بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   خطب الشيخ / نبيل الرفاعى (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   71 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الكسوف ) (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=4505)

vip_vip 06-29-2011 06:57 PM

71 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الكسوف )
 

71 خطبتى صلاة الجمعة بعنوان : ( الكسوف )
ألقاها الأخ فضيلة الشيخ / نبيل عبدالرحيم الرفاعى
أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب
================================================== ================================



الحمد لله وسعت رحمتُه ذنوبَ المسرفين ، و أعجزت نعمُه إحصاءَ العادِّين ،
عظُم حلمُه فستر ، و بسط يدَه بالعطاء فأكثَر ، أحمده سبحانه و أشكره ،
و أتوب إليه و أستغفره ، أطاعه الطائعون فشكر ،
و تاب إليه المذنبون فغفر ، لا تُحجب عنه دعوة ،
و لا تخيب لديه طِلبة ، و لا يضّل عنده سعي .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفضّل بجزيل النعم ،
و رضي بقليل الشكر ، و غفر بالندم كبير الذنب ،
و محا بتوبةِ ساعة خطايا سنين ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبد الله و رسوله ،
أرسله ربّه هدى و رحمة و سراجاً منيراً ،
صلـى الله و بارك عليه و على آله الطيبين الطاهرين ،
أذهبَ عنهم الرجسَ و طهَّرهم تطهيرا ، و على أصحابه الغرّ الميامين ،
رضي عنهم و أرضاهم و أعدّ لهم مغفرةً و أجراً كبيراً ،
و التابعين و من تبعهم بإحسان ، و سلم تسليماً كثيراً .
أمـــــا بعـــــد :
فأوصيكم ـ أيها الناس ـ و نفسي بتقوى الله عز و جل ،
فاتقوا الله رحمكم الله ، و استغفروه و توبوا إليه ، فالكرامة كرامةُ التقوى ،
و العزُّ عزّ الطاعة ، و الوحشةُ وحشة الذنوب ، و الأنسُ أُنس الإيمان و العمل الصالح ،
من لم يعتزَّ بطاعة الله لم يزل ذليلاً، و من لم يستشفِ بكتاب الله لم يزل عليلاً ،
و من لم يستغنِ بالله ظلَّ طولَ دهره فقيراً .
عبادَ الله ، أجيبوا داعيَ الله إذ دعاكم يُجبْكم إذا دعوتموه ،
قدِّموا لأنفسكم ما طلبه منكم مِن طاعتِه يؤتِكم ما رجوتُموه من رحمتِه ،
لولا فضل الخالق لم يكن المخلوق شيئاً مذكورًا ،
و لولا كرمُ الرازق لم يملك المرزوق نقيراً و لا قطميراً .
أيها المسلمون ، من صفا مع الله صافاه ، و من أوى إلى الله آواه ،
و من فوّض إليه أمرَه كفاه ، و من باع نفسَه لله اشتراه ، و جعل ثمنَه جنتَه و رضاه . وعدٌ من الله صادق ، و عهدٌ منه سابق ، و من أوفى بعهده من الله ؟!
{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ
فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّا فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنجِيلِ وَٱلْقُرْءانِ
وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ وَذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ *
ٱلتَّـٰئِبُونَ ٱلْعَـٰبِدُونَ ٱلْحَـٰمِدُونَ ٱلسَّـٰئِحُونَ ٱلركِعُونَ ٱلسَّـٰجِدونَ
ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَـٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }
[التوبة:111، 112].
معاشرَ الأحبّة ، ربُّنا الرحيم الرحمن أعلمُ بخلقه ، يعلم عجزَهم و ضعفَهم ،
و يعلم نقصَهم و تقصيرَهم ، فتَح لهم بمنّه و كرمه بابَ الرجاء في عفوِه
و الطمع في رحمته و الأمل في مرضاته و مغفرته ، دعاهم إلى ساحةِ جوده و كرمه ،
{ وَٱللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ }
[البقرة:221] ،
و في الحديث القدسي :
(( يا عبادي ، إنكم تخطئون باليل و النهار ،
و أنا أغفر الذنوب جميعاً ، فاستغفروني أغفر لكم )) ،
{ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
[النور:22].
رحمةٌ من ربّكم فيّاضة لا ينقطع مددُها ، و نعمةٌ من عنده دفّاقة لا يضعُف سببُها ،
من ذا الذي يتألَّى على الله أن لا يغفر ذنوبَ عباده ؟!
{ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ }
[آل عمران:135].
و من منَّة الله الكبرى و فضله العظيم أن يدعوَ عبادَه لعفوه و مغفرته ،
ثمَّ يُتبعها بمنةٍ أخرى ، يؤخِّرُهم إلى مهلة يراجعون فيها أنفسَهم ،
و يتدبَّرون فيها أحوالهم ،
{ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّـى }
[إبراهيم:10].
الذنوب ـ يا عباد الله ـ مغفورةٌ و لو كانت مثلَ زَبَد البحر ،
فلا يقنَطنّ عبدٌ من رحمة الله ، و من عظمت ذنوبُه و كثرت آثامه
فليعلمْ أنَّ رحمةَ الله و مغفرتَه أعظمُ و أعظم .
