المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعمة المأوى وأحوال المشردين (اللاجئون السوريون)


هيفولا
01-12-2013, 08:54 AM
نعمة المأوى وأحوال المشردين


(اللاجئون السوريون) 29/2/1434هـ
خطبتي اليوم حول #اللاجئين_السوريين
أسأل الله أن ينفع بها .




الحمد لله رب العالمين ، لا مانِعَ لما وهَب ، ولا واهب لما سلَب ، أحمده سبحانه وأشكره ،
فطاعته أفضَل مكتَسَب ، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له ،
هو المرجوّ لكشف الشدائد والكُرَب،

وأشهد أنّ نبيَّنا محمَدًا عبد الله ورسوله الأسوَةُ والقدوة في كمال الخلُق وحسنِ الأدَب ،

صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المنقَلَب. وسلم تسليما كثيرا ..

أما بعد .. فاتقوا الله عباد الله ..
اتقوا الله ربكم واشكروه على آلائه ونعمه فإنه غفور شكور ،
واحذروا الركون إلى دار الغرور

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ
وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ
فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِالله الغَرُورُ )
أخوة الإسلام :
إنها لتحيطُ بنا كلّ جِهة؛ مِن فوقنا ومن تحتِ أرجلِنا وعن أيماننا وعَن شمائِلنا ،

تملأ آثارُها البرّ والبحرَ والأرض والسّماء ، لا يحصيها محصٍ،

وأنى له أن يفعلَ وقد قال الله جل في علاه ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) .
إنها نعم الله علينا .. فها نحن ننعمُ بالدين القويم ، والعقيدة الصحيحة ،
والأمنِ في الوطن ، والصحة في البدن،

والرغد في العيش والقرارِ في البيوت ،والدفء والنور .

فهلا شكرنا ربنا حق شكره .. أم نحن من الكثير الذين وصفهم الله بقوله :
( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ).


إن الأمر لن يقف على استمتاعٍ مجردٍ عن محاسبة ،
بل ثمة سؤالٌ فكيف هو الجواب (ثم لتُسألن يومئذ عن النعيم )


روى أحمد عن جَابِرٍ رضي الله عنه قال:
(أتاني النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَأَطْعَمْتُهُمْ رُطَباً وَأَسْقَيْتُهُمْ مَاءً

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا مِنَ النَّعِيمِ الذي تُسْأَلُونَ عنه)
.الله أكبر سيُسألون عن رُطب وماء..

فكيف السؤال عما فوقهما من النعم المتوافرة لنا بحمد الله ومنته ..

عباد الله :
في ظل النعم التي نتقلب فيها في كل مجالٍ يتعرض إخوانٌ لنا في المشرق والمغرب

إلى ابتلاءات ومحنٍ جعلتهم رهنَ القتلِ والتشريد والتعذيب والتجويع والإبادة،
وأخبارُهم تترا إلينا صبحَ مساء، فهل شاركناهم همومَهم ومآسيهم..
ولعل من أقربهم إلينا إخوانَنا في سوريا الذين دمر النظامُ المجرمُ مساكنَهم،
وأباد منهم آلافا، وألجأ بعضَهم إلى مخيمات أمسى الموتُ والعيشُ تحت القصف أرحمَ من سكناها.
.إن إخواننا اللاجئين في مخيم الزعتري في الأردن وأمثاله
يعانون حاجةً وفاقةً ومرضا وأحوالا نفسية وجويةً سيئة..
بيوتهم قد هدمت وممتلكاتهم قد أُتلفت وأنفسُ أقاربهم قد أزهقت..
وهم في مخيماتهم يصارعون مياهَ الأمطار المتدفقةَ بوحلها،
والرياحَ العاتيةَ والثلوجَ المتراكبة والبردَ القارس..
إذا دخلوا الخيام شَكوا صقيعاً،وتلطِمُهم إذا خرجوا الرياحُ..
يعيشون هذه الأحوال من غير لباسٍ كاف يقيهم تلك الأهوال،
ولا وسائلَ تدفئةٍ تخففُ وطأتها،ولا أنوارَ يبصرون بها عند حلول الظلام.
.ولا أدويةَ يعالجون بها مرضاهم.
.أطفالهُم وعجائزُهم ونساؤهم يفترشون الثلوج ويلتحفون السماء..

مع مرض وموت ومآسٍ يندى لها جبين ذي القلبِ فضلا عن المسلم..

يا خيمة الفقراء في قلق العراءْ بالله هل ترك الشتاءُ هناك حيْ ؟
يعوي وينهش في الضعاف كما يشاءْ والأغنياء مضوا ولم يأتوا بشيْ

عباد الله .. لقد رأيت وأظنكم رأيتم من صور وأحوال إخواننا
ما نخجلُ معه على سكوتنا وتخاذلنا :


البردُ جمَّد في العروق دماءهم ..يا للخجل ..

ودماؤنا في العرق جمدها التقاعس والكسل ..

أطفالنا صرعى المجاعة والتشرد والهمل ..
ونساؤنا يشكين أسقام العراء مع الوحل ..
فإلى متى نبقى بلا أثر يترجم ذي الجمل ..
ومتى نحوّل شجبنَا يا أُمّتاه إلى عمل ..

