نتأمل فيما يلي عبارة من سورة المائدة :
ونرى الدقة المذهلة في تكرارها ، وبشكل لا يمكن أن يكون بالمصادفة .
في كل آية هناك معجزة ينبغي علينا أن نتدبرها ،
ومن العبارات التي لفتت انتباهي في سورة المائدة
حديث القرآن عن تلك الجنات التي تجري من تحتها الأنهار .
طبعاً عندما نقرأ القرآن قراءة سطحية
نظن بأن العبارات تتكرر ولا نرى أي رابط بينها ،
ولكن الذي يدقق النظر قليلاً يرى العجائب في هذا التكرار .
فلو تأملنا سورة المائدة وحديث القرآن عن الجنات
نجد أن هذه السورة تضمنت عبارة :
{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
هذه العبارة تكررت ثلاث مرات في سورة المائدة .
وقبل أن نكتشف هذه اللطائف القرآنية
لنتأمل هذه الآيات الثلاث حيث وردت هذه العبارة :
1-{ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا
وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ
وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ }
2- { فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ }
3-{ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ
لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
نلاحظ أن هناك تدرج في الجزاء كما يلي :
{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
2- الحديث عن الجنات والخلود فيها :
{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا }
3-الحديث عن الجنات والخلود فيها أبداً:
{ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا }
من اللطائف اللغوية : لاحظوا معي هذا التدرج الرائع في الثواب ،
لابد أن يكون من ورائه حكمة عظيمة .
فلو تأملنا الآيات الثلاث :
1- نلاحظ أن الآية الأولى : تتحدث عن اليهود
{ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ }
فهؤلاء إن أطاعوا الله – وهم لم يفعلوا- فسوف يدخلهم
{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ }
وهذا يكفيهم لأنه سبحانه يعلم حقيقتهم .
فهي تتحدث عن النصارى ، لأن الآيات التي تسبقها تشير إلى النصارى .
{ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى }
وهؤلاء سيكونون أكثر طاعة لله من اليهود
ولذلك يناسب المؤمنين منهم إن هم آمنوا
{ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا }