بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4759 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=67224)

حور العين 02-02-2020 01:29 PM

درس اليوم 4759
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الرحمن الرحيم (16)

صفةُ الرَّحمةِ:
الشرْح:
هذه آياتٌ في إثباتِ صفةِ الرَّحمةِ:
الآية الأولى: قولُه:
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } [النمل: 30].
هذه آيةٌ أتى بها المؤلِّفُ ليثبتَ حُكمًا، وليستْ مُقدِّمةً لما بعدها،
وقد سبق لنا شرحُ البسملة، فلا حاجةَ إلى إعادتِه.
وفيها من أسماءِ اللهِ ثلاثةٌ: اللهُ، الرَّحمنُ، الرَّحيمُ، ومِنْ صفاتِهِ:
الألوهيَّةُ، والرَّحمةُ.

الآية الثانية: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا }
[غافر: 7]، هذا يقوله الملائكة:
{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ
لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } [غافر: 7].

ما أعظمَ الإِيمانَ! وأعظمَ فائِدتَهُ!
الملائكةُ حولَ العرشِ يحملونَهُ، يَدْعُون اللهَ للمؤمنِ.

وقولُه: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا }: يدلُّ على أَنَّ كلَّ شيءٍ وصلَهُ
علمُ اللهِ، وهو واصلٌ لكلِّ شيءٍ، فإِنَّ رحمَتَهُ وَصَلَتْ إليه؛ لأنَّ اللهَ قرنَ بينهما
في الحُكمِ { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا }.

وهذه هي الرَّحمةُ العامَّةُ التي تشملُ جميعَ المَخْلوقاتِ، حتى الكفارَ؛ لأنَّ اللهَ
قرنَ الرَّحمةَ هذه مع العلمِ، فكلُّ ما بلغه علمُ اللهِ - وعِلمُ اللهِ بالغٌ لكلِّ شيءٍ –
فقد بلغتْهُ رحمتُه، فكما يَعْلَمُ الكافِرَ، يرحمُ الكافِرَ أيضًا.

لكِنَّ رحمتَهُ للكافرِ رحمةٌ جسديَّةٌ بدنيةٌ دنيويةٌ قاصِرةٌ غايةَ القُصورِ بالنسبةِ
لرحمةِ المؤمنِ، فالذي يَرزقُ الكافرَ هو اللهُ الذي يَرزقُه بالطعامِ والشَّرابِ
واللباسِ والمَسكنِ والمَنْكَحِ وغيرِ ذلك.

أما المؤمنون، فرحمتُهم رحمةٌ أخصُّ مِن هذه وأعظمُ؛
لأنها رحمةٌ إيمانيَّةٌ دينيةٌ دنيويّةٌ.

ولهذا تجدُ المؤمِنَ أحسنَ حالًا من الكافرِ، حتَّى في أُمورِ الدُّنيا؛ لأَنَّ الله يقول:
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }
[النحل: 97]:

الحياةُ الطيبةُ هذه مفقودَةٌ بالنسبةِ للكفارِ، حياتُهم كحَياةِ البهائِمِ، إذا شَبِعَ
رَاثَ، وإذا لم يشبَعْ جلسَ يصرخُ، هكذا هؤلاءِ الكفارُ، إن شبعوا بَطروا، وإلا
جلسوا يصرخُون، ولا يستفيدون مِنْ دُنياهم، لكنَّ المؤمنَ إِنْ أصابته ضرَّاءُ
صبَر واحتسبَ الأجرَ على اللهِ عز وجل، وإن أصابتْهُ سرَّاءُ شكرَ، فهو في
خيرٍ في هذا وفي هذا، وقلبُه منشرِحٌ مطمئِنٌّ ماشٍ مع القضاءِ والقَدَرِ،
لا جزعَ عند البلاءِ، ولا بطرَ عند النعماءِ، بل هو متوازنٌ مستقيمٌ معتدلٌ.
فهذا فرقٌ ما بين الرَّحمةِ هذه وهذه.

لكِنْ مع الأسفِ الشَّديدِ أيُّها الإخوةُ: إِنَّ مِنَّا أُناسًا آلافًا يُريدون أنْ يلحقوا
بركبِ الكفَّارِ في الدُّنيا، حتى جعلوا الدُّنيا هي همَّهم، إِنْ أُعطوا رَضُوا، وإِنْ
لم يُعطَوا إذا هم يَسْخَطون، هؤلاءِ مهما بلغُوا في الرَّفاهيةِ الدنيويَّةِ فهم في
جحيمٍ، لم يَذوقوا لذَّةَ الدُّنيا أبدًا، إنما ذَاقَهَا مَنْ آمنَ باللهِ وعَمِلَ صالحًا.

ولهذا قال بعضُ السلف: "واللهِ، لو يعلمُ الملوكُ وأبناءُ الملوكِ ما نحنُ فيه
لجالدونا عليه بالسيوفِ"؛ لأنه حالَ بينهم وبين هذا النعيمِ ما هُمْ عليه من
الفُسوقِ والعصيانِ والرّكونِ إلى الدُّنيا وأنها أكبرُ همِّهم ومبلغُ علمِهم.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 05:18 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.