بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   خطب الشيخ / نبيل الرفاعى (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=65)
-   -   خطبتى الجمعة بعنوان : التوكل و اليقين (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=8785)

adnan 12-20-2012 07:28 PM

خطبتى الجمعة بعنوان : التوكل و اليقين
 

خطبتى صلاة الجمعة بعنوان :
( التــوكــل و اليـقيـن )
ألقاها فضيلة الأخ الشيخ / نبيل بن عبدالرحيم الرفاعى


أمام و خطيب مسجد التقوى - شارع التحلية - جدة
حصريــاً لبيتنا و لتجمع المجموعات الإسلامية الشقيقة
و سمح للجميع بنقله إبتغاء للأجر و الثواب





الحمدُ لله على الهدَى و تيسير أسبابِه ، أكرمنا بإرسال رسوله ، و أنعَم علينا بإنزالِ كتابِه ،
أحمده سبحانه و أشكره ، و أتوب إليه و أستغفره ، لا نُحصي ثناءً عليه ،
و أسأله من فضلِه العميم و جزيل ثوابه .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له ،
شهادةً تنجي صاحبَها من عذابِ الله و أليم عقابه ،
و أشهد أنّ سيّدنا و نبيَّنا محمّدًا عبد الله و رسوله ،
جاء بالحنيفيّة السمحة ، فلم يكلّفنا إلا وسعَنا و لم يحمِّلنا ما لا طاقةَ لنا به ،
صلّى الله و سلّم و بارك عليه ، و على الطّاهرين آله ، و الغرِّ الميامين أصحابِه ،
و التّابعين و من تبِعهم بإحسان إلى يومِ الدين .


فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوه رحمكم الله ،
فالتقوى كلمة لاكتها الألسن دون وعى٬ وأرسلتها الأفواه دون تيقظ !
التقوى- حفظكم الله - تعنى الضمير الحي والقلب المشرق بنور الله
٬ والتقي إنسان صلب السلوك تكتنف حياتَه الرغبة والرهبة، والرجاء والخوف
٬ فهو يحب لله ويكره لله٬ يؤيد الحق ويخاصم الباطل.

التقي يفعل ما أمر الله به ويترك ما نهى عنه .
كيف تتم تقوى من غير عبادة ؟
بل كيف يبنى صرح من غير لبنات ؟
إن الدنيا ستنتهي بيوم مفزع، ولكن الأتقياء لا ينالهم هذا الفزع

{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ* هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ }
ق 31 32

أيها المسلمون : حينما يعجز المؤمن من حمل عبء مطلوب٬
فإنه يستعين بالله ويستغيث به، لعله يمده بقوة من عنده يستطيع بها النجاح،
ثم يحاول النهوض مرة أخرى٬ فتتم المحاولة ويبلغ الغاية!..

أحبتي الكرام: هذا هو التوكل المطلوب من كل مؤمن.
إن قوانا الخاصة محدودة مهما بلغت، فإذا أسعفتها أمداد من قدرة الله ومشيئته،
وُفقنا إلى ما نحب! بل إن قوانا الخاصة عاريِّة لا ندعى امتلاكها

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم
مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ }
الأنعام 46

إن التوكل حقيقة علمية، لأن المرء إذا اطمأن جدلا إلى ما معه٬
فما الذى يطمئنه إلى ما حوله ؟
وليتصور كل واحد منا حاله عندما يسير فى الطريق ، فإنه قد يملك خطاه لأنه يملك أقدامه ،
لكنه لا يملك عقل السائق القادم من بعيد.
ولا يدرى أيبقى يقظان أم يغفل وعجلة القيادة فى يده؟

التوكل على الله ثقة فى الغالب على أمره ٬ والذى يستحيل أن يفلت الزمام من يده ٬
و ذاك سر الأدعية والأذكار التى رويت

عن النبى عليه الصلاة والسلام

) اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت (

و عن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:

) من قال إذا خرج من بيته
بسم الله توكلت على الله و لا حول و لا قوة إلا بالله
يقال له هديت و كفيت و وقيت ٬ و تنحى عنه الشيطان (

أيها الأحبة في الله : هل يغنى أحد عن الله فى هذا المجال ؟
هل يمكن اللجوء إلى قوة أخرى ؟

{ قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً
وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً }
الأحزاب17

ويعود هذا التساؤل مرة أخرى فى تفصيل أشمل عندما نتلو

قوله تعالى

{ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ *
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ }
الملك 20 ، 21

إن القلوب إذا عريت عن اليقين والتوكل خشيت من الهباء٬
وإذا عُمرت بالإيمان والصدق لم تبال بشياطين الإنس والجن ٬
وحققت من النتائج ما يثير الدهشة ٬ ومن الأسماء الصحيحة للنبى عليه الصلاة والسلام اسم
( المتوكل )
لأنه طلع على الدنيا وليس لرسالته صديق، وليس حوله إلا عدو ٬
فمازال يجاهد مستندا إلى الله وحده حتى أقام خير أمة أخرجت للناس ٬
أمة ملأت السهل والجبل، والبر والبحر.

