ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس - حفظه الله –
والتي تحدَّث فيها عن الإسلام وعلوِّ شأنِه، وأن الواجبَ على الأمة أفرادًا وجماعات
أن تسعَى بكل الوسائل المُباحة للذبِّ الدين ونشرِه صحيحًا وعدم تشويهِه،
وبيَّن أن الخوفَ من الإسلام والتخويفَ منه كثيرًا ما يكونُ من بعض المُسلمين
بمُعاملاتهم وتصرُّفاتهم، وحثَّ على وجوبِ العمل للإسلام، والسعيِ لنشرِه.
إن الحمد لله نحمده ونستعينُه ونستغفرُه، ونشكرُه - سبحانه - سرًّا وجهارًا،
أسبغَ على عباده نعمًا غِزارًا، أجلُّها الإسلامُ عظُم جلالاً وتلألأَ أنوارًا،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تُعلِي للشِّرعة الغرَّاء منارًا،
وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا المُصطفى من أرُومَة الطُّهر مُختارًا،
صلَّى الله عليه وعلى آله الطاهرين الطيبين، السَّامِين تبجيلاً وإكبارًا،
وصحبِه الأُلَى بذَلوا للدين مُهَجًا وأعمارًا،
والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ يرجُو من المولَى مُبوَّءًا في الجِنان وقَرارًا،
وسلَّم تسليمًا كثيرًا زاكِيًا مِدرارًا.
اتقوا الله - تبارك وتعالى -؛ ففي التقوى العزُّ والسَّنا، وبها يتحقَّقُ المجدُ والغِنى،
ويندفعُ الوهَنُ والعَنَا، وينجلِي الكربُ والوَنَا
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }
مـن يـتَّـقِ اللهَ العظـيـمَ بفعـلِـه ويُخالِفُ النفسَ التـي لا تقنـعُ
ذاكَ الـذي غنِـمَ الدُّنَـا بمـفـازةٍ وتراهُ في الفِردوس قدرًا يُرفَعُ
في عصرٍ احتدَمَت فيه التنازُعات، وكشفَت دون مُوارَبَةٍ عن قسَمَاتها الأضاليلُ والشُّبُهات،
وفي عالمٍ اعتسَفَت طرائقَ الحقِّ الصُّراح فيه أقوالٌ خاطِئات،
وتصوُّراتٌ عن الصوابِ جانِحات، مما أسفرَ عن قضيَّةٍ تطايَرَ في الخافِقَيْن شرَرُها،
واستشرَى في العالمين ضرَرُا، فصدَّت عن أهنَى معينٍ كثيرًا من الناس،
حتى غدَوا جرَّاءَها في تردُّدٍ والتِباس.
ألا وهي: قضيةُ التوجُّس من الإسلام وأنواره، والخوف من فَلَجه وانتِشاره،
ووصمِه بنقيضِ حقائقه، وتكدير صفوِ زُلالِه ورائِقِه،
أو ما يُعرَفُ في عالَم الغرب اليوم بـ
ولكن أنَّى وهيهات ؟! فالإسلامُ دينُ فاطر الأرض والسماوات.
الإسلامُ الذي آتَى الروحَ معراجَها، وهدَى البريَّة أدراجَها،
وأحلَّها من الحضارات والعلوم شُمَّ أبراجها،
وكان لها في آفاق المجد والخُلد ضياءَ سِراجِها
{ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ }
والمقصِدُ المُستكِنُّ في ذلك الخوف المُروَّج، والأباطيل المُنتحَلَة
إنما هو لخدش الإسلام والتشكيك في عدله ورحمته، وسماحته ورأفته،
والحيلولة دون سُطوع كوكبه الساري، ونهرِه المُبارَك الجارِي،
الذي يحملُ للبشرية صلاحَها وفلاحَها، ورُشدَها ونجاحَها.
الإسلام ولا غير، الإسلام الذي يحسِمُ شِرَّة الخُطوب والكُروب،
وينتشِلُ الإنسانيَّة من أوهاقِ البغضاء والشَّحناء إلى مراسِي التوافُق والصفاء،
{ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }
ألا فليعلم العالَمُ أجمع أن الإسلام هو النِّبراسُ لأعظم المصالح والمقاصِد،
والتحكيمُ الإلهي لكل مُلتمِسٍ للحقِّ وقاصِد، ليس لحاجةٍ ذرائعيَّةٍ عالميَّةٍ أو دوليَّةٍ،
ولكن عقيدةٌ إيمانيَّةٌ، وحقيقةٌ كونيَّةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ؛ لأنه دينُ رب البريَّة،
{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }
هو البلسمُ الشافِي لكل عويصةٍ أعيَـت مخاطِرُهـا عقـولَ أُباتِهـا
الله قد فطَرَ النفوسَ على الهُدى وأنــارَ بـالإسـلام دربَ هُداتِـهـا