بيت عطاء الخير الاسلامي

بيت عطاء الخير الاسلامي (http://www.ataaalkhayer.com/index.php)
-   رسائل اليوم (http://www.ataaalkhayer.com/forumdisplay.php?f=27)
-   -   درس اليوم 4856 (http://www.ataaalkhayer.com/showthread.php?t=69519)

حور العين 06-15-2020 02:16 PM

درس اليوم 4856
 
من:إدارة بيت عطاء الخير

http://www.ataaalkhayer.com/up/download.php?img=9641

درس اليوم
معنى اسم الجواد من أسماء الله الحسنى

الأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الجَوَادَ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ:

الجَوَادُ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى الَّتِي وَرَدَتْ فِي السُّنَّةِ، فَقَدْ سَمَّاهُ بِهِ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم عَلَى سَبِيلِ الإِطْلَاقِ، مُنَوَّنًا مُرَادًا بِهِ العَلَمِيَّةَ، وَدَالًّا عَلَى
الوَصْفِيَّةِ وَكَمَالِهَا، وَقَدْ وَرَدَ المَعْنَى مَحْمُولًا عَلَيْهِ مُسْنَدًا إِلَيْهِ، كَمَا ثَبَتَ مِنْ
حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَكَذَلِكَ مِنْ حِدِيثِ سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ
رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ اللهَ عز وجل جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، وَيُحِبُّ مَعَالِيَ الأَخْلاَقِ،
وَيُبْغِضُ سَفْسَافَهَا"،

وَهَذَا الحَدِيثُ صَحِيحٌ بِمَجْمُوعِ طُرُقِهِ؛ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ وَغَيْرُهُ،
وَهُوَ المُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي إِثْبَاتِ الاِسْمِ.

وَعِنْدَ التّرْمِذِيِّ فِي سُنُنِهِ وَحَسَّنَهُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ
رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"يَقُولُ اللهُ تَعَالَى يَا عِبَادِي... لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ
وَيَابسَكُمُ، اجْتَمَعُوا فِي صَعيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ مَا بَلَغَتْ أُمْنِيَّتُهُ،
فَأَعْطَيْتُ كُلَّ سَائِلٍ منْكُمْ مَا سَأَلَ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي إِلَّا كَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ
مَرَّ بِالْبَحْرِ فَغَمَسَ فِيهِ إِبْرَةً ثُمَّ رَفَعَهَا إِلَيْهِ، ذَلِكَ بِأَنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ، أَفْعَلُ مَا أُرِيدُ،
عَطَائِي كَلَامٌ وَعَذَابِي كَلَامٌ، إِنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ
كُنْ فَيَكُونُ".

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

"إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ،
جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ؛ فَنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ".

وَهَذَا الحَدِيثُ، وَالذِي قَبْلَهُ لَيْسَ أَصْلًا فِي إِثْبَاتِ اسمِ اللهِ الجَوَادِ؛ لأَِنَّهُ عَلَى
أَجْوَدِ الأَحْكَامِ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَالحَسَنُ هُوَ مَا اتَّصَلَ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الصَّدُوقِ الذِي
خَفَّ ضَبْطُهُ؛ وَلِذَلِكَ لَمْ نَعْتَدَّ بِهِ فِي حَصْرِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى، وَإِنَّمَا فِي دِلَالَةِ
الاسْمِ عَلَى الصِّفَةِ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى النَّظِيفُ،
وَلَا المَاجِدُ، وَإِنَّمَا الثَّابِتُ الصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَاتِ الأُخْرَى الجَمِيلُ
وَالجَوَادُ وَالطَّيِّبُ.

الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ وَالإِيمَانِيَّةُ:
الجَوَادُ فِي اللُّغَةِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ لِلْمَوْصُوفِ بِالجُوُدِ، فِعْلُهُ جَادَ يَجُودُ جَوْدَةً،
وَالجَيِّدُ نَقِيضُ الرَّدِيءِ، وَقَدْ جَادَ جَوْدَةً وَأَجَادَ يَعْنِي: أَتِى بِالجَيِّدِ مِنَ القَوْلِ أَوِ
الفِعْلِ، وَالجُودُ هُوَ الكَرَمُ، وَرَجُلٌ جَوَادٌ يَعْنِي سَخِيٌّ كَثِيرُ العَطَاءِ، وَالجُودُ مِنَ
المَطَرِ هُوَ الذِي لاَ مَطَرَ فَوْقَهُ فِي الكَثْرَةِ، وَفُلَانٌ يَجُودُ بِنَفْسِهِ أَيْ: يُخْرِجُهَا
وَيَدْفَعُهَا كَمَا يَدْفَعُ الإِنْسَانُ مَالَهُ وَيَجُودُ بِهِ، وَعِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ
ابْنِ زَيدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
إِذْ جَاءَهُ رَسُولُ إِحْدَى بَنَاتِهِ... أَنَّ ابْنَهَا يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا:

((للهِ مَا أَخَذَ، وَللهِ مَا أَعْطَى، كُلٌّ بِأَجَلٍ، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ))

وَالذِي يَجُودُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ المَوْتِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي إِخْرَاجِ الرُّوحِ أَوْ إِبْقَائِهَا، وَإِنَّمَا
ذَلِكَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ الذِي يَأْمُرُ مَلاَئِكَتَهُ بِاسْتِخْرَاجِهَا، وَلَكِنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ
تَكْرِيمًا لَهُ إِذْ لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِ المَوْتِ، أَوْ لِرِضَاهُ بِقَدَرِ اللهِ وَاسْتِعْدَادِهِ لِلِقَائِهِ
وَرَغْبَتِهِ فِي أَنْ يَلْقَى اللهَ مُؤْمَنًا، كَمَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَين
ٍ رضي الله عنه فِي المَرْأَةِ الجُهَنِيَّةِ التِي رُجِمَتْ بِحَدِّ الزِّنَا قَالَ
صلى الله عليه وسلم:
"وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا للهِ تَعَالَى".

فَالجُودُ سُهُولَةُ البَذْلِ وَالإِنْفَاقِ، وَتَجَنُّبُ مَا لاَ يُحْمَدُ مِنَ الأَخْلاَقِ،
وَيَكُونُ بِالعِبَادَةِ وَالصَّلاَحِ، وَبِالسَّخَاءِ وَالسَّمَاحِ.

وَالجَوَادُ أَيْضًا جَمْعُ جَادَّةٍ وَالجَادَّةُ الطَّرِيقُ المُمَهَّدُ، أَوْ سَوَاءُ الطَّرِيقِ وَوَسَطُهُ،
أَوِ الطَّرِيقُ الأَعْظَمُ التِي تَجْتَمِعُ الطُّرُقُ عَلَيْهِ كَمَا وَرَدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلاَمٍ رضي الله عنه؛ أَنَّهُ قَالَ: "بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ
لِي: قُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ قَالَ فَإِذَا أَنَا بَجَوَادَّ عَنْ شِمَالِي، قَالَ: فَأَخَذْتُ
لآخُذَ فِيهَا فَقَالَ لِي: لاَ تَأْخُذْ فِيهَا فَإِنَّهَا طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ، قَالَ: فَإِذَا جَوَادُّ
مَنْهَجٌ عَلَى يَمِينِي فَقَالَ لِي: خُذْ هَاهُنَا، فَأَتَيْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم
فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: "أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَسَارِكَ فَهِي طُرُقُ
أَصْحَابِ الشِّمَالِ، وَأَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي رَأَيْتَ عَنْ يَمِينِكَ فَهِي طُرُقُ
أَصْحَابِ الْيَمِينِ".

