من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
من كتاب البداية و النهاية لأبن كثير يرحمه الله
من ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسباً من رسول الله
صلى الله عليه وسلم فإنه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، واسمه
شيبة بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف، واسمه المغيرة بن قصي،
واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك
بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار
بن معد بن عدنان.أبو الحسن القرشي الهاشمي فهو ابن عم رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً.
وقد أسلمت وهاجرت، وأبوه هو العم الشقيق الرفيق أبو طالب، واسمه
عبد مناف كذا نص على ذلك الإمام أحمد بن حنبل هو وغير واحد
ن علماء النسب وأيام الناس.
وزعمت الروافض أن اسم أبي طالب عمران
وأنه المراد من قوله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }
وقد أخطأوا في ذلك خطأً كثيراً، ولم يتأملوا القرآن قبل أن يقولوا هذا
البهتان من القول في تفسيرهم له على غير مراد الله تعالى،
فإنه قد ذكر بعد هذه قوله تعالى:
{ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً
فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }
فذكر ميلاد مريم بنت عمران عليها السلام وهذا ظاهر ولله الحمد.
وقد كان أبو طالب كثير المحبة الطبيعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولم يؤمن به إلى أن مات على دينه كما ثبت ذلك في (صحيح البخاري)
من رواية سعيد بن المسيب، عن أبيه في عرضه عليه السلام على عمه
أبي طالب، وهو في السياق أن يقول: لا إله إلا الله.فقال له أبو جهل
وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟
فقال: كان آخر ما قال هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول:
لا إله إلا الله، فخرج رسول الله وهو يقول:
( أما لأستغفرن لك ما لم أنه عنك )
{ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
ثم نزل بالمدينة قوله تعالى:
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ
وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ *
وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ }
[التوبة: 113-114].
وقد قررنا ذلك في أوائل المبعث ونبهنا على خطأ الرافضة في دعواهم
أنه أسلم وافترائهم ذلك بلا دليل على مخالفة النصوص الصريحة.
وأما علي رضي الله عنه فإنه أسلم قديماً، وهو دون البلوغ
ويقال: إنه أول من أسلم من الغلمان، كما أن خديجة أول من أسلم
من النساء، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال الأحرار،
وزيد بن حارثة أول من أسلم من الموالي.
وقد روى الترمذي، وأبو يعلي، عن إسماعيل بن السدي، عن علي بن عياش
عن مسلم الملائي، عن حبة بن جوين، عن علي - وحبة لا يساوي حبة
- عن أنس بن مالك قال: بعث رسول الله يوم الاثنين وصلى علي
ورواه بعضهم عن مسلم الملائي، عن حبة بن جوين، عن علي – وحبة
لا يساوي حبة - وقد روى سلمة بن كهيل، عن حبة، عن علي قال:
عبدت الله مع رسول الله سبع سنين قبل أن يعبده أحد.
وهذا لا يصح أبداً وهو كذب.
وروى سفيان الثوري، وشعبة، عن سلمة، عن حبة، عن علي قال:
وهذا لا يصح أيضاً وحبة ضعيف.
وقد ثبت عنه بالتواتر أنه قال على منبر الكوفة: أيها الناس! إن خير هذه
الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميت.
وقد تقدم ذلك في فضائل الشيخين رضي الله عنهما وأرضاهما.
حدثنا سليمان بن داود، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون
عن ابن عباس قال: أول من صلى - وفي رواية أسلم - مع رسول الله
بعد خديجة علي بن أبي طالب.ورواه الترمذي من حديث شعبة
وقد روي عن زيد بن أرقم، وأبي أيوب الأنصاري أنه صلى قبل الناس
بسبع سنين، وهذا لا يصح من أي وجه كان روي عنه.وقد ورد في أنه
أول من أسلم من هذه الأمة أحاديث كثيرة لا يصح منها شيء، وأجود
على أنه قد خولف فيه وقد اعتنى الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر
في (تاريخه) بتطريق هذه الروايات، فمن أراد كشف ذلك فعليه بكتابه
(التاريخ)، والله الموفق للصواب.وقد روى الترمذي، والنسائي، عن
عمرو بن مرة، عن طلحة بن زيد، عن زيد بن أرقم قال: أول من أسلم
علي.قال الترمذي: حسن صحيح.