و التقصير من شأن البشر ، فإن نبيكم محمداً صلى الله عليه و سلم
يقول في الحديث الصحيح :
(( لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، و لجاء بقوم يُذنبون ثم يستغفرون ،
فيغفر لهم )) .
سبحانك ربَّنا ، جلّ شأنك ، تباركت و تعاليت ، أنت غفارُ الذنوب ،
و ساترُ العيوب ، تبسط يدَك بالليل ليتوبَ مسيء النهار ،
و تبسط يدَك بالنهار ليتوبَ مسيء الليل ، و تنادي عبادَك و لك الحمد :
{ وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
[النور:31].
أيها الإخوة ، طوبَى لمَن عرفَ أنَّ له ربّاً رحيماً ، عفوّاً كريماً ، يقبل توبَة النادمين ،
و يُقيل عثراتِ العاثرين إذا لجؤوا إليه صادقين مخلصين ، غيرَ يائسين و لا مُصرِّين ،
كيفَ لا ؟! و قد أمر بذلك نبيَّه و المؤمنين :
{ فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ }
[محمد:19].
أيها الإخوة ، إذا كثُر الاستغفار في الأمة و صدَر عن قلوبٍ بربّها مطمئنة
دفع الله عنها ضروباً من النقم ، و صرَف عنها صنوفًا من البلايا و المحن ،
{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }
[الأنفال:33]،
روى الترمذي من حديث أبي موسى رضي الله عنه يرفعه إلى
النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
(( أنزل الله على أمّتي أمانين ))،
فذكر الآية:
{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ
وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } ،
قال :
(( فإذا مضيتُ تركتُ فيهم الاستغفار )) .
بالاستغفار تتنزَّل الرحمات ،
{ لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }
[النمل:4].
أيها الإخوة ، إن هناك صلةً قويّة بين طهارة الفرد و المجتمع من الذنوب و الخطايا
و قضاءِ الحاجات و تحقيقِ الرغبات ،
هناك ارتباطٌ متين بين القوة و الثروة و بين الاستغفار .
الاستغفارُ جالبٌ للخَصب و البركة و كثرة النسل و النماء .
الاستغفارُ مصدرٌ للعزة و المنعة ، اقرؤوا إن شئتم في خبر نوح عليه السلام :
{ فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً *
يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً }
[نوح:10-12]،
و في خبر عاد الشداد مع نبيهم هود عليه السلام :
{ وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً
وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ }
[هود:52].
المستغفرون يمتِّعهم ربّهم متاعاً حسناً من سعةِ الرزق و بسطِ الأمن و مدِّ العافيَة و رغَد العيش و القناعَة بالموجود و عدَم الحزن على المفقود . بالاستغفار يبلُغ كلُّ ذي منزل منزلته ، و ينال كلُّ ذي فضل فضلَه ، اقرؤوا إن شئتم في خبر نبيّكم محمد صلى الله عليه و سلم :
{ وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا
إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ }
[هود:3].
في الاستغفار ـ بإذن الله ـ الفرجُ من كلّ همّ ، و المخرجُ من كلِّ ضيق ،
و رزقُ العبد من حيث لا يحتَسب ، و في الحديث :
(( من لزم الاستغفارَ جعلَ الله له من كلِّ همّ فرجًا ، و من كلّ ضيقٍ مخرجًا ،
و رزقه من حيث لا يحتسب )) .
إن الاستغفارَ الحقَّ صدقٌ في العزم على ترك الذنب ، و الإنابةُ بالقلوب إلى علامِ الغيوب .
إن الخيرَ كلّه معلّق بصلاح القلوب و قبُول الإيمان ، و حينئذ يأتي الغفران ،
{ إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
[الأنفال:70].
ألا فاتقوا الله رحمكم الله ، اتقوا الله ربَّكم ، و توجَّهوا إليه بقلوبكم ،
و أحسنوا به الظنّ . ارجعوا على أنفسكم بالمحاسبة ،
و من صدَق في اللجوء صحَّت عنده التوبة . جانِبوا أهلَ الفحش و التفحُّش ،
و مجالسةَ أصحابِ الرَّدى ، و مماراةَ السفهاء . احفَظوا للناس حقوقَهم ،
{ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءهُمْ }
[هود:85].
إنها لا تفسد الأحوالُ و لا تضطربُ الأوضاعُ إلا بطغيان الشهوات و اختلاط النيات
و اختلاف الغِيَر و المداهنات ، لا يكون الفسادُ إلا حينَ يُترَك للناس الحبلُ على الغارب ،
يعيشون كما يشتهون ، بالأخلاق يعبثون ، و للأعراض ينتهكون ،
و لحدود الله يتجاوَزون ، من غير وازعٍ و لا رادع ، إذا كثُر الخبثُ استحقَّ القومُ الهلاكَ ،
و بكثرة الخبثِ تُنتقَص الأرزاق ، و تُنزَع البركات ، و تفشو الأمراض ، و تضطرب الأحوال .
إنَّ للمعاصي شؤمَها ، و للذنوب أثرها ، فكم أهلكَت من أمَم ، و كم دمَّرت من شعوب ،
{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَـٰلِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً ءاخَرِينَ }
[الأنبياء:11].

