المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من دين و حكمة - أحكام الزواج 35


adnan
01-14-2013, 10:16 PM
( الحلقة رقم : 406 )

{ الموضوع الـعاشر الفقرة 35 }
( أحكــام الـزواج )
أخى المسلم
نواصل معكم اليوم الموضوع الـعاشر من مواضيع دين و حكمة

أخى المسلم
نستكمل حديثنا عن
آداب المعاشرة و ما يجرى فى دوام النكاح

نستكمل الآدب العاشر : و هو فى آداب الجماع

و كما إن النطفه فى الفقار لا يتخلق منها الولد فكذا بعد الخروج من الإحليل
ما لم يمتزج بماء المرأة و دمها فهذا هو القياس الجلى
فإن قلت
فإن لم يكن العزل مكروها من حيث أنه دفع لوجود الولد
فلا يبعد أن يُكره لأجل النية الباعثة عليه
إذ لا يبعث عليه إلا نية فاسدة فيها شئ من شوائب الشرك الخفى
فأقول
النيات الباعثة على العزل خمس
الأولى : فى السرارى

و هو حفظ الملك عن الهلاك بإستحقاق العتاق
و قصد إستبقاء الملك بترك الإعتاق
و دفع أسبابه ليس بمنهى عنه .
الثانية : إستبقاء جمال المرأة
إستبقاء جمال المرأة و سمنها لدوام التمتع و إستبقاء حياتها خوفا من خطر الطلق
و هذا أيضا ليس منهيا عنه
الثالثة : الخوف من كثرة الجرح
الخوف من كثرة الحرج بسبب كثرة الأولاد و الإحتراز من الحاجة
إلى التعب فى الكسب و دخول مداخل السوء
و هذا ايضا غير منهى عنه
فإن قلة الحرج معين على الدين
نعم الكمال و الفضل فى التوكل و الثقة بضمان الله

حيث قال تعالى :
{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا
وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
هود6
و لا جرم فيه سقوط عن ذروة الكمال و ترك الأفضل
و لكن النظر إلى العواقب و حفظ المال و إدخاره
مع كونه مناقضا للتوكل و لا نقول أنه منهى عنه .
الرابعة الخوف من الأولاد :
الخوف من الأولاد الإناث لما يعتقد فى تزويجهن من المعرة
كما كانت من عادة العرب فى قتلهم الإناث
فهذه نية فاسدة
لو ترك بسببها أصل النكاح أو أصل الوقاع أَثِمَّ بها
و لا يترك النكاح و الوطء فكذا فى العزل و الفساد فى إعتقاده المعرة
فى سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أشد
و ينزل منزلة إمرأة تركت النكاح إستنكافا من أن يعلوها رجل
فكانت تتشبه بالرجال
و لا ترجع الكراهة إلى عين ترك النكاح .
الخامسه التعزز :
أن تمتنع المرأة لتعززها و مبالغتها فى النظافة و التحرز من الطلق و النفاس و الرضاع
و كان ذلك عادة نساء الخوارج لمبالغتهن فى إستعمال المياه
حتى كن يقضين صلوات أيام الحيض و لا يدخلن الخلاء إلا عراة
فهذه بدعة تخالف السنة : فهى نية فاسدة
وإستأذنت واحدة منهن على أم المؤمنين أمنا السيدة / عائشه رضى الله عنها و عن أبيها
لما قدمت البصرة : فلم تأذن لها .
فيكون القصد هو الفاسد دون منع الولادة
فإن قلت
فقد قال النبى صلى الله عليه و سلم
( من ترك النكاح مخافة العيال فليس منا )

قالها ثلاثاً : قلت
فالعزل كترك النكاح
و قوله عليه الصلاة و السلام : ليس منا
أى ليس موافقا لنا على سنتنا و طريقتنا و سنتنا هي فعل الأفضل
فإن قلت

فقد قال النبى صلى الله عليه و سلم فى العزل

( ذاك الوأد الخفى ، و إذا المؤودة سئلت )

أخرجه مسلم من حديث جذامة بنت وهب رضى الله تعالى عنها
و هذا فى الصحيح قلنا
و فى الصحيح أيضا أخبار صحيحة
و قوله : الوأد الخفى
كقوله الشرك الخفى
و ذلك يوجب كراهة لا تحريما

أحاديث إباحة العزل

رواها مسلم من حديث

أبى سعيد رضى الله تعالى عنه

إنهم سألوه عن العزل فقال

[ لا عليكم أن لا تفعلوه ]

و رواه النسائى من حديث أبى صِرمة
و للشيخين من حديث
جابر رضى الله تعالى عنه

[ كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
فبلغ ذلك نبى الله صلى الله عليه و سلم : فلم ينهنا ]

و للنسائى من حديث

أبى هريرة رضى الله تعالى عنه

[ سئل عن العزل فقيل ]

و اليهود تزعم إنها المؤودة الصغرى

فقال

[ كذبت يهود ]

قال البيهقى رواة الباحة أكثر و أحفظ
قال أبن عباس رضى الله تعالى عنهما

[ العزل هو الوأد الأصغر ]

فإن الممنوع وجوده هو المؤودة الصغرى
قلنا
هذا قياس منه لدفع الوجود على قطعه و هو قياس ضعيف
و لذلك أنكره عليه على رضى الله عنه لما سمعه

قال رضى الله تعالى عنه

[ و لا تكون مؤودة إلا بعد سبع ]

أى بعد الأخرى سبعة أطوار
و تلا الآية الكريمة الواردة فى أطوار الخلقة

وهى قوله تعالى

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ *
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ *
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً
ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }

المؤمنون 12 - 14

أى نفخنا فيه الروح

ثم تلا قوله تعالى فى الآية الكريمة

{ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ }
التكوير 8 & 9

و إذا نظرت إلى ما قدمناه فى طريق القياس و الإعتبار
ظهر لك تفاوت منصب بين على و بين أبن عباس رضى الله عنهما
فى الغوص على المعانى و درك العلوم
كيف و فى المتفق عليه فى الصحيحين

عن جابر رضى الله تعالى عنه أنه قال
[ كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم و القرآن ينزل ]

و فى لفظ أخر

[ كنا نعزل فبلغ نبى الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ]
و فيه أيضا عن جابر أنه قال
[ إن رجلا آتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
إن لى جارية خادمتنا و ساقيتنا فى النخل
وا أنا أطوف عليها و أكره أن تحمل

فقال عليه الصلاة و السلام

( أعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها )

فلبث الرجل ما شاء الله ثم أتاه فقال إن الجارية قد حملت

فقال عليه الصلاة و السلام

( قد قلت سيأتيها ما قدر لها ) ]

ذكر المصنف أنه فى الصحيحين و ليس كذلك
و إنما أنفرد به مسلم
أخى المسلم
نكتفى بهذا القدر و نستكمل إن شاء الله تعالى
فى الحلقة القادمة و الآدب الحادى عشر
فأنتظرونا و لا تنسونا من صالح الدعوات