وهو من أسمى وأهم ما يعرف اليوم بمبدأ التعايش السلمي
{لَا إِكْرَاهَفِيالدِّينِ}
11- مبدأ التكافل الاجتماعى
فقد جعل الله الزكاة فيها حق الفقير في مال الغني
و ليست تفضلاً من الأغنياء على الفقراء.
و هذه المبادئ تدل على متانة بناء التشريع الإسلامي وقوة أركانه
وصلاحيته للأحكام في كل زمان ومكان بين جميع الأجناس،
ويدل على ذلك أن الأمة الإسلامية ازدهرت وقويت شوكتها
حينما كانت تخضع في جميع شؤنها للشرع الإسلامي ،
حينما انصرفوا عن شريعته وجمد الفقهاء وركنوا إلى التقليد
وحاولوا أن يخضعوا التشريع لأهوائهم وشهواتهم
وأدى ذلك على الاستعانة بالقوانين الوضعية
على اعتبار أن الفقه الإسلامي لم يعد يتفق مع التطورات العالمية
و ما تقضيه المدنية الحديثة من مجاراة الدول القوية الغنية .
و قد جاء التشريع الإسلامي بحلول جذرية
لكثير من الجرائم التي كانت منتشرة
وأوجد لها الحدود التي تكفل القضاء عليها
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً
وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ
إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ
وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }
{ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ
أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ
فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ
ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }
و قال صلى الله عليه و سلم :
( كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه )
تعتبر الشريعة الإسلامية التعدي النفس من أخطر الجرائم،
لأن الإسلام أعلى من شأن الإنسان
{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ }
و على قدر ما أعلى الإسلام من قدر الإنسان
فإنه قد أشتد في العقوبة على من يعتدي على حياة غيره بغير حق،
بل إن لإسلام اعتبر قتل النفس الواحدة بمثابة قتل الناس جميعا،
بمثابة إحياء النفس الواحدة بمثابة إحياء الناس جميعاً،
و قد جعل الله عقاب القاتل كعقاب الكافر.
و بهذا الحكم العادل جعل الشرع القصاص علاجاً يمنع العدوان،
إذ لم يجعل الإسلام لدم أحد من الناس فضلاً على دم آخر،
بل إن الإسلام ليقتص من الحاكم نفسه
إذا اعتدى على أحد من رعيته بالقتل العمد،
لأن الإسلام نظر إلى القاتل
على اعتبار أنه بفعلته الشنعاء ق سلب القتيل حياته وترتب على ذلك
أنه يتم أطفاله وأيم زوجته وحرم المجتمع من يد عاملة في خدمته
كما أنه تحدى بذلك شعور مجتمعه و خرج على نظامه و قوانينه.
و يقص علينا القرآن قصة أول جريمة قتل في تاريخ البشرية
تلك هي الجريمة التي قتل فيها قابيل ابن آدم عليه السلام
وذلك لأن آدم قد أمر والديه أن يتزوج كل منهما توأم أخيه
وألا يتزوج الأخت التي ولدت معه ،
و كانت توأم قابيل أجمل من توأم هابيل فأباها على أخيه
وأصر على أن يمسكها لنفسه ،
على حين أطاع هابيل أمر أبيه الذي هو وحي سماوي ،
ثم أنهما اتفقا على أن يحتكما إلى الله بأن يقدم كل منهما قرباناً لله
فتقبل الله من هابيل و لم يتقبل من قابيل الذي ثار ولم يرض حكم الله
وأصر على موقفه من العناد وسولت له نفسه قتل أخيه فقتله .
وكل ما جرى من هذا النزاع بين الأخوة ما هو إلا شرارة من شرارات الحسد
اندلعت في صدر قابيل وشب ضرامها فكانت فتنة عارمة وجريمة قتل شنعاء
، وقد أحزن هذا الاعتداء قلب آدم فقضى أيامه الأخيرة في أيامه الأخيرة
في ألم وصبر إلى أن عوضه الله عن هابيل بابنه شيث الذي كان قرة عين له
وأعده ليكون خليقة له في النبوة ،
فما كبر واشتد عوده أمره أبوه أن يأخذ الثأر لهابيل بقتل قابيل
الذي فر هارباً وعاش طريداً شريداً يتعقبه أخوه شيث
إلى أن لقي مصرعه وحق عليه قول الله :
{وَمَنقُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}
و من عدالة الإسلام في تشريعه أن جعل عقوبة القاتل أن يقتل
لأن ذلك من الجزاء العادل الذي يستحقه بغير إبطال ولا هوادة
وحتى هؤلاء الذين يقتلون أنفسهم انتحاراً لهم عذاب شديد يوم القيامة
لأنهم قنطوا من رحمة الله و لا يقنط من رحمة الله إلا الكافرون .
و لا شك أن رحمة الله عظيمة بفرضه القصاص
الذي جعل فيه حياة الناس وأمنهم ومنع العدوان بينهم ،
لأن من يهم بالقتل والفتك بغيره وهو يعلم أن في ذلك هلاكه سيتردد
ولا يقدم على تنفيذ جريمته
فيبقى ذلك الخوف على حياة من يهم بقتله وهلاك نفسه ،
وإن من يتدبر قوله تعالى :
{ وَلَكُمْفِيالْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ }
ليجد فيها كل الإعجاز البياني والتشريعي من حيث روعة الأسلوب
وروعة المعنى وهما يؤكدان معجزة القرآن الكريم
{ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً
أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ
ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
و قال صلى الله عليه و سلم:
( كل المسلم حرام دمه و ماله و عرضه)
والحرابة جريمة يعاقب عليها الشرع في إحدى الحالتين الآيتين :
(أ) - الاستيلاء على مال الغير مغالبة و في خفاء عن المجتمع .
(ب) - قطع الطريق على الناس ومنع المرور فيه
بقصد السلب والنهب الإخافة والإرهاب .