(‏ زليلا‏)‏ بمعني سقط منزلقا في طين‏,
‏ و‏(‏الإزلال‏)‏ هو الإزلاق‏,‏ والاسم‏ (‏الزلة‏),‏ يقال‏: (‏ أزله‏)‏ غيره
و‏(‏واستزله‏)‏ بمعني أزلقه في الطين أو الوحل أو أوقعه في خطيئته‏,‏
وقد يكون اللفظ مستمدا من ‏(‏الإزالة‏)‏ بمعني التنحية والإبعاد‏.
(‏ والمزلة‏)‏ بفتح الزاء وكسرها هي المكان الدحض وهو موضع‏
(‏الزلل‏)‏ و‏(‏الزلل‏)‏ و‏(‏الزلق‏)‏ بمعني واحد تقريبا‏.‏
والضمير في قوله ــ تعالي ــ‏(‏ فأزلهما‏)‏ عائد علي أبوينا آدم وحواء
قد اسكنا الجنة ثم طردا منها‏,‏
بمعني ان الشيطان بوسوسته إليهما قد أوقعهما في الخطأ
الذي كان سببا في إخراجهما من الجنة وتنحيتهما عنها‏.‏
والتعبير يوحي بصورة الشيطان وهو يجرهما بغوايته‏,‏
ويلقي بهما إلي خارج الجنة إلقاء بعنف‏,‏
ويدفع بهما إلي خارجها دفعا فتزل أقدامهما من تحتهما لشدة الدفع‏,
‏ وتهوي بهما من مقامات التكريم في الجنة إلي كدح الحياة الأرضية وشظفها‏.‏
وهنا يأتي الأمر الإلهي‏ :‏

{..‏ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ }
(والهبوط‏)‏ هو النزول من أعلي إلي أسفل‏,
‏ وتستخدم اللفظة مجازا بمعني النزول من مقامات التكريم والدعة والتنعيم..
إلي مقامات المسئولية والكدح والعرق والجهد.
والنصب الذي قدر لآدم وحواء ولذريتهما ثم لذراريهما
من بعد إلي يوم الدين..
أن يعيشوا فيه علي الأرض إلي نهاية أجل كل فرد منهم‏,‏
وكان هذا إيذانا بانطلاق المعركة بين الشيطان والإنسان من جهة‏,
‏ وبين الإنسان وأخيه الإنسان من جهة أخري ..
بواسطة الشيطان الذي يوقع العداوة والبغضاء بين بني الإنسان
في كل زمان ومكان‏.‏
و‏(‏المتاع‏)‏ هو اسم لما يستمتع به من أكل وشرب ولبس وأنس‏,‏
واللفظة مستمدة من‏(‏ المتوع‏)‏ وهو الامتداد والارتفاع‏,‏
و‏(‏المتاع‏)‏ انتفاع ممتد الوقت‏,‏ يقال‏ (‏متعه‏)‏ الله بكذا‏,‏ و‏(‏أمتعه‏)‏ فتمتع
أو استمتع به‏,‏
وكل ما يتمتع به أو ينتفع به علي وجه ما فهو‏(‏متاع‏)‏ و‏(‏متع‏),‏
و‏(‏الماتع‏)‏ هو كل ما يمتع‏.‏
‏(‏الحين‏)‏ الوقت أو وقت بلوغ الشيء وحصوله ..
ويقصد به هنا الأجل المقسوم لكل من آدم وحواء ولكل فرد من ذراريهما‏‏
وجاء في سورة الأعراف قول ربنا ــ تبارك وتعالي‏:‏ ــ
{ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا
وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ
أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }
و‏(‏الوسوسة‏)‏ هي الصوت الخفي المكرر‏‏ ويقصد به الحديث الخفي الذي
يلقيه الشيطان في وعي الإنسان ليقارف ذنبا من الذنوب‏.
{ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا }
أي ليظهر لهما ماستر عنهما من عوراتهما‏,‏ وكانا لايريانها من أنفسهما‏,‏
ولا أحدهما من الآخر‏,‏ و‏(‏ووري‏)‏ من‏(‏ المواراة‏)‏ وهي الستر‏,‏
وسميت العورة سوأة لان انكشافها يسوء صاحبها‏.‏
{ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }
أي كراهية ذلك‏,‏ وأقسم أنه من الناصحين لهما‏,‏ وكرر قسمه بذلك
وفي ذلك يقول الحق ــ تبارك وتعالي‏:
‏ { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ‏ }
(‏ الأعراف‏:21)‏

{ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا }
أي أنزلهما من رتبة الطاعة إلي رتبة المعصية بما غرهما به من القسم‏,
‏ و‏(‏التدلية‏)‏ هي إنزال الشيء من أعلي إلي أسفل‏,‏
و‏(‏الغرور‏)‏ هو إظهار النصح مع إبطان الغش‏.‏
‏{ وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ }
أي أخذا يلزقان علي عوراتهما من ورق الجنة لسترهما‏,‏ ورقة فوق أخري‏.‏
وعاتبهما ربهما قائلا‏:‏

{ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ }
(‏ الأعراف‏:22)‏
فلما سمع آدم وزوجه عتاب ربهما لهما علي مخالفة أمره ألهمهما التوبة
إلي الله والاستغفار من ذنبهما‏,‏ فتاب الله عليهما وهو التواب الرحيم‏,‏
وفي ذلك يقول القرآن الكريم علي لسانهما :
‏{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }
(‏ الأعراف‏:23)‏
فأمرهما الله ــ تعالي ــ بالنزول من مقامات التكريم والتنعيم والدعة
التي كانا فيها في الجنة وذراريهما في صلبيهما إلي حياة الكدح
والنصب وتحمل المسئولية في الحياة الدنيوية علي الأرض لينفذ الله تعالي
ما أراده من استخلاف آدم وحواء وذراريهما في الأرض‏,‏
وعمارتها بهم إلي الأجل المسمي لكل واحد منهم حتي قيام الساعة‏,‏
وكان هذا إيذانا بانطلاق المعركة بين الخير والشر‏,‏
الخير الممثل في عباد الله الصالحين‏,‏ والشر المجسد في
شياطين الجن والإنس‏,‏ وعلي رأس أهل الشر جميعا إبليس
اللعين ولذلك جاء القرار الإلهي‏:‏
{..‏ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ }
‏(‏ الأعراف‏:24)‏
وجاءت القصة في سورة طه بخطاب من الله تعالي ــ
إلي خاتم رسله صلي الله عليه وسلم ــ
يقول له فيه إنه ــ تعالي ــ كان قد وصي آدم من قبل ألا يخالف لله أمرا‏,‏
فنسي العهد وخالفه‏,‏ مثبتا ضعف عزيمته ــ والحكم هنا مطلق علي
آدم وجميع نسله إلا من رحم الله
ـ فلم تثبت لأبينا آدم أنه قدم علي الطاعة‏,‏ ولم يصبر عليها حتي
لايمكن الشيطان من الوصول إليه بوسوسته‏.‏
وتذكر الآيات خاتم المرسلين بواقعة حدثت قبل بعثته الشريفة
بعشرات الآلاف من السنين‏,‏
ومؤداها أن الله ــ سبحانه وتعالي أمر الملائكة بالسجود لأبينا آدم
عليه السلام سجود تكريم واحترام وتوقير ‏وليس سجود خضوع
وعبادة وتسليم‏ .
فامتثل الملائكة لأمر الله ــ تعالي ــ وكان معهم إبليس فأبي السجود‏,‏
أي‏:‏ امتنع عنه غرورا واستكبارا علي آدم‏.‏
وعلي الفور خاطب الله ــ تعالي ــ آدم محذرا إياه من عداوة الشيطان له ولزوجه‏,
ولذريتهما من بعد إلي قيام الساعة كما هو واضح في كثير
من آيات القرآن الكريم‏.‏
حتي لايوسوس الشيطان لهما بالمعصية‏,‏فإذا وقعا فيها كان ذلك مبررا
كافيا لإخراجهما من الجنة‏,‏فيكون ذلك سببا لنصبهما في الحياة الدنيا‏,‏
بينما تكفل الله ــ تعالي ــ بجميع احتياجاتهما وهما في الجنة‏.
‏ وعلي الرغم من ذلك فقد احتال الشيطان علي أبينا آدم بوسوسته
إليه بصوت خفيض متكررمرغبا له ولزوجه في الأكل من الشجرة
التي نهاهما الله تعالي عن الأكل منها بدعوي أنها تهب
الأكل منها خلودا وملكا لايفني ولايزول‏.‏
فانخدع آدم وزوجه بوسوسة إبليس وأكلا من الشجرة التي نهاهما الله
تعالي عن الأكل منها‏ ‏ فظهرت لهما عوراتهما وأخذا يقطعان من
أوراق شجر الجنة مايحاولان به ستر عوراتهما‏‏ وكان ذلك قبل نبوة آدم‏.‏
والفعل‏(‏ غوي‏)‏ من الغواية أي الضلال والفساد‏,‏ يقال‏(‏غوي‏)(‏ يغوي‏)(‏ غيا‏),
‏ و‏(‏غوي‏)(‏ غواية‏)‏وتقول الآيات القرآنية بعد ذلك‏:‏
{ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى }
(‏ طه‏:122)‏
و‏(‏الاجتباء‏)‏ هو الاصطفاء والتقريب‏,‏ والمقصود هنا منحه النبوة‏,‏
فقبل الله توبته‏,‏ وهداه إلي الاستغفار عن زلته‏,‏ وبالرغم من ذلك فقد أخرجه
وزوجه من جنته‏,‏ وحكم عليهما وعلي ذراريهما الموجودة في
صلبيهما بالنزول من مقامات التكريم والرعاية الإلهية إلي أرض الكدح
وتحمل المسئولية وذلك بصدور الأمر الإلهي الذي حسم به
ربنا تبارك وتعالي الموقف‏:
{ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }
(‏ طه‏:123)‏
والآية تؤكد أن الصراع بين الحق وجنده من جهة‏,‏ والباطل وأهله من
جهة أخري من سنن الحياة الدنيا‏.‏
وهذا الموقف من سيرة ابوينا آدم وحواء لم يشهده أي من أبنائهما
ولاذراريهما‏ ولم يكن كفار ومشركو مكة علي علم به‏,‏
ولم تورده أي من كتب الأولين بهذا التفصيل‏,‏ ولذلك يبقي وصفه في
القرآن الكريم شهادة صدق لهذا الكتاب العزيز ..
بأنه هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,
‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحية ‏
(‏ اللغة العربية‏)‏
وحفظه علي مدي يزيد علي أربعة عشر قرنا‏,‏وتعهد بهذا الحفظ
تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم حجة الله البالغة ..
علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين والحمد لله رب العالمين‏.