وصحب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة مقامه بمكة، وكان
عنده في المنزل وفي كفالته في حياة أبيه لفقرٍ حصل لأبيه في بعض
السنين مع كثرة العيال، ثم استمر في نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعد ذلك إلى زمن الهجرة، وقد خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليؤدي ما كان عنده عليه السلام من ودائع الناس، فإنه كان يعرف
في قومه بالأمين، فكانوا يودعونه الأموال والأشياء النفيسة.
ثم هاجر علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي وهو راضٍ عنه وحضر معه مشاهده
كلها، وجرت له مواقف شريفة بين يديه في مواطن الحرب كما بينا ذلك
في السيرة بما أغنى عن إعادته ها هنا، كيوم بدر وأُحد والأحزاب
ولما استخلفه عام تبوك على أهله بالمدينة قال:
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
وقد ذكرنا تزويجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخوله
بها بعد وقعة بدر بما أغنى عن إعادته.ولما رجع عليه السلام من حجة
الوداع فكان بين مكة والمدينة بمكان يقال له: غدير خم خطب الناس
هنالك في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة فقال في خطبته:
(من كنت مولاه فعلي مولاه )
( اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره،
والمحفوظ الأول، وإنما كان سبب هذه الخطبة والتنبيه على فضله ما
ذكره ابن إسحاق من أن علياً لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى اليمن أميراً هو وخالد بن الوليد، ورجع علي فوافى رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة الوداع.
وقد كثرت فيه المقالة، وتكلم فيه بعض من كان معه بسبب استرجاعه
منهم خلعاً كان خلعها نائبة عليهم لما تعجل السير إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم.فلما تفرغ رسول الله من حجة الوداع أحب أن يبرئ
ساحة علي بما نسب إليه من القول الذي لا أصل له، وقد اتخذت
الروافض هذا اليوم عيداً، فكانت تضرب فيه الطبول ببغداد في أيام بني
بويه في حدود الأربعمائة كما سننبه عليه إذا انتهينا إليه إن شاء الله.
ثم بعد ذلك بنحو من عشرين يوماً تعلق المسوح على أبواب الدكاكين
ويذر التبن والرماد، وتدور الذراري والنساء في سكك البلد تنوح على
الحسين بن علي يوم عاشوراء صبيحة قراءتهم المصرع المكذوب
في قتله، وسنبين الحق في صفة قتله كيف وقع الأمر على الجلية
وقد كان بعض بني أمية يعيب علياً بتسميته أبا تراب، وهذا الاسم إنما
سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في (الصحيحين)، عن
سهل بن سعد أن علياً غاضب فاطمة فراح إلى المسجد فجاءه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فوجده نائماً وقد لصق التراب بجلده فجعل ينفض
( اجلس أبا تراب ).
حدثني عمار بن محمد، عن سعيد بن محمد الحنظلي، عن أبي جعفر
بن علي قال: نادى منادٍ في السماء يوم بدر: لا سيف إلا ذو الفقار،
وهذا مرسل وإنما تنفل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه
ذا الفقار يوم بدر ثم وهبه لعلي بعد ذلك.
حدثني علي بن المغيرة، عن معمر بن المثنى قال: كان لواء المشركين
يوم بدر مع طلحة بن أبي طلحة فقتله علي بن أبي طالب ففي ذلك يقول
لله أي مذنبٍ عن حربه * أعني ابن فاطمة المعم المخولا
جادت يداك له بعاجل طعنةٍ * تركت طليحة للجبين مجندلا
وشددت شدة باسلٍ فكشفتهم * بالحق إذ يهوون أخول أخولا
وعللت سيفك بالدماء ولم تكن * لترده حران حتى ينهلا
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لن يدخل أحد بايع تحت الشجرة النار ).
وقد ثبت في (الصحاح) وغيرها
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر:
( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله،
ليس بفّرار يفتح الله على يديه ).
فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها حتى قال عمر: ما أحببت الإمارة
إلا يومئذٍ، فلما أصبح أعطاها علياً ففتح الله على يديه.ورواه جماعة
منهم مالك، والحسن، ويعقوب بن عبد الرحمن، وجرير بن عبد الحميد،
وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن المختار، وخالد بن عبد الله بن سهيل
عن أبيه، عن أبي هريرة أخرجه مسلم.