vip_vip 06-29-2011 07:00 PM

ألا فاتقوا الله رحمكم الله ، تعجَّلوا الإنابةَ و بادِروا بالتوبة ، و ألحُّوا في المسألة ،

فبالتوبة النصوح تُغسل الخطايا ، و بكثرة الاستغفار تستدفع النقم ،

و تستبقى النعم ، فأظهروا ـ رحمكم الله ـ رقَّة القلوب و افتقارَ النفوس

و الذلَّ بين يدي العزيز الغفار ، استكينوا لربّكم ، و ارفَعوا أكفَّ الضراعة إليه ،

ابتهِلوا و ادعوا و تضرَّعوا و استغفروا .

نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و نتوب إليه ،

نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و نتوب إليه ،

نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و نتوب إليه .

اللهم بعلمك بحالنا و بقدرتك علينا و برحمتك بنا أتمِم علينا نعمتَك ،

و اصرف عنا نقمتك ، و اكتب لنا رضاك ، و تفضَّل علينا بلطفك و خفِيِّ عنايتك .

اللهم لا تحرمنا عطاءَك ، و لا تخيِّب رجاءَنا فيك . اللهم و لا تحرمنا خيرَك ،

و لا تمنع عنّا بذنوبنا فضلَك ، يا من أظهرَ الجميل ، و ستر القبيحَ ،

و لم يؤاخِذ بالجريرة ، و لم يهتِك السريرَة ، برحمتك نستغيث ، و من عذابِك نستجير ،

فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفةَ عين و لا إلى أحدٍ من خلقك .

ربَّنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين .

اللهم إنا خلق من خلقك ، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك ،

اللهم إنا خلق من خلقك ، فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك .

سبحانك ربَّنا ، عليك توكلنا ، و إليك أنبنا ، و إليك المصير .

