المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو موقف المسلم من الأحاديث الضعيفة ؟


adnan
12-25-2012, 08:25 PM
الأخت / أبـــــدار

ما هو موقف المسلم من الأحاديث الضعيفة ؟

السؤال

ما واجبنا تجاه مصيبة انتشار الأحاديث الموضوعة ؟
ما هو دورنا نحن عامة الناس أمام انتشار الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
ونريد منكم كلمة لأولئك الذين ينشرون الأحاديث دون التأكد من صحتها .

الجواب


الحمد لله

المسلم الصادق هو الذي يحرص على نقاء الدين وصفاء الشريعة
من كل دخيل وغريب ، فقد أكمل الله علينا النعمة ،
وأتم لنا المنة بهذه الشريعة السمحة ، وأخذ الميثاق على أهل العلم أن يبلغوه
للناس ولا يكتموه ، وذم كثيرا من الذين أوتوا الكتاب من الأمم السابقة
حين ابتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله ،
ونسبوا إلى شرائعهم ما لم ترد به ، وفي جميع ذلك دعوة إلى الحرص
الشديد على ذب الكذب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
ومحاربة كل من يتطاول عليها بالأحاديث والأحكام المفتراة .
ولعل الأهم في هذا الشأن هو اقتراح بعض الخطوات العملية التي تساهم
في حصر انتشار الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وتضييق دائرته ، ومن ذلك :

1- تعريف الناس بخطورة الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ،
وأنه كبيرة من كبائر الذنوب ، يستحق فاعلها أن يذوق العذاب الأليم
في دركات جهنم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ )
رواه البخاري (110) ومسلم (3) .

2- نشر الكتب التي تعتني ببيان الأحاديث الضعيفة والمكذوبة ،
مثل كتاب " الموضوعات " لابن الجوزي
، وكتاب " الموضوعات " للشوكاني ،
و "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" للألباني ...
وغيرها .

3- العناية بمواقع الإنترنت المتخصصة في هذا الشأن ،
ومن أهمها موقع
"الدرر السنية".

4- بيان عظيم جناية الأحاديث المنكرة والموضوعة على فكر الأمة
وثقافتها وتراثها ، وكيف كانت سببا في انحراف الكثيرين عن الجادة ،
كما كانت سببا مباشرا لانتشار الخرافة والشطح والغلو ،
مع أخذ العظة والعبرة من الأمم التي حرف دينها ومسخت شريعتها
بسبب عدم صيانة علمائها لها عن الدخيل والموضوع ،
ومثال ذلك في الأديان : النصرانية وفى بعض الفرق الأخرى .

قال الإمام الذهبي رحمه الله :

[ فبالله عليك إذا كان الإكثار من الحديث في
دولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كانوا يُمنَعون منه مع صدقهم
وعدالتهم وعدم الأسانيد - بل هو غَضٌّ لم يشب - ، فما ظنك بالإكثار
من رواية الغرائب والمناكير في زماننا ،
مع طول الأسانيد وكثرة الوهم والغلط ؟!
فبالحري أن نزجر القوم عنه ، فيا ليتهم يقتصرون على رواية
الغريب والضعيف ، بل يروون – والله - الموضوعات والأباطيل
والمستحيل في الأصول والفروع والملاحم والزهد
نسأل الله العافية .
فمن روى ذلك مع علمه ببطلانه وغَرَّ المؤمنين :
فهذا ظالمٌ لنفسِهِ ، جانٍ على السُّنَنِ والآثار ، يُستَتاب من ذلك ،
فإن أناب وأقْصَر وإلا فهو فاسقٌ ، كفى به إثماً أن يحدِّثَ بكلِّ ما سمِع .
وإن هو لم يعلم : فليتورّع ، وليستعِن بمن يُعينُهُ على تنقية مروياته .
نسأل الله العافية.
فلقد عَمَّ البلاء ، وشمَلت الغفلة ، ودخل الدّاخل على المحدّثين الذين
يَرْكَنُ إليهِم المسلمون . فلا عتبى على الفقهاء وأهل الكلام ]
انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (2/601) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