ورواه ابن أبي حازم، عن سهل بن سعد أخرجاه في (الصحيحين)،
وقال في حديثه: فدعا به رسول الله وهو أرمد فبصق في عينه فبرأ.
ورواه إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، ويزيد بن أبي عبيد،
عن مولاه سلمة أيضاً، وحديثه عنه في (الصحيحين).
حدثني بريدة، عن سفيان، عن أبي فروة الأسلمي، عن أبيه، عن سلمة
بن عمرو بن الأكوع قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
أبي بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع ولم
ثم بعث عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله
يفتح الله على يديه ليس بفّرار ).
قال سلمة: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وهو أرمد فتفل
( خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك ).
قال سلمة: فخرج والله بها يهرول هرولة وإنا لخلفه نتبع أثره حتى
ركز رايته في رجم من حجارة تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي من
رأس الحصن.فقال: من أنت؟قال: علي بن أبي طالب.قال اليهودي: غلبتم
ومن أنزل التوراة على موسى.قال: فما رجع حتى فتح الله علي يديه.
وقد رواه عكرمة بن عمار، عن عطاء مولى السائب، عن سلمة بن الأكوع
وفيه أنه هو الذي جاء به يقوده وهو أرمد حتى بصق رسول الله
حدثنا زيد بن الحباب، ثنا الحسين بن واقد، حدثني عبد الله بن بريدة،
حدثني بريدة بن الحصيب قال: حاصرنا خيبر فأخذ اللواء أبو بكر
فانصرف ولم يفتح له.ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له،
وأصاب الناس يومئذٍ شدة وجهد.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إني دافع اللواء غداً إلى رجل يحبه الله ورسوله
ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له )
- وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غداً -.قال: فلما أصبح رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلى الغداة، ثم قام قائماً فدعا باللواء والناس
على مصافهم فدعا علياً وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء
قال بريدة: وأنا فيمن تطاول لها، ورواه النسائي من حديث الحسين بن واقد
به أطول منه، ثم رواه أحمد، عن محمد بن جعفر وروح كلاهما عن
عوف، عن ميمون أبي عبد الله الكردي، عن عبد الله بن بريدة،
عن أبيه به نحوه، وأخرجه النسائي عن بندار، وغندر به وفيه الشعر.
ورواه هشيم، عن العوام بن حوشب، عن حبيب بن أبي ثابت، عن
ابن عمر فذكر سياق حديث بريدة ورواه كثير من النواء عن جميع بن عمير
عن ابن عمر نحوه وفيه قال علي: فما رمدت بعد يومئذٍ.
ورواه أحمد عن وكيع، عن هشام بن سعيد، عن عمر بن أسيد،
ورواه الإمام أحمد عن يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن أبي بلج،
عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس فذكره بتمامه.
وقال البخاري في (التاريخ):
حدثنا عمر بن عبد الوهاب الرماحي، حدثنا معمر بن سليمان، عن أبيه،
عن منصور، عن ربعي، عن عمران بن حصين.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )
فبعث إلى علي وهو أرمد فتفل في عينيه وأعطاه الراية فما رد وجهه
ورواه أبو القاسم البغوي، عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي موسى الهروي
عن علي بن هاشم، عن محمد بن علي عن منصور، عن ربعي
وأخرجه النسائي بعد عن عباس العنبري، عن عمر بن عبد الوهاب به.
رواية علي بن أبي طالب في ذلك
حدثنا وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى قال: كان أبي يسير مع علي، وكان علي يلبس ثياب الصيف
في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف.فقيل له: لو سألته فسأله فقال:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليّ وأنا أرمد العين يوم خيبر،
فقلت: يا رسول الله إني أرمد العين، فتفل في عيني فقال
( اللهم أذهب عنه الحر والبرد )
فما وجدت حراً ولا برداً منذ يومئذ.
( لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله،
فتشرف لها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيها.
تفرد به أحمد وقد رواه غير واحد عن محمد بن عبد الرحمن
بن أبي ليلى، عن أبيه، عن علي به مطولاً.
حدثنا زهير، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أم موسى قالت: سمعت علياً
يقول: ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله وجهي، وتفل في عيني
يوم خيبر وأعطاني الراية.