اللهم ارفع عنَّا من الجوع و الجهد و العري ، و اكشف عنَّا من البلاء ما لا يكشفه إلا أنت .

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ر بَّنا و لا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ،

ربَّنا و لا تحمِّلنا ما لا طاقة لنا به ، و اعف عنا ، و اغفر لنا ، و ارحمنا ،

أنت مولانا ، فانصرنا على القوم الكافرين .


بارك الله لي و لكم في القران العظيم ، و نفعنا و إياكم بما فيه الآيات و الذِكر الحكيم

أقول ما قلت و أستغفر الله العظيم لى و لكم و لسائر المسلمين ،

و جعلنا الله و إياكم هداة مهتدين غير ضالين و لا مضلين ،

http://us.mg4.mail.yahoo.com/ya/down...adnan&inline=1

الحمد لله لم يزل بالمعروف معروفًا ، و بالكرم و الإحسان موصوفاً ،

يرسل آياته و نذره و ما يرسل بالايات إلا تخويفاً ،

و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،

يكشف كربًا ، و يغفر ذنبًا ، ويغيث ملهوفًا ،

و أشهد أن سيدنا و نبينا محمدًا عبده و رسوله ،

صلى عليه الله و سلم و بارك عليه و على آله و صحبه أهل الوفا ، و ينبوع الصفا ،

و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أمّـــا بعـــــد :


ففي الصحيحين عن أمنا أم المؤمنين

السيدة / عائشة رضي الله عنها و عن أبيها أنها قالت :

كسفت الشمس في عهدِ النبيّ صلى الله عليه و سلم ،

فصلّى رسول الله عليه الصلاة و السلام بالناس ،

فقام فأطال القيام ، ثمّ وصفَت الصلاةَ إلى أن قالت :

ثم انصرفَ رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد انجلتِ الشمس ، فخطب الناسَ ،

فحمِد الله و أثنى عليه ، ثم قال :

(( إنَّ الشمس و القمر آيتان من آيات الله عزّ و جلّ ، يخوّف بهما عبادَه ،

لا يخسِفان لموت أحدٍ و لا لحياته ،

فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله و كبِّروا و صلّوا و تصدّقوا )) ،

ثم قال :

((أيّها الناس ، و الله ما مِن أحدٍ أغير من الله أن يزنيَ عبدُه أو تزني أمتُه ،

و الله لو تعلَمون ما أعلم لضحِكتم قليلاً و لبكَيتم كثيرًا )) ،

و في رواية في الصحيحين أن النبيَّ صلى الله عليه و سلم أمرهم أن يتعوّذوا بالله من عذاب القبر .

و في الصحيحين أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما

أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم تقدّم في هذه الصلاة ثم تأخّر ،

و قال :

(( إني رأيتُ الجنة ، فتناولتُ عنقودًا لو أصبتُه لأكلتم منه ما بقِيت الدنيا ،

و رأيتُ النار ، فما رأيتُ منظرًا كاليوم قطُّ أفظع ، و رأيتُ أكثرَ أهلها النساء )) ،

قالوا : بم يا رسول الله ؟

قال:

(( بكفرهِنّ )) ،

قيل: يكفرنَ بالله ؟!

قال :

(( يكفرن العشير ، و يكفرنَ الإحسان ،

لو أحسنتَ إلى إحداهنّ الدهرَ كلَّه ثم ّرأَت منك شيئًا

قالت : ما رأيتُ منك خيرًا قطّ )) .

و في الصحيحين أيضًا من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

أنَّ النبيَّ صلى الله عليه و سلم أنه قال في خطبته تلك :

(( ما من شيء كنتُ لم أره إلا رأيتُه في صلاتي هذه ـ أو قال : ـ

في موقفي هذا ، حتى الجنة و النار،

و لقد أوحي إليّ أنكم تفتنون في القبور مثلَ أو قريبًا من فتنة الدجال ،

ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر ،

يؤتَى أحدُكم فيقال له : ما عِلمُك في هذا الرجل ؟ فأما المؤمن ـ أو الموقن ـ

فيقول : محمد رسول اللهم صلى الله عليه و سلم ،

جاءنا بالبينات و الهدى ، فآمنّا و اتبعنا و أجبنا ،

فيقال : نم صالحًا ، قد علِمنا إن كنتَ لموقنًا ،

و أمّا المنافق ـ أو المرتاب ـ فيقول :

