عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-25-2013, 08:13 PM
بنت الاسلام بنت الاسلام غير متواجد حالياً
Moderator
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 3,019
افتراضي

وفي رواية
( بعقاب) (23) بدلاً من لفظة ( بعذاب )
قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى الله:
"«ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي» أي:
وهم ممن لم يعمل بها بل عمل بها غيرهم
«هم أعز» أي:
أمنع
«وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم الله منه بعقاب»
لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر
غالبا فتركهم له رضا بالمحرمات وعمومها وإذا كثر الخبث عم العقاب
الصالح والطالح"(24).
وعن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأهل الأرض بأسه
قالت: وفيهم أهل طاعة الله عز وجل؟
قال: نعم ثم يصيرون إلى رحمة الله تعالى )(25).
وفي رواية عن أم سلمة رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول:
( إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب، قلت: يا رسول الله،
أما في الناس يومئذ ناس صالحون، قال: بلى، قلت: فكيف يصنع أولئك؟،
قال: يصيبهم ما أصاب الناس،
ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان ) (26).
وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها:
أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول:
( لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم
يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها
قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟
قال: نعم إذا كثر الخبث )(27).
وعن قيس بن أبي حازم قال قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال
يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ{
[المائدة: 105]
وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه) (28).
وفي رواية أخرى
( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك
أن يعمهم الله بعقاب منه )(29).
قال صاحب مصابيح التنوير في شرح هذا الحديث:
"«إن الناس» المطيقين لإزالة الظلم مع سلامة العافية «إذا رأوا الظالم»
أي: علموا بظلمه «فلم يأخذوا على يديه» أي: لم يمنعوه من الظلم بفعل أو قول.
قال ابن جرير:
وخص الأيدي لأن أكثر الظلم بها كقتل وجرح وغصب «أوشك» بفتح الهمزة
والشين أي: قارب أو أسرع «أن يعمهم اللّه بعقاب منه» إما في الدنيا
أو الأخرى أو فيهما لتضييع فرض اللّه بغير عذر وزاد قوله «منه» زيادة
في التهويل والزجر والتحذير وقد أفاد بالخبر أن من الذنوب ما يعجل اللّه
عقوبته في الدنيا ومنه ما يمهله إلى الآخرة والسكوت على المنكر يتعجل
عقوبته في الدنيا بنقص الأموال والأنفس والثمرات وركوب الذل
من المظلمة للخلق وقد تبين بهذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فرض كفاية لا عين، إذ القصد إيجاد مصلحة أو دفع مفسدة لا تكليف
فرد فرد فإذا أطبقوا على تركه استحقوا عموم العقاب لهم وقد يعرض
ما يصيره فرض عين"(30).
ثم قال في معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
«عليكم أنفسكم»: "فمعناه إذا فعلتم ما كلفتم به لا يضركم تقصير غيركم
وفيه تحذير عظيم لمن سكت عن النهي فكيف بمن داهن؟ فكيف
بمن رضي فكيف بمن أعان؟! نسأل اللّه السلامة"(31).
وهذا يبين سنة من سنن الله تعالى في الأمم والمجتمعات فإن الأمة
التي يقع فيها الظلم والفساد فينهض من يدفع عنها وينكر المنكر هي أمة
ناجية لا يأخذها الله بالعذاب والتدمير، أما الأمة التي يظلم فيها المستبدون
ويفسد فيها المفسدون فلا يكون فيها من ينكر المنكر ويجابه الفساد أمة
مهددة بالدمار والعقاب العام فالأخذ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
صمام أمان وسبب نجاة للجميع.(32)
والعقاب الإلهي له مظاهر وألوان مختلفة، فقد يكون بنزع البركات والخيرات
وقد يكون بنزول الآفات السماوية، أو إذاقة البعض بأس البعض الآخر
أو الزلازل والبراكين، أو بالخسف والمسخ، وما يعلم جنود ربك إلا هو
نسأل الله أن يجنبنا سخطه وعقابه.

سابعاً: عدم استجابة الدعاء:
ومن عواقب ترك هذه الفريضة عدم استجابة الدعاء
فعن حذيفة بن اليمان
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله
أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم)(33).
قال المباركفوري:
"والمعنى: والله إن أحد الأمرين واقع إما الأمر والنهي منكم وإما إنزال
العذاب من ربكم ثم عدم استجابة الدعاء له في دفعه عنكم بحيث
لا يجتمعان ولا يرتفعان فإن كان الأمر والنهي لم يكن عذاب
وإن لم يكونا كان عذاب عظيم"(34).
وعن عائشة قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا
فلا يستجاب لكم )(35).
قال المناوي رحمه الله:
"«مروا بالمعروف» أي بكل ما عرف من الطاعة من الدعاء إلى التوحيد
والأمر بالعبادة والعدل بين الناس «وانهوا عن المنكر» أي المعاصي
والفواحش وما خالف الشرع من جزيئات الأحكام، وعَرَّفَهُما إشارة
إلى تقررهما وثبوتهما" (36).
ومما يدل على ذلك أيضاً حديث
عائشة رضي الله عنها قالت:
( دخل عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم، فعرفت في وجهه أن قد حضره
شيء، فتوضأ، وما كلم أحدا، ثم خرج، فلصقت بالحجرة أسمع ما يقول
فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: يا أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى يقول لكم: مروا بالمعروف،
وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوني، فلا أجيبكم، وتسألوني فلا أعطيكم،
وتستنصروني فلا أنصركم،
فما زاد عليهن حتى نزل)(37)
قال الإمام المناوي رحمه الله:
"وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
من الكبائر قال ابن العربي: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل
في الدين وعمدة من عمد المسلمين وخلافة رب العالمين والمقصود
الأكبر من فائدة بعث النبيين وهو فرض على جميع الناس مثنى
وفرادى بشرط القدرة والأمن"(38).

رد مع اقتباس