درس اليوم 26.12.1436
من:إدارة بيت عطاء الخير درس اليوم [ صفات الله الواردة في الكتاب والسنة - الملل و السَّآمة ] ورد في الحديث الصحيح قولـه صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بما تطيقون، فوالله؛ لا يمل اللهُ حتى تملوا ) . وفي رواية لمسلم: ( فوالله؛ لا يسأم الله حتى تسأموا ). قال أبو إسحاق الحربي: (قولـه: ((لا يَمَلُّ الله حتى تملوا)): أخبرنا سلمة عن الفراء؛ يقال: مللت أمَلُّ: ضجرت، وقال أبو زيد: ملَّ يَمَلُّ ملالة، وأمللته إملالاً، فكأنَّ المعنى لا يملُّ من ثواب أعمالكم حتى تملُّوا من العمل) . قلت: وهذا ليس تأويلاً، بل تفسير الحديث على ظاهره؛ لأنَّ الذين أوَّلُوه كالنووي في (رياض الصالحين) (باب الاقتصاد في العبادة)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) (فصل ما جاء في المِلال)؛ قالوا: معنى لا يَمَلُّ الله؛ أي: لا يقطع ثوابه، أو أنه كناية عن تناهي حقِّ الله عليكم في الطاعة. وقال أبو يعلى الفراء: (اعلم أنه غير ممتنع إطلاق وصفه تعالى بالملل ... فإن قيل: معنى الملل ها هنا الغضب، فيكون معناه لا يغضب عليهم ولا يقطع عنهم ثوابه حتى يتركوا العمل، قيل: هذا غلط، لأن الملل قد يحصل من العبد، فيما لا يقتضي الغضب عليه، وهو ترك النوافل، والخبر على هذا الوجه خرج، ولأنه إن جاز تأويل الملل على الغضب، جاز تأويل الغضب على الملل إذ ليس أحدهما بالتأويل أولى من الآخر، وكلاهما مما قد ورد الشرع بإطلاقه عليه). وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: ( ((فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملُّوا)): من نصوص الصفات، وهذا على وجه يليق بالباري، لا نقص فيه؛ كنصوص الاستهزاء والخداع فيما يتبادر) وفي جواب للجنة الدائمة عن هذا الحديث: (الواجب هو إمرار هذا الحديث كما جاء، مع الإيمان بالصفة، وأنها حق على الوجه الذي يليق بالله، من غير مشابهة لخلقه ولا تكييف، كالمكر والخداع والكيد الواردة في كتاب الله عزَّ وجلَّ، وكلها صفات حق تليق بالله سبحانه وتعالى على حد قوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم). وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز: (قوله في الحث على الأعمال الصالحة: ((فإن الله جل وعلا لا يمل حتى تملوا))، مللٌ يليق بالله لا يشابه صفات المخلوقين في مللهم، فالمخلوقون لديهم نقص وضعف، وأما صفات الله فهي كاملة تليق به سبحانه لا يشابه خلقه، وليس فيها نقص ولا عيب، بل هي صفات تليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه فيها خلقه جل وعلا) . وسئل الشيخ ابن عثيمين: (هل نستطيع أن نثبت صفة الملل والهرولة لله تعالى؟ فأجاب: جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قولـه: ( فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تملوا ). فمن العلماء من قال: إنَّ هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن ملل الله ليس كملل المخلوق؛ إذ إنَّ ملل المخلوق نقص؛ لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء، أما ملل الله؛ فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالاً. ومن العلماء من يقول: إنَّ قولـه: ( لا يَمَلُّ حتى تملوا ) يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل؛ فإنَّ الله يجازيك عليه؛ فاعمل ما بدا لك؛ فإنَّ الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل، وعلى هذا، فيكون المراد بالملل لازم الملل. ومنهم من قال: إنَّ هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقاً؛ لأنَّ قول القائل: لا أقوم حتى تقوم؛ لا يستلزم قيام الثاني، وهذا أيضاً: ( لا يَمَلُّ حتى تملوا ) لا يستلزم ثبوت الملل لله عزَّ وجلَّ. وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أنَّ الله تعالى مُنَزَّه عن كل صفة نقص من الملل وغيره، وإذا ثبت أنَّ هذا الحديث دليل على الملل؛ فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق) أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين |
All times are GMT +3. The time now is 02:01 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.