رواية سعد بن أبي وقاص في ذلك
وثبت في (الصحيحين) من حديث شعبة، عن سعد بن إبراهيم بن سعد
بن أبي وقاص، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال لعلي:
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى،
غير أنه لا نبي بعدي ؟ ).
قال أحمد، ومسلم، والترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل
عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال له:
أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟
فقال: أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
لأن تكون لي واحدة منهن أحب إليّ من حمر النعم، سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول - وخلفه في بعض مغازيه - فقال له علي:
يا رسول الله أتخلفني مع النساء والصبيان ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلا أنه لا نبي بعدي ؟ ).
( لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )
قال: فتطاولت لها، قال:
( ادعوا لي علياً )
فأُتي به أرمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.
{ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ }
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً ثم قال:
( اللهم هؤلاء أهلي ).
وقد رواه مسلم، والترمذي، والنسائي، من حديث سعيد بن المسيب،
عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي:
( أنت مني بمنزلة هارون من موسى )
وقال الترمذي: ويستغرب من رواية سعيد عن سعد.
حدثنا أحمد الزبيري، حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن حمزة
بن عبد الله، عن أبيه - يعني: عبد الله بن عمر - عن سعد قال: لما خرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك خلف علياً فقال: أتخلفني؟
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
وهذا إسناد جيد ولم يخرجوه.
وقال الحسن بن عرفة العبدي:
حدثنا محمد بن حازم أبو معاوية الضرير، عن موسى بن مسلم الشيباني
عن عبد الرحمن بن سابط، عن سعد بن أبي وقاص قال: قدم معاوية
في بعض حجاته فأتاه سعد بن أبي وقاص فذكروا علياً.
فقال سعد: له ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحب
إليّ من الدنيا وما فيها.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( من كنت مولاه فعلي مولاه )
( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )
( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )
، لم يخرجوه، وإسناده حسن.
ثنا أحمد بن خالد الذهبي أبو سعيد، ثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله
بن أبي نجيح، عن أبيه قال: لما حج معاوية أخذ بيد سعد بن أبي وقاص.
فقال: يا أبا إسحاق إنا قوم قد أجفانا هذا الغزو عن الحج حتى كدنا أن
ننسى بعض سننه فطف نطف بطوافك.
قال: فلما فرغ أدخله دار الندوة فأجلسه معه على سريره
، ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه.
فقال: أدخلتني دارك وأجلستني على سريرك، ثم وقعت في علي تشتمه ؟
والله لأن يكون في إحدى خلاله الثلاث أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت
عليه الشمس، ولأن يكون لي ما قال حين غزا تبوكاً
( إلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلا أنه لا نبي بعدي ؟ )
أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ولأن يكون لي ما قال له يوم خيبر:
( لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله
يفتح الله على يديه، ليس بفرار )
أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس، ولأن أكون صهره على ابنته ولي
منها الولد ماله أحب إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس،
لا أدخل عليك داراً بعد هذا اليوم، ثم نفض رداءه ثم خرج.
حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن الحكم، عن مصعب بن سعد،
عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم
علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
غير أنه لا نبي بعدي ؟ )
إسناده على شرطهما، ولم يخرجاه.
وهكذا رواه أبو عوانة، عن الأعمش، عن الحكم بن مصعب، عن أبيه،
ورواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن عاصم، عن مصعب، عن أبيه
ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، ثنا سليمان بن بلال، حدثنا الجعد بن
عبد الرحمن الجعفي، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها: أن علياً خرج مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء ثنية الوداع وعلي يبكي يقول:
( أوما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
وهذا إسناد صحيح أيضاً ولم يخرجوه.
وقد رواه غير واحد، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها.
وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من
الصحابة منهم عمر، وعلي، وابن عباس، وعبد الله بن جعفر، ومعاوية،
وجابر بن عبد الله، وجابر بن سمرة، وأبو سعيد، والبراء بن عازب،
وزيد بن أرقم، وزيد بن أبي أوفى، ونبيط بن شريط، وحبشي بن جنادة،
ومالك بن الحويرث، وأنس بن مالك، وأبو الفضل، وأم سلمة، وأسماء
بنت عميس، وفاطمة بنت حمزة.وقد تقصى الحافظ ابن عساكر هذه
الأحاديث في ترجمة علي في (تاريخه) فأجاد وأفاد وبرز على النظراء
والأشباه والأنداد. رحمه رب العباد يوم التناد.
رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك
حدثنا عبد الله بن عمر، ثنا عبد الله بن جعفر، أخبرني سهل بن أبي صالح
عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
قال عمر: لقد أُعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي خصلة
منها أحب إليّ من حمر النعم.قيل: وما هن يا أمير المؤمنين؟قال: تزويجه
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسكناه المسجد مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر.وقد روى
رواية ابن عمر رضي الله عنهما
عن وكيع، عن هشام بن سعد، عن عمر بن أسيد، عن ابن عمر قال:
كنا نقول في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس أبو بكر
ثم عمر، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث لأن أكون أعطيتهن أحب إليّ
من حمر النعم. فذكر هذه الثلاث.وقد روى أحمد، والترمذي، من حديث
عبد الله بن محمد بن عقيل،
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
غير أنه لا نبي بعدي ؟ )
ورواه أحمد من حديث عطية، عن أبي سعيد،
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ).
ورواه الطبراني من طريق عبد العزيز بن حكيم، عن ابن عمر مرفوعاً.
ورواه سلمة بن كهيل، عن عامر بن سعد، عن أبيه،
عن أم سلمة أن رسول الله قال لعلي:
( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى
إلا أنه لا نبي بعدي ).
قال سلمة: وسمعت مولى لبني موهب يقول: سمعت ابن عباس يقول:
قال النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
تزويجه فاطمة الزهراء رضي الله عنهما.
عن ابن نجيح، عن أبيه، سمع رجل علياً على منبر الكوفة يقول: أردت
أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته، ثم ذكرت أن لا شيء
لي، ثم ذكرت عائدته وصلته فخطبتها.
( فأين درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا ؟ ).
فأعطيتها فزوجني، فلما كان ليلة دخلت عليها.
( لا تحدثا شيئاً حتى آتيكما ).
قال: فأتانا وعلينا قطيفة أو كساء فتحثثنا.
ثم دعا بقدح من ماء فدعا فيه، ثم رشه عليّ وعليها.
فقلت: يا رسول الله، أنا أحب إليك أم هي؟
( هي أحب إليّ وأنت أعز عليّ منها ).
وقد روى النسائي من طريق عبد الكريم بن سليط، عن ابن بريدة،
عن أبيه فذكره بأبسط من هذا السياق.
وفيه: أنه أولم عليها بكبش من عند سعد وآصع من الذرة من عند
جماعة من الأنصار، وأنه دعا لهما بعد ما صب عليهما الماء.
( اللهم بارك لهما في شملهما )
عن أبي خالد، عن الشعبي قال: قال علي: ما كان لنا إلا إهاب كبش ننام
على ناحيته، وتعجن فاطمة على ناحيته.
وفي رواية مجالد، عن الشعبي:
ونعلف عليه الناضح بالنهار وما لي خادم عليها غيرها.
وروى سعد بن أبي وقاص قال أبو يعلى، ثنا موسى بن محمد بن حسان،
ثنا محمد بن إسماعيل بن جعفر الطحان ثنا غسان بن بسر الكاهلي،
عن مسلم، عن خيثمة، عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سد أبواب المسجد وفتح باب علي، فقال الناس في ذلك: فقال:
( ما أنا فتحته، ولكن الله فتحه ).
وهذا لا ينافي ما ثبت في (صحيح البخاري) من أمره عليه السلام
في مرض الموت بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد إلا باب أبي بكر الصديق
لأن نفي هذا في حق علي كان في حال حياته لاحتياج فاطمة إلى المرور
من بيتها إلى بيت أبيها، فجعل هذا رفقاً بها.وأما بعد وفاته فزالت هذه
العلة فاحتيج إلى فتح باب الصديق لأجل خروجه إلى المسجد ليصلي
بالناس إذ كان الخليفة عليهم بعد موته عليه السلام، وفيه إشارة
قال الحاكم وغير واحد: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة
بن الحصيب: قال: غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فقدمت
على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت علياً فتنقصته،
فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير، فقال:
( يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) ؟.
