( الحلقة رقم 726)
{ الموضوع الثامن الفقرة 03}
( أحكــام الزكاة و ما يجب فى المال )
تحدثنا فى الحلقتين السابقتين
عن موضوع الزكاة من ناحيةالاحكاممن تجب عليهم الزكاه ؟؟
و سوف نتكلم فى هذه الحلقه عن
الزكاة فى مالالصبى و المجنون
لأن موضوع الزكاة موضوع شاق و صعب و هام من جميع النواحى
أسأل الله أن ينفعنا و ينفعكم و المسلمين
الزكاةفى مال الصبى و المجنون
تجب الزكاة فى مال الصبى و المجنون إذا توافرت فيه الشروط
المتقدمة عند المالكية و الشافعية و الحنابلة
و يجب على وليهما أخراجها عنهما
روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قال
( من ولى يتيما له مال فليتجر له و لا يتركه حتى تأكله الصدقه )
أخرجه الدار قطنى و الترمذى بإسناد ضعيف
فعن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه أنه قال :
أن النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قال :
( أتجروا فى أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة )
و عن أبن جريح عن يوسف بن مالك
أن النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم قال
( أبتغوا فى أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة )
أى أتجروا فيها حتى لا تنقص كل عام بأخذ الزكاة منها
قال الحنفيون بعدم وجوب الزكاة فى مال الصبى و المجنون
إلا صدقة الفطر و العشر أو نصفه فى الزروع و الثمار
قال رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
( رفع القلم عن ثلاثعن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ
و عن النائم حتى يستيقظو عن الصبى حتى يحتلم )
و قد قال الحق سبحانه و تعالى
{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
و الصبى و المجنون ليسا فى حاجة إلى تطهير
لأن الزكاة ليست واجبة على الصبى و المجنون
و إنما هى واجبة فى مالهما
و أما حديثرفع القلم عن ثلاث
فالمراد به رفع الأثم لا رفع الوجوب
و أما الآيه الكريمة فليس فيها دليل ظاهر على ما ذهبوا إليه
لأن التطهير ليس شرطاً فى أخراج الزكاة
و إنما هو الغالب فيها أو هو ثمرة من ثمراتها
الزكاة واجبة على الفور عند جمهور الفقهاء
فمتى حال الحول أو حان الحصاد
وجب على المسلم أخراج حق الله تبارك و تعالى
و المماطلة نوع من أنواع الظلم
لا سيما و أن الفقير و المسكين و من فى حكمهما من مستحقى الزكاة
محتاجون لهذا الحق على الفور
و عن عقبه بن الحارث النوفلى رضى الله تعالى عنه قال
صليت وراء النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
فسلم فقام مسرعا فتخطى رقاب الناس
فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته
( ذكرت شيئا من تبر عندنا فكرهت ان يحبسنى فأمرت بقسمته )
و التبر هو الذهب أو ما يستخلص منه الذهب
فى هذا الحديث طلب المبادرة بأخراج الزكاة بعد وجوبها
كراهة أن يحبس يوم القيامة على التاخير
فيؤخر عن دخول الجنة و يعذب بطول الوقت فى الحساب
و أن المبادره بأخراج الزكاة مسارعة فى عمل الخير
تعرض للمال لآفة أو يموت هو و فى ذمته حق للفقراء و المساكين
و بقاء الصدقه فى المال يكون سببا فى إتلافه و نزع بركته
عن أمنا أم المؤمنين السيدة عائشه رضى الله عنها و عن أبيها
سمعت النبى صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم يقول
( ما خالطت الصدقة مالا قط إلا أهلكته )
و قد ذهب جماعة من فقهاء الحنفية
إلى القول بوجوب الزكاة على التراخى لا على الفور
و الدليل يشهد للجمهور القائلين بوجوبها على الفور
و عليه فاذا وجبت الزكاة و تمكن من إخراجها لم يجز تأخيرها
لأنه حق للآدمى يعطى له متى طلبه
و لسان حال الفقير و المسكين يطلب هذا الحق
طلبا عاجلا لشدة إحتاجه إليه
فهو كالوديعة ترد إلى صاحبها عند الطلب
فان أخر الزكاة و هو قادر على أخراجها
فتلف المال كانت الزكاة دينا فى ذمته يؤديها متى إيسر
و لكن ماذا لو تلف المال قبل الحول ؟؟
إذا تلف المال قبل مرور الحول
لا تجب عليه الزكاة إتفاقاً
و إن تلف المال بعد مرور الحول و قبل التمكن من أخراج الزكاة
لمانع منعهكأن كان محبوسا أو فى سفر
أو لم يكن أحد من المحتاجين إلى الزكاة حاضراً
سقطت عنه الزكاة سواء تلف المال بيده أم بيد غيره
و هذا بناء على القول بأن التمكن من أخراج الزكاة
شرط فى وجوبها و هو قول المالكية
إن أتلف المال فرارا من الزكاة لا ينفعه ذلك
ليس الإتلاف معناه إهلاك المال فحسب
و لكن للإتلاف صور كثيرة قد لا يسميها الناس إتلافاً
كأن يشترى بالمال الذى تجب فيه الزكاة شيئا
لا تجب فيه الزكاة تهربا من وجوبها
فهو بهذا يسمى فى عرف الفقهاء متلفا للمال مفوتا
هذا ما تم فهمه من تعبير الفقهاء و الله أعلى و أعلم
أما من لم يشترط فى وجوب الزكاة التمكن من أدائها
لم يقولوا بسقوط الزكاة على من تلف ماله بعد مرور الحول
بل تظل فى ذمته و هو الراجح
و المفهوم هو وجوب الزكاة بحلول الحول سواء تمكن من أخراجها أم لا
فأنه يجب على الحائض و النفساء و المريض
مع عدم القدرة على أدائه من جميعهم
بدليل أنهم مطالبون بقضائه عند التمكن منه
نختتم هذه الحلقة وكما أشرت
من قبل على أن تكون حلقات الزكاةحلقات قصيرة
و ذلك لقراءتها بتمعن و حفظ الأحكام بها و عدم
تشويه الأراء و العمل بها جزاكم الله خيراً
فأنتظرونا و لا تنسونا من صالح الدعوات
السنابل الفارغة ترفع رؤسها فى الحقول
بينما السنابل الممتلئة بالقمح محنية رؤوسها
السنابل الفارغة تجدها شامخة مرتفعة
و من جلس بجانبها شده جمالها و لونها الذهبى اللامع
فى لحظات الشروق يسحر العقول
و عند الغروب تزدان لها الحقول
و إن تساقط عليها الماء ضعفت
و إن أصابها أعصار من مكانها أقتلعت
رغم جمالها إلا أنها تظل فارغة
و إلى اللقاء فى الحلقة القادمة
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخيكم الفقير إلى عفو ربه و مغفرته