المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إستقالة من الدنيا


adnan
01-17-2013, 07:09 PM
الأخ المدون الإسلامى / خالد المصرى

أول رسالة منه و أهلاً و سهلاً به فى بيت الجميع
بيت عطاء الخير


إستقالة من الدنيا

من الممتع أن تعيش لأجل الآخرين تهبُ لهُم حياتُك وفى أشدِ الأوقات
تعطيهم الإهتمام , من الممتع ان تستمتع بأنك الأب الحامى لكلِ من
حاولك ومن الممتع ان تكن الأخ المساند لكل الأصدقاء ,


ممتعة جدا الحياة عندما لا تعيشها لنفسك وعندما تهبها لمن حولِك ,
متعة النظر إلى العينين المبتسمة لك أن أزلت عنها الدموع والهموم
قد تمنحك أن ايضاً خط مرسوم على شفتيك , أو ابتسامة منكسرة من العَدم ,
وان تشعر بأن أصدقاؤك هُم سِر وجودك ,
ان تحمِل رسالة لإسعاد الآخرين ويكون لديك الإيمان والقناعة الكافية
أنك ما أتيت لهذه الدُنيا مُعَمراً ولكن ما أنت فيها إلا رسالة , أو عابرِ سبيل .


لكن أسفاً ان على قدر المتعة والسعادة التى تمنًحها للآخرين ,
تَجدُ حزناً يَكبُر فى صدرك وطفل يصرخ مِن الأعماقِ حرمانً ان هذه
الإبتسامة الخافتة المرسومة على وجهك والتى تبدواْ وكأنها منهكة القوى
خارجة من بين أضلُعِ صارخة بالإلم لا تصَدقُ بأن آن لَها ان تَنطَلقَ
لتكون من نصيب أخرين , غير هذا الجسدِ المٌبلى والصاحبِ الحزين ,
الوقوفِ صموداً فى دَورِ الأبِ الحانى على الجَميع ,


وعِندما يناديكَ أندادُك بأبى وأنت لم تَقضى فى الدُنيا اياماَ اكثرُ منهم عدداً ,
تكون فرحةً كاسرة , على قدر الفرحة بأنك مَصدرٌ الأمانِ والطمائنينة
للآخرين , إلا انكَ تشعُر بإفتِقارٍ إلى ما تَمنَح أنتْ ,
قديماَ قالواْ فَاقدُ الشئِ لا يُعطيه ,
ولكن أقولً بأن مفتقد الشئ هو أكثرُ من يُعطيه .
عَندما تُمضى يوماً طويلاً مزدحماً بالأشخاص توزع الفرحة كأنك
مدوب شركة السعادة الاكثر نشاطاً , ومن ثمّ تَعودُ ليلاً تخلع بذلتُك
وحٌلة توزيع الفرحة على من حولِك و قد نفذ ما لديك من مُؤن الحياة
من سعادة وإبتسامة وفرحة ,


فكلها كانت من نصيب آخرين بكل جدارة وبكلِ فرحة تهديها لمن حَولك
ولكن لا تملك أن تبقى لنَفسك القليل منها لتسعد به أنت ,
وتأتى منزلك لتكشف الثياب عنك ,
أول ما تنظر إليه سكينُ راسخة فى القلب , وجسد مغطى بالدماء ,
وأطراف ترتعش ألماً ,وقدمان يغشى عليما سقوطاً وجثياً على الأرض ,
منهكة من كثرة الإحتمالِ والتماسُكِ طيلة النهار ,
ولا يسعهما إلا ان يتوضئا بدمع العين الدافئة يغسلا الجسد من نزيف الألم ,
قبل ان تشرق شمس اليوم الجديد , ويحين ميعاد توزيع السعادة ,
وقبل ان يرى أحد فى ضوء النهار الألم فى عينيه محتجزاً ,
فيكون سبباً فى إخفات ابتسامة من على وجة إنسان .


فلا يحِقُ لهذا الأب ان يطلُب بِراً من من يستهلكون كل ما لديه من
سعادة وإنتشاءُ بالسعى لإسعادهم ,
إن كانَ من حًقٍ فأقلها يدً تَلوحُ ليلاً من خلف الظَلام ,
تَكسِر صمت كهوف الوحدة القـاتلة , ولكِن مَن إعتادَ على الإسعادِ بكل
حُب يَقتله الحٌب إن جاء رداً لجميلٍ , أو جزاء صنيعِ يقدمه فقط ,
ومن إعتاد على العطاء فلا حَق له أن يأخذ , ومن يُفلس فلا بد لهٌ والرحيل ,
فلقد نفذت جعبته , وأضحى بكل مدخرات السعادة .


لكم انت قاسية أيتها الدنيا , جعلتنا بالعشق قتلى وبالفرح ثكلى ,
وجعلتنا أرجوحة يتطاير على ظهرها الآخروف فى الهواء فرحاً
وما أن كُثرت أشعلت فيها النيران لتدفئ شتاء أخرون ,
وما بقى من رمدها , لن يكون إلا نصيباً تطايره الرياح أو حظاً للأقدام ,
معذبون نحن فيكِ , فقبل ان نحترق دعينا نستقيل ونرحلُ إلى السماءِ ,
فرب السماءِ على العطاء تجزنا خيراً , ورب حياة بالأعلى تنتظرنا أفضل ,
فلم يعد لكِ منا نفعُ , فـ مخازن الفرحِ عِندنا قد فرغت ,
و قلوبنا الحاوية للحُب بألف إرتطامة قد كسرت ,
وهذه العين لم تعد قادرة على إرسال بريق المحبة فالدموع سحب
غائمة عليها والحرقة تضعفها , وابتسامتنا جفت وصارت كجرح عميق
فى الوجه يؤلمهُ , فهذه أسباب إقالتنا أيتها الدنيا , فأسمحى لنا بالرحيل .