بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   شرح الدعاء من الكتاب و السنة ( 74) (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=64727)

حور العين 09-20-2019 12:24 PM

شرح الدعاء من الكتاب و السنة ( 74)
 
من: الأخت/ الملكة نور

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9642

شرح الدعاء من الكتاب و السنة ( 74)


شرح دعاء
اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت.
فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .

قوله : ((ولا يغفر الذنوب إلا أنت)): أي لا أحد يقدر على ستر الذنوب،
والتجاوز عنها إلا أنت وحدك، ففيه الإقرار بالوحدانية
للَّه تعالى، واستجلاب المغفرة منه .

قوله : ((فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني)): دلّ تنكير ((مغفرة))
على أن المطلوب غفران عظيم، لا يُدرك كنهه، ووصفه بكونه من
عنده سبحانه وتعالى بيان لذلك العظم؛ لأن الذي يكون من عند
اللَّه تعالى لا يحيط به وصف، وفيه إشارة إلى طلب مغفرة متفضّل
بها لا يقتضيها سبب من العبد من عمل حسن ولا غيره .

والمعنى : هبْ لي مغفرة تفضلاً، وإن لم أكن لها أهلاً بعملي؛
لهذا أضافها إليه ((من عندك)) فإنها تكون أعظم
وأبلغ، فإن عظم العطاء من عظم المُعطي .

وقدّم ((ظلمت نفسي)) : وهو الاعتراف بالتقصير والذنب على
سؤال المغفرة، فاغفر لي أدباً جميلاً، كما قال ذلك أبوانا: آدم وحواء:
{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }،
ولا يخفى حسن ترتيب هذا الحديث، حيث قدّم الاعتراف بالذنب، ثم الوحدانية،
ثم سؤال المغفرة؛ فإن الاعتراف بذلك أقرب إلى العفو والثناء
على السيد بما هو أهله، وأرجى لقبول سؤاله .

قوله : ((إنك أنت الغفور الرحيم)): إنك أنت مشعر بالتعليل،
أي اغفر لي، وارحمني لأن من دعاك يا ربنا، ولجأ إليك،
وسألك المغفرة والرحمة، تغفر له وترحمه؛
لأنك كثير المغفرة، وكثير الرحمة بنا يا ربنا، فتضمّن هذا
الدعاء الجليل توسلين عظيمين :

1 – توسل بظلم النفس بتقصيرها وضعفها، وهو من التوسّلات الجليلة
التي يحبها اللَّه عز وجل كما سبق.

2 – توسّل بأسماء اللَّه تعالى الحسنى، ولا يخفى بحسن الختام
مقابلةً في السؤال والطلب فـ(اغفر لي) مناسب (للغفور)،
و(الرحيم) مناسب لـ(وارحمني)، وهو مناسب ما أمر
اللَّه تعالى به في الدعاء بأسمائه الحسنى:
{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } .

قال الكرماني: هذا الدعاء من الجوامع؛ لأن فيه الاعتراف بغاية التقصير،
وطلب غاية الإنعام، فالمغفرة بستر الذنوب ومحوها، والرحمة
إيصال الخيرات [ولا شك، ولا ريب أن رحمة اللَّه صفة من
صفاته العظيمة، تليق بجلاله، ومن مقتضاها وآثارها إيصال الخيرات،
ودفع النقمات]، ففي الأول طلب الزحزحة عن النار، وفي الثاني طلب
إدخال الجنة، وهذا هو الفوز العظيم، وهذا الدعاء الجليل قد جاء
بمثيله في تضمّنه لهذه المطالب والمقاصد، من قول النبي صلى الله عليه وسلم
( إِنَّ أَوْفَقَ الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ،
ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، يَا رَبِّ فَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي،
إِنَّكَ أَنْتَ رَبِّي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذَّنْبَ
إِلَّا أَنْتَ ) .

وقوله : (أوفق) أي: ((أكثر موافقته للداعي )، ولا يخفى في قوله:
((أوفق)) على وزن أفعل يدل على تفضيله، وأهميته في باب الأدعية .





All times are GMT +3. The time now is 08:39 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.