المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المبرؤون في عرضهم في القرآن


adnan
12-31-2012, 06:58 PM
الأخت / بنت الحرمين الشريفين

المبرؤون في عرضهم في القرآن

الجزء الثانى

ثالثاً : السيدة مريم بنت عمران عليها السلام

{ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا (19)
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا
وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) }

قال لها المَلَك:
إنما أنا رسول ربك بعثني إليك؛ لأهب لك غلامًا طاهرًا من الذنوب.
قالت مريم للمَلَك:
كيف يكون لي غلام, ولم يمسسني بشر بنكاحٍ حلال, ولم أكُ زانية؟
قال لها المَلَك:
هكذا الأمر كما تصفين من أنه لم يمسسك بشر, ولم تكوني بَغِيًّا,
ولكن ربك قال:
الأمر عليَّ سهل; وليكون هذا الغلام علامة للناس تدل على قدرة الله تعالى,
ورحمة منَّا به وبوالدته وبالناس, وكان وجود عيسى على هذه الحالة
قضاء سابقًا مقدَّرًا, مسطورًا في اللوح المحفوظ,
فلا بد مِن نفوذه

وانطلقت إلى قومها.

{ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا }
[مريم: 27]

{ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا }
[مريم: 28- 29]
فأنطق الله بقدرته المسيح :

{ قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِى الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيًّا وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا
وَالسَّلَامُ عَلَى يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا }
[مريم:30-33].
فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت براءة مريم، فانشرح صدرها،
وحمدت الله على نعمته.


رابعاً أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشة رضي الله تعلى عنها و عن أبيها

{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
النور : 11

وتجري فصول هذه الحادثة في وقتٍ كان المسلمون فيه على موعدٍ مع
العدوّ في إحدى الغزوات ، حيث خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم
في جيشه مصطحباً معه عائشة رضي الله عنها ، وفي طريق العودة
توقّف الجيش للراحة والنوم ،
وجلست عائشة رضي الله عنها في مركبها تترقّب لحظة المسير ،
وتلمّست نحرها لتكتشف أنها أضاعت عقداً لأختها كانت قد أعارتْها إياه ،
فما كان منها إلا أن نزلت من مركبها لتبحث عنه في ظلام الليل
ولم تكن تدري أن المنادي قد آذن بالرحيل وأن الجيش قد انطلق وتركها
وحيدة في تلك الصحراء الموحشة وما أن وجدت العقد حتى عادت
مسرعة لتلحق بركب الجيش ولكن الوقت فات وفي هذه الأثناء ،
كان صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه يسير خلف الجيش ليحمل
ما سقط من المتاع .
فنزل عن راحلته وطلب منها أن تصعد ، ولما ركبت الناقة انطلق بها
مولّيا ظهره لها ، حتى استطاع أن يدرك الجيش في الظهيرة.

ولم تمضِ سوى أيام قليلةٍ حتى انتشرت في المدينة إشاعاتٌ مغرضة
وطعوناتٌ حاقدة في حقّ عائشة رضي الله عنها .
روّجها ونسج خيوطها زعيم المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول .
وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان وقعها
عليه شديداً وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة
عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض وطال انتظار
النبي - صلى الله عليه وسلم – للوحي .

وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى
عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها
فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم ومعها امرأة من الأنصار ،
فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشهّد ثم قال :

( أما بعد ، ياعائشة ، إنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة ، فسيبرئك الله ،
وإن كنت ألممت بذنب ، فاستغفري الله وتوبي إليه ،
فإن العبد إذا اعترف ثم تاب ، تاب الله عليه.
قالت عائشة : فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته
قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة
فقلت لأبي : أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم عني فيما قال
فقال أبي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت لأمي : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال
قالت أمي : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت : وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ من القرآن كثيرا :
إني والله لقد علمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في أنفسكم وصدقتم به
فلئن قلت لكم : إني بريئة ، لا تصدقوني ، ولئن اعترفت لكم بأمر ،
والله يعلم أني منه بريئة ، لتصدقني ، فوالله لا أجد لي ولكم مثلا إلا
أبا يوسف حين قال :

{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ })

وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة
في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ،
فقال تعالى:

{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
[ النور : 11 ]
وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحاً ،
فقال لها :

( أَبشِري . يا عائشةُ ! أما اللهُ فقد برأًكِ فقالت لي أمي : قومي إليه )

فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها
من رسول الله - صلى الله عليه وسلم –ومحبته لها :
فقالت رضى الله تعالى عنها و عن أبيها

[ واللهِ ! لا أقوم إليه . ولا أحمد إلا اللهَ ]