إن صِلةَ الرَّحِم حقٌّ طوَّقَه الله الأعناق، وواجبٌ أثقلَ الله به الكواهِل،
وأشغلَ به الهِمَم. والأرحامُ هم القراباتُ من النَّسَب، والقراباتُ من المُصاهَرة.
وقد أكَّد الله على صِلَة الأرحام وأمرَ بها في مواضِع كثيرة من كتابه، فقال تعالى:
{ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا }
وجعل الرَّحِمَ بعد التقوى من الله تعالى، فقال - عز وجل -:
{ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
ولعِظَم صِلَة الرَّحِم، ولكونِها من أُسُس الأخلاقِ وركائِز الفضائِل وأبواب الخيرات
فرضَها الله في كل دينٍ أنزلَه، فقال تعالى:
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ }
وفي حديثِ عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم –
قال أوَّلَ مقامٍ بالمدينة:
( أيها الناس ! أفشُوا السلامَ، وأطعِموا الطعام، وصِلُوا الأرحام،
وصلُّوا بالليل والناسُ نِيام؛ تدخُلُوا الجنةَ بسلامٍ )
وثوابُ صِلَة الرَّحِم مُعجَّلةٌ في الدنيا مع ما يدَّخِرُ الله لصاحبِها في الآخرة؛
عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال :
سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يقول :
( من سرَّه أن يُبسَطَ له في رِزقِه، وأن يُنسَأَ له في أثَره فليصِلْ رَحِمَه )
( تعلَّموا من أنسابِكم ما تصِلُون به أرحامَكم؛ فإن صِلَة الرَّحِم محبَّةٌ في الأهل،
مثْرَاةٌ في المال، منسَأةٌ في الأثَر )
وعن عليٍّ - رضي الله عنه :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
( من سرَّه أن يُمدَّ له في عُمرِه، ويُوسَّع له في رِزقِه،
ويُدفَع عنه ميتةُ السوء، فليتَّقِ اللهَ وليصِلْ رَحِمَه )
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال :
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( إن اللهَ ليُعمِّر بالقوم الديارَ، ويُثمِّرُ لهم الأموال،
وما نظرَ إليهم منذ خلقَهم بُغضًا لهم
قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟
رواه الحاكم والطبراني. قال المُنذريُّ: "بإسنادٍ حسنٍ".