من أين جاء إحساس الإنسان والحيوان بالعدل أو الظلم؟ وما هي القوة
التي أودعت في داخل المخلوقات هذا النظام؟ ولماذا؟ ونجيب
(لأنه لا إجابة لديهم): إن الله تعالى هو الذي خلق الكون وخلق البشر
وخلق الحيوانات، وجعل في داخلها إحساساً فطرياً بالعدل والظلم، وهذا
الإحساس سيقود الإنسان السوي لمحاسبة نفسه وعدم ظلم الآخرين،
وليدرك أن هناك خالقاً عظيماً يراقبه ويسمعه ويراه، ولذلك فإن آخر آية
نزلت من القرآن تخبرنا بأن الله لا يظلم أحداً، وأن المخلوقات سترجع
إلى خالقها فيحاسبها على كل كبيرة وصغيرة، وذلك في يوم لا شك فيه،
}وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {
جاء في خبر علمي جديد أن القرود العليا في مراتب الذكاء ستضيف أدلة
جديدة لإثبات صحة نظرية النشوء والتطور الداروينية، حسب آخر ما
كشف عنه العلماء. فقد تبين لهم أن قردة "اورنجتان" أو إنسان الغابة
كما يسمى أحياناً، وهو نوع راق من أنواع القردة، هي حيوانات مدركة
للتجارة بالفطرة، حتى وان كانت تجارة بدائية.
وهنا أود أن أتوقف لأقول إن التشابه بين البشر وهذه المخلوقات لا يثبت
صحة نظرية داروين، ولكن يثبت صدق
قول الحق تبارك وتعالى عندما قال:
}وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ {
فهذا الخبر جاء في القرآن قبل أربعة عشر قرناً، وهذا التشابه أيضاً
هو دليل على أن الخالق واحد!
}اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ {
ولا أدري لماذا يردّ هؤلاء العلماء كل ظاهرة تصادفهم، يردونها للتطور
وينسون خالق التطور عز وجل!ففي دراسة نشرت في دورية
"اوراق البايولوجي" البريطانية قال علماء إن قردة تعيش في حديقة
حيوانات في ألمانيا، درّبت على مقايضة كوبونات أو بونات مقابل الطعام،
أظهرت نوعا من الذكاء البدائي في استخدامها. فقد لاحظ العلماء
أن القردة التي أعطيت بعضاً من تلك الكوبونات أعطتها لقردة أخرى
ولكن بحسب كمية الطعام التي تحصل عليها مقابلها.
ويقول العلماء انه عندما يدرك القرد أنه أعطى كوبونات أكثر من
استحقاق الطعام الذي يحصل عليه، يبدأ لاحقا في تقليص عدد الكوبونات
التي يعطيها مقابل الحصول على طعام أكثر. وهذا يعني أنه بات يدرك
أهميتها في الحصول على هذا الطعام بكميات محددة الحجم.
ولو قام العلماء بتطبيق هذه التجارب على حيوانات أخرى لوجدوا نفس
النتائج، لأن الخالق واحد عز وجل، وبالتالي سوف يرون مظاهر وحدانية
الخالق تتجلى في كل شيء، من الذرة وحتى المجرة.
مورثات اللغة موجودة لدى الإنسان فقط
يقول باحثون إنهم ربما وضعوا أيديهم على أول المورثات التي منحت
الإنسان تفوقه على باقي الحيوانات، المتمثل في القدرة على الكلام،
وهو مورث لا يختلف إلا بنسبة بسيطة عن شبيهه في القرد والفأر.
ويشيرون إلى أن إحداث تغييرات قليلة لكن رئيسية في مورث واحد
ربما يساعد على تفسير لماذا يستطيع الإنسان الكلام بينما تعجز عنه
القردة والفئران. ويضيف الباحثون وهم من ألمانيا وبريطانيا،
أن المورث، الذي يعرف علميا باسم فوكسب/ 2 مسؤول في الظاهر
عن حركات الوجه والفكين اللازمة والضرورية للكلام. ويؤكدون
أن تعلم الكلام خاصية إنسانية ينفرد بها الإنسان عن بقية المخلوقات!
وهنا أود أن أقف لأقول إن القرآن تناول هذه القضية وحدد لنا أن الإنسان
هو الوحيد القادر على الكلام، ومنذ بداية خلقه،
}وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا {
فهذه الآية تشير إلى أن الله تعالى أودع في خلق سيدنا آدم القدرة على
تعلم الأسماء والنطق بها، وبشكل يميزه عن جميع المخلوقات التي لم
تكن تتمتع بهذه الصفة، وهذا ما أثار استغراب الملائكة!
وفي كتاب الله تعالى نلاحظ أن النمل لديه القدرة على الكلام أيضاً، ولكن
بشكل يختلف عن البشر، ولا يدركه البشر، ولكن الله أعطى سيدنا سليمان
القدرة على فهم وسماع كلام النمل. ولكن عالم النمل يختلف عن عالم
البشر في أنه "مبرمج" ليقوم بأداء مهامه، بينما الإنسان أعطاه
الله الاختيار، وميزه بالعلم والبيان والإبداع،
}الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ {
ويذكر الباحثون في مقتطف الدراسة الذي نشر في مجلة الطبيعة، أن ما
أثار دهشتهم هو أن المورث الموجود في الإنسان شبيه ببعض المورثات
الموجودة في حيوانات معينة من الفئران وحتى قرود الشمبانزي! أي
أن هناك تشابهاً بين المخلوقات وبين الإنسان، وكل هذه الحقائق هي
دليل مادي ملموس أن عملية الخلق لا تتم بفعل التطور، ولكن بفعل
برنامج إلهي محكم، والله تعالى في كل لحظة يتحكم بمخلوقاته،
يؤكد البروفسور فولفغانغ اينهارد عالم الجينات في معهد ماكس بلانك
لعلوم نشوء وتطور الأجناس في مدينة لايبزغ الألمانية، أن هذا المورث
ليس بالضرورة هو المسؤول عن جعل الكلام ممكناً، بل هو واحد من
العديد من المورثات المسؤولة عن اللغة والكلام، التي تعتبر علمياً قدرات
معقدة. وإذا لم يكن لدى الإنسان سوى نسخة واحدة لعمل الوظائف
فستكون هناك مشاكل في اللغة وفي حركات الوجه، لكن مع ذلك هناك
إشارات إلى أهمية هذا المورث، إذ لاحظ بحث نشر العام الماضي
أن الناس الذين ممن لا يملكون نسختين عاديتين من المورث يجدون
صعوبة واضحة في الكلام. وهؤلاء لا يقعون فقط في الأخطاء النحوية،
بل يجدون صعوبة في النطق بصورة واضحة وصحيحة.
صدرت الكثير من الأبحاث حول ما سمّي الاستنساخ، وهو محاولة لخلق
أجنة بشرية تشبه أمها، ومن دون أب، أي الخلية تؤخذ من الأم وتُعالج
في المخبر، وتُزرع في رحم هذه الأم، وقد نجحت بعض التجارب على
حيوانات محددة، ومعظمها جاء مشوهاً وعمره قصير. ولكن اليوم يعترف
الباحثون بفشل مثل هذه التجارب واستحالة تطبيقها على الإنسان.
فقد أعلن العلماء في الولايات المتحدة أن مئات المحاولات لاستنساخ
القردة باءت بالفشل. ويعتقد العلماء أن التكوين البيولوجي للبويضات
لدى الرئيسيات ومن ضمنها البشر يجعل عملية الاستنساخ أمراً
مستحيلاً. وعلى الرغم من النجاح الذي حقَّقه استنساخ العديد من
الثدييات ومن ضمنها النعاج والفئران والماشية، إلا أن هناك أدلة
متزايدة على أن ذلك لا ينطبق على جميع الفصائل. وأضفى البحث
الذي ورد في مجلة العلوم مزيداً من الشكوك على جهود نخبة من العلماء
المتخصصين في الاستنساخ البشري. وكانت شركة كلونايد التي كونتها
طائفة الرائيليين قد زعمت بالفعل استنساخ عدة أطفال، غير أنها لم تقدم
أي دليل يؤكد تلك المزاعم. وفي الوقت نفسه نشر بانايوتيس زافوس
العالم التناسلي المثير للجدل صورة لما ادعى أنه
"أول جنين مستنسخ لأغراض التناسل."
ويوافق أغلبية العلماء على أن محاولات استنساخ طفل عملية خطيرة
ومضلّلة. وقد ولَّدت الكثير من الحيوانات المستنسخة وهي مريضة
أو مشوهة كما تقلّ نسبة نجاح عمليات الولادة. واستخدم العلماء في كلية
الطب بجامعة بيتسبيرج الطريقة التي استخدمت في استنساخ النعجة
دوللي في محاولة لاستنساخ أنواع من القرود، غير أنهم فشلوا في تكوين
حالة حمل واحدة من بين مئات المحاولات. كما حاولت جماعات
أخرى وفشلت في استنساخ القرود.
يبدو أن العقبة تتمثل في شيء ما يتعلق بطريقة توزيع المادة الجينية
حيث تنقسم الخلية إلى شطرين خلال عملية التطور الجنيني. وتنتهي
الخلايا بوجود كميات كبيرة جداً أو قليلة جداً من الحمض النووي
ولا يمكنها البقاء، وهو الأمر الذي يقترح أن محاولات استنساخ
الرئيسيات ومن ضمنها البشر ستبوء بالفشل.
وقال الدكتور جيرالد تشاتن
إن مثل هذه الدراسات تؤكد بأن "الدجالين" الذين زعموا استنساخ
البشر لم يفهموا بشكل كاف الخلية أو التطور البيولوجي كي ينجحوا.
وهنا أتوقف مع آية عظيمة حدثنا فيها رب العزة تبارك وتعالى
}هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ
مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {
وهناك آية أخرى تقارن بين خلق الله وبين ما يصنعه المشككون:
} أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ
عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار {
فالمهمة التي اقتصر عليها العلماء هي تحويل الخلق من شكل لآخر،
أو تغيير خلق الله، ولكنهم عاجزون عن خلق ذرة واحدة من العدم.
ويؤكد القرآن أن كل هذه المحاولات هي من وحي الشيطان ليضل الناس،
والبلايين التي تُنفق على مثل هذه الأبحاث لو تمت الاستفادة منها
في إطعام الفقراء وتحسين حياة البشر لكان أفضل بكثير، يقول تعالى
مخاطباً هؤلاء الملحدين ومتحدثاً عن مصيرهم وعن أفعالهم الشيطانية
}إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا *
لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ
وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ
اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا
* يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا *
أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا {
وأخيراً لا ننسى أن الله تعالى كرَّمنا على هذه المخلوقات
}وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيل {
ولكن الإنسان عندما ينكر وجود الخالق ويعصي الله ويجحد بنعمته،
فإنه سيهبط إلى ما دون مستوى هذه الحيوانات،
بل إن القرود ستكون أعقل منه
}أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ
إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا {