بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4703 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=66214)

حور العين 12-08-2019 02:06 PM

درس اليوم 4703
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الرفيق في حقِّ الله تعالى

قال القرطبيُّ بعد أَنْ بيَّنَ المعنى اللُّغويَّ للاسمِ:
"وللهِ تعالى مِن ذلك ما يَليقُ بجلالِهِ سُبْحَانَهُ.
فهو الرَّفيقُ؛ أي: الكثيرُ الرِّفقِ، وهو اللِّينُ والتسهيلُ،
وضدّهُ العُنفُ والتَّشديدُ والتَّصْعِيبُ.

وقد يجيءُ الرِّفقُ بمعنى: الإِرفاقِ،
وهو إعطاءُ ما يُرتفقُ به، وهو قولُ أبي زيدٍ.
وكلاهما صحيحٌ في حقِّ اللهِ تعالى.

إذْ هو الميسِّرُ والُمسهِّلُ لأسبابِ الخيرِ كلِّها، والُمعطي لها، وأعْظمُها: تيسيرُ
القرآنِ للحفظِ، ولولا ما قال

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ }
[القمر: 17]

ما قَدِرَ على حِفْظهِ أحدٌ، فلا تيسيرَ إلا بتيسيرِهِ، ولا منفعةَ
إلا بإعطائِهِ وتقديرِهِ.

وقد يجيءُ الرفقُ أيضًا بمعنى: التَّمهُّل في الأمورِ والتَّأنِّي فيها، يُقال منه:
وقفتُ الدابةَ أرفقُها رفقًا، إذا شدَدْتُ عَضُدَها بحبلٍ لِتُبطِئَ في مَشْيِها.

وعلى هذا يكون "الرَّفيقُ" في حقِّ الله تعالى بمعنى "الحليم"؛ فإنه لا يُعجِّلُ
بعقوبةِ العُصاةِ ليتوبَ مَن سَبَقَتْ له العِنايةُ، ويَزدادُ إثمًا مَنْ سبقتْ
له الشقاوةُ.

وقال الخطَّابِيُّ: "قوله: "إِنَّ اللهَ رفيقٌ" معناه: ليس بعَجُولٍ، وإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ
يخافُ الفوتَ، فأما مَنْ كانتِ الأشياءُ في قبضتِه
ومُلكِه فليس يعَجلُ فيها"[12].

وقال النوويُّ: "وأما قولُه صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ رفيقٌ"
ففيه تصريحٌ بتسميتِه سبحانه وتعالى، ووصفِه برفيقٍ.

قال المازري: لا يُوصفُ اللهُ سبحانه وتعالى إلا بما سَمَّى به نفسَهُ، أو سمَّاهُ
به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أو أَجمعَتِ الأُمَّةُ عليه، وأما ما لم يَرِدْ
إِذنٌ في إطلاقِهِ، ولا وَرَدَ منعٌ في وصفِ اللهِ تعالى به ففيه خلافٌ: منهم مَنْ
قال يبقى على ما كان قبل وُرُودِ الشرعِ، فلا يُوصفُ بِحِلٍّ ولا حُرْمَةٍ
، ومنهم مَنْ مَنعَهُ.

قال: وللأصوليين المتأخِّرين خلافٌ في تَسميةِ اللهِ تعالى بما ثَبتَ عن النبيِّ
صلى الله عليه وسلم بخبرِ الآحادِ، فقال بعضُ حُذَّاقِ الأشعريَّةِ: يجوزُ؛
لأَنَّ خَبَرَ الواحِدِ عنده يَقتضي العملَ، وهذا عنده مِن بابِ العمليَّاتِ لكنَّهُ يَمنعُ
إثباتَ أسمائِهِ تعالى بالأقيسَةِ الشَّرعيةِ، وإنْ كانتْ يُعملُ بها
في المسائلِ الفِقهيَّةِ.

وقال بعضُ متأخِّريهم: يُمنعُ ذلك، فمَنْ أجاز ذلك فَهِمَ مِن مسالِك الصَّحابةِ
قَبولَهم ذلك في مثلِ هذا، ومَنْ مَنَعَ لم يُسلمْ ذلك، ولم يَثْبُتْ عِنده إجماعٌ
فيهِ فبقي على المنْعِ.

قال المازريُّ: فإطلاقُ رفيقٍ إنْ لم يثبُتْ بغيرِ هذا الحديثِ الآحادِ، جرى
في جوازِ استعمالِهِ الخلافُ الذي ذكرنا، قال: ويُحتملُ أَنْ يكون َصفةَ فعلٍ،
وهي: ما يخلقُه اللهُ تعالى من الرِّفقِ لعبادِهِ، هذا آخرُ كلامِ المازريِّ".

قال النوويُّ: "والصحيحُ جوازُ تسميةِ اللهِ تعالى رفيقًا وغيرَهُ مما ثَبَتَ بخبرِ
الواحدِ، وقد قدَّمنا هذا واضحًا في كتابِ الإيمانِ في حديثِ: "إِنَّ الله جميلٌ
يُحبُّ الجمالَ" في باب تحريم الكِبْرِ، وذكرْنا أنه اختيارُ إمامِ الحرَمين"

وقال ابنُ القَيِّمِ في (النونيَّةِ):
وهو الرَّفيقُ يُحبُّ أهلَ الرفقِ ♦♦♦ يُعطيهـمُ بالـرِّفقِ فـوقَ أَمَـانِ


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 03:13 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.