[ يوجد الآن أحياناً منشورات تتضمن أحاديث ضعيفة وقصصاً لا أصل لها ،
ثم تنشر بين العامة ، وإني أقول لمن نشرها أو أعان على نشرها
إنه آثمٌ بذلك ، حيث يُضل عن سبيل الله ،
يضل عباد الله بهذه الأحاديث المكذوبة الموضوعة ،
أحياناً يكون الحديث موضوعاً ليس ضعيفاً فقط ،
ثم تجد بعض الجهال يريدون الخير ، فيظنون أن نشر هذا من الأشياء
التي تحذر الناس وتخوفهم مما جاء فيه من التحذير أو التخويف ،
وهو لا يدري أن الأمر خطير ، وأن تخويف الناس بما لا أصل له حرام ؛
لأنه من الترويع بلا حق ، أو يكون فيه الترغيب في شيء وهو لا يصح
عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بل هو موضوع ،
هذا أيضاً محرم ؛ لأن الناس يعتقدون أن هذا ثابت ،
فيحتسبونه على الله عز وجل ، وهو ليس كذلك ،
فليحذر هؤلاء الذين ينشرون هذه المنشورات من أن يكونوا ممن افتروا
على الله كذباً ليضلوا الناس بغير علم ،
وليعلموا أن الله لا يهدي القوم الظالمين ، وأن هذا ظلمٌ منهم أن ينشروا
لعباد الله ما لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ]
انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " ( مصطلح الحديث ).

وقال الشيخ سليمان العلوان حفظه الله :

[ إن مما يحزن ويؤسف ما عمَّ وانتشر عند كثير من العلماء وطلبة العلم
والخطباء وغيرهم من التساهل في رواية الحديث ، وعدم التثبت في صحته ،
وكثيرا ما نسمع من كثير من الخطباء والوعاظ – فضلا عن غيرهم –
من الأحاديث الموضوعة والضعيفة جدا ، ومع ذلك يجزمون بنسبتها
إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقولهم :
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
أو : لقوله صلى الله عليه وسلم ...... وما أشبه ذلك ،
وهذه شهادة على الرسول بلا علم ، وجزم بلا برهان ،
وقد قال صلى الله عليه وسلم :

( من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )
فعمَّت الأحاديث الموضوعة والضعيفة بين العوام لكثرة سماعهم لها
من الخطباء والوعاظ ، والله جلّ وعلا أمر بالتثبت في الأخبار الجارية
بين الناس ؛ فكيف بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قوله
تشريع وفعله تشريع ؟!
والبعض الآخر يذكر الحديث وينسبه للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يعلم
مَن خَرَّجه ولا صحته ، فإذا أردت أن تستفهم منه أو تسأله : من رواه ؟
وما صحته ؟
أجابك مبادراً رافعاً رأسه : لا يضر جهالة صحته ،
هذا من فضائل الأعمال . عجبا!

{ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ }
يونس/59 .
ولو فرضنا أنها من فضائل الأعمال ؛ فالأحاديث الموضوعة لا يجوز ذكرها
إلا مع بيان أنها موضوعة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
فبسبب هذا التساهل توصل أهل البدع إلى بث بدعهم ونشرها بين الناس ؛
بحجة أنها أحاديث فضائل لا بأس بالعمل بها ، متناسين أنهم بذلك
يشرعون للناس بها ؛ لأنهم سيعملون بها ويبلغونها غيرهم ]
انتهى .

" الإعلام بوجوب التثبت برواية الحديث " (ص/4) .
ولمزيد الفائدة انظر جواب السؤال رقم: (6981) ، (98780) .

والله أعلم .

المصدر : موقع الإسلام سؤال و جواب