فقلت: بلى يا رسول الله.
( من كنت مولاه فعلي مولاه ).
حدثنا ابن نمير، ثنا الأجلح الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه
بريدة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثتين إلى اليمن
على إحداهما علي بن أبي طالب، وعلى الأخرى خالد بن الوليد.
( إذا التقيتما فعلي على الناس، وإذا افترقتما فكل واحد منكما
والمحفوظ في هذا رواية أحمد، عن وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة
عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من كنت مولاه فعلي وليه )
ورواه أحمد أيضاً: والحسن بن عرفة، عن الأعمش به.
ورواه النسائي عن أبي كريب، عن أبي معاوية به.
حدثنا روح بن علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن
أبيه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً إلى خالد بن الوليد
ليقبض الخمس قال: فأصبح ورأسه تقطر.فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما
يصنع هذا ؟.قال: فلما رجعت إلى رسول الله أخبرته ما صنع علي. قال:
( يا بريدة أتبغض علياً ؟ )
( لا تبغضه وأحبه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك ).
وقد رواه البخاري في (الصحيح) عن بندار، عن روح به مطولاً.
حدثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الجليل قال: انتهيت إلى حلقة فيها
أبو مجلز وابنا بريدة فقال عبد الله بن بريدة: حدثني أبي بريدة قال:
أبغضت علياً لم أبغضه أحداً، قال وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه
إلا على بغضه علياً، فبعث ذلك الرجل على خيل: قال: فصحبته ما
أصحبه إلا على بغضه علياً فأصبنا سبياً، فكتبنا إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن أبعث إلينا من يخمسه، فبعث إلينا علياً.
قال: وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي - فخمس وقسم فخرج
ورأسه يقطر.فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا؟قال: ألم ترو إلى الوصيفة التي
كانت في السبي؟ فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس، ثم صارت
في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت في آل علي
قال: وكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ابعثني؟
فبعثني مصدّقاً.قال: فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق.قال: فأمسك
النبي صلى الله عليه وسلم بيدي والكتاب، قال:
( أتبغض علياً ؟ )
( فلا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حباً، فوالذي نفسي بيده
لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة ).
قال: فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عبد الله: فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث غير أبي بريدة، وتفرد به أحمد.
وقد روى غير واحد هذا الحديث عن أبي الجواب، عن يونس بن أبي إسحاق
عن أبيه، عن البراء بن عازب نحو رواية بريدة بن الحصيب
وقد رواه الترمذي: عن عبد الله بن أبي زياد، عن أبي الجواب الأحوص
بن جواب به، وقال: حسن غريب لا نعرفه، إلا من حديثه.
حدثنا عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثني يزيد الرشك، عن
مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله سرية،
وأمر عليها علي بن أبي طالب فأحدث شيئاً في سفره فتعاقد أربعة
من أصحاب محمد أن يذكروا أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال عمران: وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلى الله عليه وسلم
فسلمنا عليه.قال: فدخلوا عليه فقام رجل منهم، فقال: يا رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض عنه، ثم قام الثاني،
فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن علياً فعل كذا وكذا، فأعرض
عنه.ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا.ثم قام الرابع
فقال: يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا.قال: فأقبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم على الرابع وقد تغير وجهه، وقال:
( دعوا علياً، دعوا علياً، دعوا علياً إن علياً مني وأنا منه
وهو ولي كل مؤمن بعدي )
وقد رواه الترمذي، والنسائي عن قتيبة، عن جعفر بن سليمان، وسياق
الترمذي مطول، وفيه: أنه أصاب جارية من السبي، ثم قال: حسن غريب
لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان.
عن عبد الله بن عمر القواريري، والحسن بن عمر بن شقيق الحرمي،
والمعلى بن مهدي كلهم عن جعفر بن سليمان به.
حدثنا أحمد بن حازم، أخبرنا عبيد الله بن موسى بن يوسف بن صهيب،
عن دكين، عن وهب بن حمزة قال: سافرت مع علي بن أبي طالب
من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم لأنالن منه.قال: فرجعت، فلقيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم فذكرت علياً فنلت منه.