وتوكل النبى صلى الله عليه و سلم على الله ظاهر فى أحواله الخاصة والعامة.
فعن جابر بن عبد الله أنه غزا مع النبى قِبَل نجد ٬ فلما قفل رسول الله قفل معهم ٬
فأدركتهم القائلة - أى الظهيرة - فى واد كثير العضاه - أي شجر الشوك -
فنزل رسول الله وتفرق الناس يستظلون بالشجر٬
ونزل رسول صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق بها سيفه.. ونمنا نومة،
فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعونا ٬ وإذا عنده أعرابى !

فقال لنا الرسول صلى الله عليه و سلم:

( إن هذا اخترط علي سيفى - أى استله - و أنا نائم فاستيقظت
و هو فى يده صلتا ٬ فقال: من يمنعك منى ؟
قلت : الله ثلاثا فسقط السيف من يده ، و جلس الأعرابى )

و لم يعاقبه الرسول عليه الصلاة و السلام

لقد كانت إجابة رسول الله صلى الله عليه و سلم من عفو الخاطر ، وعلى طرف اللسان،
دون تكلف ولا إعداد ٬ لأن التوكل طبيعتُه ٬
ماذا تفعل إذا استيقظت من نومك فجأة
فوجدت غادرا يصوب مسدسا إلى رأسك ويده على الزناد ؟

إنه ما يبقى رابط الجأش إلا امرؤ مفعم الفؤاد باليقين .
لقد ترك النبى صلى الله عليه و سلم الأعرابى بعدما منحه عفوه.
لعله يدرك طبيعة النبوة !

معاشر المؤمنين المتوكلين : ويتحقق التوكل على الله ويتأكد،
فى الحالات التى نيأس فيها من كل عون ٬ وينقطع كلُّ حول ٬
عندئذ يقول المرء من أعماق قلبه " حسبنا الله و نعم الوكيل " .

عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال:

[ قالها " إبراهيم – عليه السلام " حين ألقى فى النار
٬ و قالها " محمد – صلى الله عليه و سلم " حين قيل له و للمسلمين

{ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ } ]
آل عمران173

وعندما نصبح ونبدأ أعمالنا، ونخالط الغريب والقريب، والعدو والصديق،
يتجه المؤمن إلى ربه يسأله العصمة والحماية

يقول كما تعلم من رسوله صلى الله عليه و سلم :

( اللهم إنى أعوذ بك أن أضلُ أو أُضَل ٬ أو أزِل أو أُزَل
٬ أو أظلم أو أظلم ٬ أو أجهل أو يجهل على ) .

إن قمة السعادة أن يطمئن الإنسان إلى أنه مع الله ٬ وأن الله معه ٬
وأنه ليس وحيدا عندما ينطلق فى دروب الحياة...

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

{ وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ * ٱلَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ *
وَتَقَلُّبَكَ فِى ٱلسَّـٰجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

[الشعراء:217-220].

بارك الله لي و لكم فى القرآن الكريم و نَفَعني الله و إيَّاكم بالقرآنِ العظيم
و بهديِ محمّد سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم ، و أقول قولي هَذا ،
و أستَغفر الله لي ولَكم و لجميع المسلمين
فأستغفروه أنه هو الغفور الرحيم


الحمد لله لا شريك له في ملكه ، و لا مانع له في أمره ، و لا مقاوم له في عزه ،
هو المتفرد بالأمر كله . سبحانه و بحمده جل ثناؤه ،

{ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ ٱلأمْرُ كُلُّهُ فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
[هود:123].

و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ،
و أشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله
بعثه بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله ،

صلى الله و سلم و بارك عليه وعلى آله وأصحابه
والتابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .


أيها المسلمون : إن تحقيق التوكل لا ينافي السعي والأخذ بالأسباب البتة .
إن السعي في الأسباب بالجوارح طاعة لله، والتوكل على الله بالغيب إيمانٌ بالله.

إن المتوكلين في كتاب الله هم العاملون :

{ نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ * ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }

[العنكبوت:58-59].
و إمام المتوكلين هو نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، سيرته جلية محفوظة ؛
فقد اختفى في الغار عن الكفار ، و ظاهَرَ في بعض غزواته بين درعين ،
وتعاطى الدواء ، و قال :
(( من يحرسنا الليلة )) ،
و أمر بغلق الباب وإطفاء النار عند المبيت ،
وقال لصاحب الناقة
(( أعقلها و توكل )) .