لا أدري ، سمعتُ الناس يقولون شيئًا فقلته ))


vip_vip 06-29-2011 07:03 PM

و قال :

(( لقد جيء بالنار يحطم بعضها بعضا

و ذلك حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها ،

حتى رأيت فيها عمروا بن لحي يجر أقصابه أي أمعاءه في النار

و رأيت صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها

و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ،

قال : ثم جيء بالجنة و ذلك حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ،

و لقد مددت يدي فأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه

ثم بدا لي أن لا أفعل )).

أيّها المسلمون ، لا شكَّ أنَّ الشمسَ و القمر من أعظمِ آيات الله عزّ و جلّ

الدالّةِ على عظيم قدرته الباهرة و الباعثةِ على الخوف الحقيقيّ منه سبحانه دونَ أحدٍ سواه ،

و هذه الآياتُ العظيمة قد اعتاد عليها الناس ،

فربما غفَل بعضُ الخلق عن التفكُّر فيها، فيُحدِث الله عزّ و جلّ عليها من الطواري

و الحوادِث و التغيُّرات الكونية ما يبعثُ المسلمَ على التفكُّر و التذكّر ،

فلو اجتمع الإنسُ و الجنّ على أن يُغيِّروا من نظام هذا الكون شيئًا لم يستطيعوا ،

أو على أن يعيدوا للقمَر ضوءَه لم يفلِحوا .

فهذه آيةُ الله عزّ و جلّ الدّالةُ على قدرته سبحانه و تعالى :

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ

مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء أَفَلاَ تَسْمَعُونَ *

قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ

مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ *

وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ

وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[القصص:71-73].

و قد بيّن النبيّ صلى الله عليه و سلم في خطبتِه بعد أن فزع فزعًا شديدًا

عندما رأى هذا الكسوفَ للشّمس ، و ذلك الفزعُ بسبب أنَّ الخسوفَ و الكسوف

من علامات الساعة و من علامات العذاب ،

لذلك سُمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول في دعائه في سجوده :

(( يا ربّ ، ألم تعدني أن لا تعذِّبهم و أنا فيهم ؟! )) ،

فكان يبتهل إلى الله عز و جلّ أن لا يُنزل العذابَ بأمته رحمةً منه صلى الله عليه و سلم .

وذكر عليه الصلاة و السلام في خطبتِه بعضَ أحوالِ الآخرة ممّا رآه في صلاته

تنبيهًا و تذكيرًا للمؤمنين ، فمِن ذلك عذابُ القبر أجارنا الله و إياكم منه ،

و بيّن النبيّ علسه أفضل الصلاة و أزكى السلام أنه لا ينجو منه إلاّ من كان مؤمنًا موقنًا،

عندها يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت .

جعلنا الله و إيّاكم من الثابتين في الحياة الدنيا و في الآخرة .

كما أخبر النبيّ صلى الله عليه و سلم أنّ الله عز و جل يغضب و يغار

عندما تُنتهَك حرماته عزّ و جلّ ،

و فيه تنبيه على أنّ الخسوفَ و الكسوف علامة على الغضَب و العذاب ،

عافانا الله و إياكم .

و من هذه المحارم التي نبّه عليها النبي صلى الله عليه و سلم ( الزنا ) ،

فهو موجِبٌ لغضَب الله عزّ و جلّ و أليم عقابه .

