وفي "صحيح مسلم" أن النبي - صلى الله عليه وسلم –
فسذَر القوَّةَ بالرَّمي. وفي أحاديث كثيرة حثَّ النبي - صلى الله عليه وسلم –
على تعلُّم الرَّمي، إشارةً إلى وجوب إعداد العدَّة.
فيا عُلماء الإسلام، يا دُعاة الدين، يا حُكَّام الإسلام !
لتكُن الجُهود مُنصبَّةً على الدعوة أولاً إلى الاعتِصام بالوحي المُطهَّر،
والشرع المُنزَّل، والعناية التامَّة بالتوحيد والسنَّة. ليكُن ذلك أصلَنا وشِعارَنا،
وعليه مدارُ مسالكِنا وأعمالِنا.
إن أعظمَ أسباب هزيمة الأمة ووُقوع الذلِّ بها: هو البُعدُ عن شرع الله،
التهاوُن في الالتزِام بأوامر الله، أليس من المُخزِي أنك تجِدُ بُلدانًا كثيرةً
من عهودٍ مُتطاوِلةٍ وهم يحكُمون بغير القُرآن، وبغير سُنَّة النبي الكريم؟!
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }
أليس هو خالِقُنا ويعلمُ مصالِحَنا وأسبابَ ضعفِنا ؟ فهو القائِلُ:
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ }
{ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }
إن فُشُوَّ المُنكرات في مُجتمعاتِ المسلمين، وكثرةَ القبائِح والمُوبِقات
أمرٌ لا يُنكِرُه إلا مُكابِر، وذلك نذيرُ شُؤمٍ عليهم جميعًا، ربُّنا - جل وعلا - يقول:
{ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ
لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:
( إن الناسَ إذا رأَوا المُنكرَ فلم يُغيِّرُوه أوشكَ الله أن يعمَّهم بعِقابِه )
وفي الحديث الآخر في حديث أم سلمة:
( أنهلَك وفينا الصالِحون؟
قال: نعم، إذا كثُر الخبَث )
وهل نحن إلا أمةٌ نقتدِي برسُولنا - صلى الله عليه وسلم -؟
إذا كان الله - جل وعلا - يقول للصحابة وهم في غزوة أُحُد،
ويُذكِّرُهم بما أصابَهم، وهم من رضِيَ الله عنهم، وهم من لا يُدانِيهم في الفضلِ أحدٌ
بعد الأنبياء، يقول الله - جل وعلا - عنهم فيما أصابَهم في معركة أُحُد بعد النصر،
مُبيِّنًا أن ذلك بسبب مُخالفَة الرُّماة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فكيف بنا اليوم وقد عمَّ الشرُّ، وكثُرَت المُخالَفات؛
بل وحكَّمَت غالبُ دول الإسلام قانونًا وضعيًّا وتركَت الشرعَ المُطهَّر،
فحينئذٍ لا غرْوَ أن يُصيبَنا الذلَّ والهوانَ بمقدارَ ما خالَفنا أوامرَ الله.
اقرءوا هذه الآية، وتمعَّنوا فيها وتدبَّروا تجِدون أن مِصداقَها في واقِعنا:
{ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ
فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ }
ونبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - يقول في الآثار السيِّئة لمن خالفَ أمرَ الإسلام،
وركنَ إلى هذه الدنيا، وقدَّم حُبَّها على حُبِّ الآخرة:
( إذا تبايَعتُم بالعِينة، وأخذتُم أذنابَ البقر، ورضِيتُم بالزَّرع،
وتركتُم الجهادَ سلَّط الله عليكم ذُلاًّ لا ينزِعُه حتى ترجِعوا إلى دينِكم )
رواه أبو داود، وصحَّحه أهل العلم.
فاتقوا الله - أيها المسلمون
عودوا إلى دينِكم، تمسَّكوا بإسلامِكم، أقيموا شريعةَ ربِّكم؛
تحصُلُ لكم العزَّةُ والتمكينُ والفلاحُ والنصرُ.
أقول هذا القول، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كل ذنبٍ،
فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.