و لقد قال الله سبحانه لنبيه لوط عليه السلام :

{ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مّنَ ٱلَّيْلِ }

[هود:81].

و أوحى إلى نبيه موسى :

{ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِى إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ }

[الشعراء:52].

ونادى أهل الإيمان

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ }

[النساء:71].

فليس التوكل بإهمال العواقب وترك الحذر ،
بل ذلك عند العقلاء والعلماء عجزٌ وتفريطٌ يستحق صاحبه التوبيخ والاستهجان.
ولم يأمر الله بالتوكل إلا بعد التحرز واستفراغ الوسع،

فقال عز شأنه :

{ وَشَاوِرْهُمْ فِى ٱلاْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ }

[آل عمران:159].

إن العبد المؤمن ليجمع بين فعل الأسباب والاعتصام بالتوكل،
فلا يجعل عجزه توكلاً، ولا توكله عجزاً.
إن تعسر عليه شيء فبتقدير الله، وإن تيسر له شيء فبتيسير الله.

ألا فاتقوا الله رحمكم الله ، و أجملوا في الطلب ، و لا تفرطوا في السبب ،
و توكلوا على الله فإن الله يحب المتوكلين .

و أطيعوا الله رحمكم الله و صلّوا على خير البرية و أزكى البشرية
محمّد بن عبد الله صاحب الحوض و الشفاعة ،
فقد أمركم الله بأمرٍ بدأ فيه بنفسه ، و ثنى بملائكته المسبِّحة بقدسِه ،
و أيّه بكم أيها المؤمنون ،
فقال جلَّ من قائل عليما :



{ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا }

[الأحزاب: 56]
اللّهمّ صلِّ و سلِّم وبارِك على عبدِك و رسولك نبيِّنا محمّد الحبيب المُصطفى و النبيّ المُجتبى ،
و على آله الطيبين الطاهرين ، و على أزواجِه أمّهات المؤمنين ،
و ارضَ اللّهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين : أبي بكر و عمر و عثمان و عليٍّ ،
وعن الصحابة أجمعين ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يومِ الدين ،
و عنَّا معهم بعفوِك و جُودك و إحسانك يا أكرم الأكرمين .

و قال عليه الصلاة و السلام فيما أخرجه مسلم في صحيحه :


( مَن صلّى عليّ صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا ) .


فاجز اللّهمّ عنّا نبيّنا محمّدًا صلى الله عليه و سلم خيرَ الجزاء و أوفاه ،
و أكمله و أثناه ، و أتمَّه و أبهاه ، و صلِّ عليه صلاةً تكون له رِضاءً ،
و لحقِّه أداءً ، و لفضلِه كِفاء ، و لعظمته لِقاء ، و تلقى منك سبحانك قبول و رضاء ،
يا خيرَ مسؤول و أكرمَ مأمول يا رب الأرض و السماء .


اللّهمّ إنّا نسألك حبَّك ، و حبَّ رسولك محمّد صلى الله عليه و سلم ،
و حبَّ العملِ الذي يقرّبنا إلى حبّك .


اللهم اجعل حبَّك و حبَّ رسولك صلى الله عليه و سلم أحبَّ إلينا
من أنفسنا و والدينا و الناس أجمعين .


اللّهمّ أعِزَّ الإسلام و المسلمين ، و أذلَّ الشركَ و المشركين ،
و أحمِ حوزةَ الدّين ، و أدِم علينا الأمن و الأمان و أحفظ لنا ولاة أمورنا ،
و رد كيد كل من أراد فتنة فى بلادنا فى نحره أو فى أى من بلاد المسلمين


اللهم أمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،
و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم


اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و وحد كلمتهم

اللهم آمنا فى أوطاننا و أصلح أئمتنا و ولاة أمورنا ،
و أنصر عبادَك المؤمنين فى كل بقاع الأرض و أحفظهم
و أحفظ أخواننا فى برد الشام و فى فلسطين و مينمار و أفغانستان و جميع المسلمين

اللهم و اشف مرضاهم و أرحم موتاهم و أجمع شملهم و داوى جرحاهم
و تقبل شهداءهم و أحفظ دينعم و أموالهم و أعراضهم


اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين
اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين
اللهم أرزقنا الغيت و لا تجعلنا من القانطين


اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب بفضلك و كرمك يا كريم يا تواب

ثم الدعاء بما ترغبون و ترجون من فضل الله العلى العظيم الكريم
أنتهت
و لا تنسونا من صالح دعاءكم .


All times are GMT +3. The time now is 02:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.