فالله عز و جل يغار و يغضب من انتهاك هذه الحرمات أو ما أحاط بها من حرمات ،

فقد قال سبحانه :

{ وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزّنَىٰ }

[الإسراء:32]

بأيِّ حالٍ من الأحوال ، سواء كان الوقوع في الزنا أو قربان الزنا

أو أيّ شيء يوصل إلى هذه الفاحشةِ الموجبة لغضب الله عزّ و جلّ و سخطه و أليم عقابه ،

سواء كانت هذه الأسباب الموصلة إليه الاختلاط أو السفور أو التبرّج

أو الدعوة إلى الرذيلة كما ينادي بذلك الذين يحبّون أن تشيعَ الفاحشة في الذين آمنوا ،

و الاستهزاء بما أحاط الله عزّ و جلّ هذه المحارم ،

أحاطها الله عزّ و جلّ بسياجٍ منيع من الحرمات ،

فالاستهزاء بذلك و انتهاكُ ذلك موجبٌ لعِقاب الله عزّ و جلّ ،

و كذلك نقصُ الأرزاق و الخوف و غير ذلك من العقوبات ، كلُّ هذا بسبب ذنوب العباد .

فهذه أسبابُ العقوبات قد انعقَدت ، و علامات العذاب قد ظهَرت ،

فعلى المسلمين جميعًا أن يتوبوا إلى الله عزّ و جلّ ، و أن يخلِصوا له التوبةَ النصوح ،

و أن يستغفروه و يتوبوا إليه ، فإنّ الله عزّ و جلّ يبسُط يدَه بالليل ليتوب مسيء النّهار ،

و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، و رحمتُه سبحانه وسِعت كلَّ شيء ،

و هو يدعوكم إلى جنته ،

{ وَٱللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى ٱلْجَنَّةِ وَٱلْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ }

[البقرة:221]،

{ وَٱللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ }

[يونس:25]،

{ قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ

لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا }

[الزمر:53]،

{ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء}

[الأعراف:156].

رحمةُ الله تعالى واسعة ، فهو يناديكم ،

و هو أفرحُ بتوبة عبده من رجلٍ أضلَّ ناقتَه في الصحراء عليها متاعُه و زادُه ،

ثم فرح بها إذ لقيها ،

فالله عزّ و جلّ أفرح من هذا العبد الذي لقي ناقتَه بعد ضياعها .

فعليكم بالتوبة ياعباد الله ، إستغفرَوا ربكم و عودوا إليه ، و كبروه تكبيرا .

و قد يقول بعضُ المخذولين : إنّ هذه التغيّرات الكونيةَ لها أسبابٌ طبيعيّة معروفة ،

و ليست بسبب الذنوب ، فيجاب عن هؤلاء الغافلين عن آيات الله عزّ و جلّ

بأن كونَها معروفةً أو أنّ لها أسبابًا طبيعية لا يخرِجُها من كونها مقدَّرةً من عند الله عزّ و جل ،

فالله سبحانه هو خالق الأشياء و الحوادثِ و أسبابها و المسبّبات ،

فالله تعالى إذا أراد شيئًا بعث سببَه ، فيخلق سبحانه الأشياءَ و أسبابَها .

نسأل الله تعالى أن لا يؤاخذَنا بذنوبنا ، و أن لا يؤاخذنا بما فعل السّفهاء منا ،

و أن يغفر لنا و يرحمنا ، و يتقبّل منا و منكم صالحَ القول و العمل ، إنه قريب مجيب .

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

{ ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر

واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون }

[فصلت:37].


ثم صلّوا و سلّموا على رسولِ الله نبيِّكم المصطفى محمّدٍ رسول الله المُجتبى ،

فقد أمركم بذلك ربّكم جل و علا ، فقال عز من قائلا عليما سبحانه :

{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

[الأحزاب: 56] .

اللّهمّ صلِّ و سلِّم و بارِكْ على عبدك و رسولك نبيّنا و سيّدنا محمّدٍ ،

صاحبِ الوجه الأنوَر و الجبين الأزهر و الخلُق الأكمل ،

و على آل بيتِه الطيّبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمهاتنا أمّهات المؤمنين ،

و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين و الأئمّة المهديّين :

أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ ،

و عن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،

و عنّا معهم بعفوِك و جودك يا أكرم الأكرمين .


اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،

و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة امورنا ،

و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو أى بلد من بلاد المسلمين

اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،

و أنصر عبادَك المؤمنين ...

ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم

ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم

أنتهت


All times are GMT +3. The time now is 02:10 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.