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لا تقولن هذا لعلي فإن علياً وليكم بعدي )
وقال أبو داود الطيالسي:
عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي:
( أنت ولي كل مؤمن بعدي ).
حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي عن أبي إسحاق، حدثني عبد الله
بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة
عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري –
ن أبي سعيد قالت: اشتكى علياً الناس، فقام رسول الله فينا خطيباً.
( أيها الناس، لا تشكوا علياً، فوالله إنه لأجيش في ذات الله
- أو في سبيل الله - ).
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، إنا أبو سهل بن زياد القطان، ثنا
أبو إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي إدريس، حدثني أخي، عن
سليمان بن بلال، عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته
زينب بنت كعب بن عجرة، عن أبي سعيد قال: بعث رسول الله
صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن.
قال أبو سعيد: فكنت فيمن خرج معه، فلما أحضر إبل الصدقة سألناه أن
نركب منها ونريح إبلنا - وكنا قد رأينا في إبلنا خللاً - فأبى علينا وقال:
إنما لكم منها سهم كما للمسلمين.قال: فلما فرغ علي وانصرف من اليمن
راجعاً، أمّر علينا إنساناً فأسرع هو فأدرك الحج.فلما قضى حجته قال له
النبي صلى الله عليه وسلم:
( ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم )
قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل،
فلما جاء علي عرف في إبل الصدقة أنها قد رُكبت - رأى أثر المراكب –
فذم الذي أمّره ولامه.فقلت: أما إن لله عليّ إن قدمت المدينة وغدوت إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذكرن لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولأخبرته ما لقينا من الغلظة والتضييق.قال: فلما قدمنا المدينة غدوت
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أذكر له ما كنت حلفت عليه،
فلقيت أبا بكر خارجاً من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.فلما رآني
وقف معي ورحب بي، وسألني وسألته.وقال: متى قدمت؟قلت: قدمت
البارحة، فرجع معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا
فدخلت فحييت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياني، وسلمت عليه،
وسألني عن نفسي وعن أهلي، فأخفى المسألة.فقلت: يا رسول الله
صلى الله عليه وسلم لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق،
فابتدر رسول الله وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط
كلامي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي - وكنت منه
( سعد بن مالك بن الشهيد مه بعض قولك لأخيك علي،
فوالله لقد علمت أنه جيش في سبيل الله ).
قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعد بن مالك ألا أراني كنت فيما يكره
منذ اليوم، وما أدري لا جرم، والله لا أذكره بسوء أبداً سراً ولا علانية.
عن محمد بن إسحاق، حدثني أبان بن صالح، عن عبد الله بن دينار الأسلمي
عن خاله عمرو بن شاش الأسلمي - وكان من أصحاب الحديبية - قال:
كنت مع علي في خيله التي بعثه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
اليمن، فجفاني علي بعض الجفاء، فوجدت عليه في نفسي.فلما قدمت
المدينة اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته، فأقبلت يوماً ورسول الله
صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، فلما رآني أنظر إلى عينيه نظر
( أما إنه والله يا عمرو لقد آذيتني )
فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، أعوذ بالله والإسلام
أن أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( من آذى علياً فقد آذاني ).
وقد رواه أحمد، عن يعقوب، عن أبيه إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق
عن أبان بن صالح، عن الفضل بن معقل، عن عبد الله بن دينار،
عن خاله عمرو بن شاش فذكره.
وكذا رواه غير واحد، عن محمد بن إسحاق، عن أبان بن الفضل، وكذلك
رواه سيف بن عمر، عن عبد الله بن سعيد عن أبان بن صالح به ولفظه:
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( من آذى مسلماً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ).
وروى عباد بن يعقوب الرواجني، عن موسى بن عمير، عن عقيل
بن نجدة بن هبيرة، عن عمرو بن شاش قال: قال رسول الله
( يا عمرو، وإن من آذى علياً فقد آذاني ).
ثنا محمود بن خداش، ثنا مروان بن معاوية، ثنا فنان بن عبد الله النهمي
ثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: كنت جالساً في المسجد
أنا ورجلان معي فنلنا من علي، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي وجهه الغضب فتعوذت بالله من غضبه.
( مالكم ومالي من آذى علياً فقد آذاني ).