وَالجَوَادُ سُبْحَانَهُ هُوَ الكَامِلُ فِي ذَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، الذِي يُنْفِقُ عَلَى خَلْقِهِ
بِكَثْرَةِ جُودِهِ وَكَرَمِهِ، وَفَضْلِهِ وَمَدَدِهِ، فَلاَ تَنْفَدُ خَزَائِنُهُ، وَلاَ يَنْقَطِعُ سَخَاؤُهُ،
وَلاَ يَمْتَنِعُ عَطَاؤُهُ، رَوَى البُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَدُ اللهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَة سَحَّاء
الليْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا
فِي يَدهِ"، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ عَلِيمٌ بِمَوْضِعِ جُوُدِهِ فِي خَلْقِهِ،
فَلاَ يُعْطِي إِلَّا بِمُقْتَضَى عَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَمَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةَ الشَّيءِ وَغَايَتهُ،
وَلِذَلِكَ جَاءَ عَقِبَ ذِكْرِ جُودِهِ وَنَفَقَتِهِ: "عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ،
وَبِيَدِهِ الأخْرَى المِيزَان يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ".

وَهُوَ الذِي يَهْدِي عِبَادَهُ أَجْمَعِينَ إِلَى جَادَّةِ الحَقِّ المُبِينِ، هَدَاهُمْ سُبُلَ الشَّرَائِعِ
وَالأَحْكَامِ، وَتَمْييزَ الحَلَالِ مِنَ الحَرَامِ، وَبَيَّنَ لَهُم أَسْبَابَ صَلَاحِهِم فِي الدُّنْيَا
والآخِرَةِ، وَدَعَاهُم إِلَى عَدَمِ إِيثَارِ الدُّنْيَا عَلَى الآَخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى:

{ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
[يونس: 25]،
وَقَالَ سُبْحَانَهُ:

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا
إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }
[هود: 56].

وَيَذْكُرُ ابْنُ القَيِّمِ أَنَّ الجَوَادَ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي لَهُ الجُودُ كُلُّهُ، وَجُودُ جَمِيعِ
الخَلَائِقِ فِي جَنْبِ جُودِهِ أَقَلُّ مِنْ ذَرَّةٍ فِي جَبَالِ الدُّنْيَا وَرمَالِهَا، فَمِنْ رَحْمَتِهِ
سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ أَنَّهُ ابْتَلَاهُمْ بِالأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي رَحْمَةً وَحِمْيَةً، لَا حَاجَةً مِنْهُ
إِلَيْهِم بِمَا أَمَرَهُم بِهِ فَهُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ، وَلَا بُخْلًا مِنْهُ عَلَيهِم بِمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ
فَهُوَ الجَوَادُ الكَرِيمُ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ أَنْ نَغَّصَ عَلَيهِم الدُّنْيَا وَكَدَّرَهَا لِئَلَا يَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَلَا يَطْمَئِنُّوا إِلَيْهَا، وَيَرْغَبُوا فِي النَّعِيمِ المُقِيمِ فِي دَارِهِ وَجِوَارِهِ، فَسَاقَهُم
إِلَى ذَلِكَ بِسِيَاطِ الابْتِلاَءِ وَالامْتِحَانِ، فَمَنَعَهُم لِيُعْطِيَهُم وابْتَلَاهُمْ لِيُعُافِيَهُم،
وَأَمَاتَهُم لِيُحْيِيَهُم، وَمِنْ رَحْمَتِهِ بِهِم أَنْ حَذَّرَهُمْ نَفْسَهُ لِئَلَّا يَغْتَرُّوُا بِهِ فَيُعَامِلُوهُ
بِمَا لَا تَحْسُنُ مُعَامَلَتُهُ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

{ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ }
[آل عمران: 30]،
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: مِنْ رَأفَتِهِ بِالعِبَادِ حَذَّرَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ لِئَلَّا يَغْتَرُّوا بِهِ.


أسأل الله لي و لكم الثبات اللهم صلِّ و سلم و زِد و بارك
على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين




All times are GMT +3. The time now is 05:45 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.