عباد الله : إننا نخشى العقوبة إن قعدنا عن نصرة إخواننا وإنقاذِهم من مأساتهم ..
نخشى أن نُبتلى بمثل بلائهم فلا نجد ناصرا،
وسنةُ الله أن (الجزاء من جنس العمل).
وإن الواجب علينا أن نهُبَّ لنجدتهم ونصرِهم كلٌ بما يستطيع ..
علينا أن نساعدَهم بالمال وبوسائل التدفئة والبطانيات والملابس وغيرها
عبر الجهات الرسمية المخولة بذلك ومن جدَّ في مدِّ يد العون عرف الطريق إليه ..
علما بأن مؤسسةَ مكة الخيرية ومؤسسةَ رابطةِ العالم الإسلامي

والندوةَ العالمية للشباب الإسلامي تقبلُ التبرعات لإخواننا وتوصلُها لهم .
.
عباد الله : الراحمون يرحمهم الرحمن ..

ارحموا من في الأرض يرحمْكم من في السماء .
.ابذلوا من أموالكم ما تسدون به فاقةَ إخوانكم .
.فمَن منا ذلك البطلُ الذي يقرض الله تعالى ويشتري بماله مرضاةَ ربه
فيتصدقُ بمصروفات سفره في إجازته لإخوانه،

ويَرضى بالجلوس فداءً لبراءة تلك النفوس وطلبا لجنة عرضها السموات والأرض

قال ابن عمر رضي الله عنهما:
أتى علينا زمان وما يَرى أحدٌ منّا أنه أحقُّ بالدينار والدرهم من أخيه المسلم..

أسأل الله تعالى أن يُنزل السكينة والدفءَ والاستقرار على إخواننا اللاجئين هناك،
وأن يعجلَ فرجهم ، ويرفع شدتهم إنه سميع مجيب ...
. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ..



الثانية :
الحمد لله رب العالمين ..
أخوة الإسلام : إن أخبارَ إخواننا التي تنُقلُ إلينا من داخل سوريا ومن خارجها
أخبارٌ مؤلمة تنمُّ عن مؤامرة دولية حقيرة يراد منها تشرذُمهم وإهلاكُهم ،
وكيف لا تكونُ كذلك وهم يعلنون اعتصامَهم بالله وحده ،
ويرفعون لواءَ الجهاد في سبيله كما نحسبهم..
فأين نخوتُا وعزتُنا..أين ثرواتُنا وأموالُنا نحن المسلمين..
هل عَجِزت عن انتشال أولئك الضعفاءِ من تلك الأوضاع ..

لم تعجزْ والله، ولكن الذي أقعدنا قسوةُ قلوبنا، وكثرةُ غفلتنا وصدودنا..


فلنبادر لدعمهم بالصدقة والإنفاق إثباتا لصدق إيماننا
كما في الحديث(والصدقة برهان)
لنبادر بالصدقةِ فإن الجزاء عظيم كريمٌ عند الله،
(إِنَّ ٱلْمُصَّدّقِينَ وَٱلْمُصَّدّقَـٰتِ وَأَقْرَضُواْ ٱللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا
يُضَـٰعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ)،


وقال جل وعلا (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون)


لِنتصدقْ ولْنبشرْ بموعود الله

(وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ)
لنتقِ النار ولو بشق تمرة كما أمرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم..

الصدقة باب لتكفير الخطايا وعلاج المرضى فلنطرقه

فإن إخواننا اليوم بحاجته أشدَّ من أي وقت مضى..

لنبذل لإخواننا ما يقيهم لفح الصقيع ليقيَنا الله بظله يوم القيامة حرارة الشمس

في وقت نحن أحوجُ ما نكون فيه إلى الظل..


جاء عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس)
رواه أحمد وغيره.

عباد الله: تنتشر في أوقاتنا هذه مخيماتُنا الترفيهيةُ التي تؤجر ،
وكثيرون قد أعدوا العدة في إجازة الربيع للانبساط فيها

فماذا لو تصدق أصحابُ المخيمات بأجرتها أو ببعض أجرتها على الإخوان هناك،
وماذا لو تنازلنا عن هذا الترفيه وبذلنا قدر قيمته لإخواننا

:(وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ

وَأَحْسِنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ)...

عباد الله : لئن كان شرطنا في مخيماتنا الترفيهيةِ وجودُ السخاناتِ والكماليات
فإن شرطَهم في مخيماتهم الضرورية وجودُ مقوّمات الحياة ،

وهم مع ذلك لا يجدونها ..
فلنشعر بإخواننا فإنا وإياهم جسدٌ واحد وبنيان واحد ..
فإن شحّت أيدينا عن البذل والعطاء فلا نبخل عليهم بالتضرع والدعاء .
.اللهم ارحمهم والطف بهم اللهم أطعمهم من جوع،

وآمنهم من خوف، وأدفئهم من برد،
اللهم امنن علينا بعونهم، وقنا شر خذلانهم.

اللهم إنهم حفاة فاحملهم عراة فاكسهم

جياع فأطعمهم مظلومون فانتصر لهم .
.اللهم اكشف كربهم، ونفس همهم

وارحمهم برحمتك با أرحم الراحمين ..


هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد بن عبدالله ...

كتبها وألقاها/مقبل بن حمد المقبل
(إمام وخطيب جامع الخضير في محافظة رياض الخبراء )


https://pbs.twimg.com/media/BAWmwigCMAAxmEu.jpg:large