و من أهتدى بهديه إلى يوم الدين .
{ الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ
وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا
وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }
روى أحمد وأبو داود والبيهقى والحاكم
( أنَّ امرأةً قالت يا رسولَ اللهِ إنَّ ابني هذا كان بطني لهُ وعاءً
وثديي لهُ سِقَاءً وحجري لهُ حواءً وإنَّ أباهُ طلَّقني
فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنت أحقُّ بهِ ما لم تَنْكحي )
سمعت القاسم بن محمد يقول :
[ كانت عندَ عمرَ بنِ الخطابِ امرأةٌ من الأنصارِ ، فولدت له عاصمَ بنَ عمرَ ،
ثم إنه فارقَها فجاء عمرُ قباءَ ، فوجد ابنَه عاصمًا يلعبُ بفناءِ المسجدِ ،
فأخذ بعضدِه فوضَعه بينَ يدَيه على الدابةِ ، فأدركته جدةُ الغلامِ
فنازعته إيَّاه حتى أتَيا أبا بكرٍ الصديقَ ،
فقال أبو بكرٍ : خلِّ بينَها وبينَه
قال : فما راجعه عمرُ الكلامَ ]
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه :
[ هي أعطفُ وألطفُ وأرحمُ وأحنى وأرأفُ وهي أحقُّ بولدِها ما لم تتزوَّجْ ]
ماذا قال ابن القيم عن هذا الشرط ؟
مع إن الصواب انه لا تشترط العدالة فى الحاضن قطعاً
وان شرطها أصحاب أحمد والشافعى رحمهما الله وغيرهم
ولو اشترط فى الحاضن العدالة لضاع أطفال العالم
ولعظمت المشقة على آلامه واشتد العنت
ولم يزل من حين قام الإسلام إلى أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم
لا يتعرض لهم أحد فى الدنيا مع كونهم هم الأكثرين
ومتى وقع فى الإسلام انتزاع الطفل من أبويه أو أحدهما بفسقه
واستمرار العمل المتصل فى سائر الأمصار والأعصار
على خلافة اشتراط العدالة فى ولاية النكاح
فانه دائم الوقوع فى الأمصار والأعصار والقرى والبوادى
مع أن أكثر الأولياء الذين يلون ذلك فساق ولم يزل الفسق فى الناس .
ولم يمنع النبى صلى الله عليه وسلم
ولا أحد من الصحابة فاسقا فى تربية ابنه وحضانته له
والعادة شاهده بأن الرجل لو كان من الفساق فإنه يحتاط لإبنته ولا يضيعها
ويحرص على الخير لها بجهده وإن قدر خلاف ذلك
فهو قليل بالنسبة إلى المعتاد
والشارع يكتفى فى ذلك على الباعث الطبيعى .
ولو كان الفاسق مسلوب الحضانة وولاية النكاح
لكان بيان هذا الأمة من أهم الأمور
واعتناء الأمة بنقله وتوارث العمل به مقدما
على كثير مما نقلوه وتوارثوا العمل به
فكيف يجوز عليهم تضييعه واتصال العمل بخلافه
ولو كان الفسق ينافى الحضانة .
لكان من زنى أو من شرب الخمر أو أتى كبيرة
فرق بينه وبين أولاده الصغار والتمس لهم غيره .
وهو الشرط الخامس من شروط الحضانة
ونكتفى بهذا القدر لعدم الإطالة ونستكمل إن شاء الله تعالى
هذا ما سنعرفه إن شاء الله تعالى فى الحلقة القادمة
انتظرونا ولا تنسونا من صالح الدعوات .