ألقى فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي - يحفظه الله
خطبتى الجمعة من المسجد النبوى بالمدينة المنورة بعنوان :
الزواج .. فضائل وفوائد وأحكام
والتي تحدَّث فيها عن الزواج وفضائله،
كما ذكر أبرز الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع، مُبيِّنًا بعضَ الأحكام المتعلِّقة به؛
من التيسير في المهور، وتبكير الزواج متى ما تهيَّأت أسبابُه،
وغير ذلك، في ضوء الكتاب والسنة المطهَّرة.
الحمد لله، الحمد لله الذي خلق فسوَّى، والذي قدَّر فهدَى،
أحمدُ ربي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليُّ الأعلى،
وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُصطفَى،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ وعلى آله وصحبِه البرَرة الأتقياء.
فاتقوا الله كما أمَر، وانتَهوا عما نهَى عنه وزجَر.
إن ربَّكم أرادَ عمارةَ هذا الكون شرعًا وقدرًا إلى أجلٍ مُسمًّى،
وهذا العُمرانُ لا يكونُ إلا بالتعاوُن والتوافُق،
والاجتماع وبناء الحياة على السُّنن العادلة الحكيمة النافعة.
والإنسان مُستخلَفٌ في هذه الأرض؛ ليُصلِحَها ويعمُرَها، ويعبُدَ اللهَ عليها،
وسعادتُه في طاعة الله، وشقاوتُه في معصية الله
{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }
{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ }
{ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ }
ومن أول خُطوات الإنسان ومراحِله في هذه الحياة:
اقتِرانُه بزوجةٍ على سنَّة الله ورسولِه، يتمُّ بينهما التعاوُن والتراحُم والتآلُف،
وتشابُك المنافِع والمصالِح، وتتحقَّقُ بينهما مُتعةُ الغرائِز البنَّاءة النبيلة،
والسعيُ إلى الأهداف والغايات الفاضِلة، وتتحقَّقُ المكاسِبُ المُبارَكة، والذريَّةُ الطيبة.
الزوجيَّةُ محضَنُ الأجيال، ومدرسةُ المولود الأولى،
ومُوجِّهةُ الشباب إلى الصلاح والإصلاح والتعمير.
الأبُ والأم لهما الأثرُ الدائِمُ على أولادهما، وهما لبِنَةُ المُجتمع الصالِح –
إن كانا صالِحَين -، ومسكَنُ العطف والرحمة والشفقَة والرعاية، والإحسان للناشئِين،
وأصلُ الرَّحِم والقرابة التي يكونُ بها التناصُرُ والتراحُم والتكافُل،
والتواصُل والتوادُّ، والحمايةُ من عاديات الحوادِث.
الزواجُ من السُّنن الماضِية التي لا حصرَ لمنافعِه، ولا نهايةَ لبركتِه،
ومن السُّنن الباقية الدائِمة التي لا تنقطِعُ خيراتُها.
والزواجُ من سُّنة الأنبياء والمُرسَلين
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً }
وقال تعالى في صفات المؤمنين:
{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
وقد أمرَ الله بالزواج فقال تعالى:
{ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ
إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }
وعن عبد الله بن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال:
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( يا معشرَ الشباب ! من استطاعَ منكُم الباءَةَ فليتزوَّج؛
فإنه أغضُّ للبصر، وأحصنُ للفَرْج، ومن لم يستطِع فعليه بالصوم؛
والباءةُ هي القُدرة على المهر والنفقة والسكَن،
( ومن لم يستطِع فعليه بالصوم )
إذا كان راغِبًا في النكاح، فإن فيه أجرًا، وفيه إضعافُ الشهوة،
حتى يُيسِّرَ الله له الزواج.
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال:
سألَ نفرٌ أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن عملِه في السرِّ. فقال بعضُهم:
( لا أتزوَّجُ النساء، وقال بعضُهم: لا آكُلُ اللَّحمَ، وقال بعضُهم:
فبلغَ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فحمِدَ الله وأثنَى عليه،
وقال: ما بالُ أقوامٍ قالوا كذا وكذا، ولكني أصلِّي وأنام، وأصوم وأُفطِر،
وأتزوَّجُ النساء؛ فمن رغِبَ عن سنَّتي فليس منِّي )
فالإسلامُ أوجبَ الزواجَ لمن رغِبَ فيه مع القُدرة
وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
( تزوَّجُوا الوَدود الوَلُود؛ فإني مُكاثِرٌ بكم الأنبياءَ يوم القيامة )
رواه أحمد، وصحَّحه ابن حبان من حديث أنس - رضي الله عنه -.
الزواجُ طهارةٌ وعفَّةٌ للزوجين، وصلاحٌ للمُجتمع، وحفظٌ لهم من الانحِراف
{ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ
إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
الزواجُ أمانٌ للمُجتمع من تفشِّي الزنا وعمل قوم لُوط؛
فما انتشَرَ الزنا في بلدٍ إلا ضربَه الله بالفقر والحاجة والذِّلَّة،
وظهر فيه الأمراضُ والوباء الذي لم يكُن في أسلافِه الماضِين،
مع ما للزُّناة في الآخرة من الخِزيِ والعذاب
{ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ
وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا }
وما قارَفَ أحدٌ عملَ قوم لُوط إلا فسَدَ قلبُه، وانتكَسَت فِطرتُه، وخبُثَت نفسُه،
وانحرَفَت أخلاقُه، وعُوقِبَ في الدنيا والآخرة بأشدِّ العُقوبات.
وقد علِمنا ما نزل بقوم لُوطٍ من العقوبة التي لم تكُن لأمةٍ قبلَهم؛
فقد رُجِموا بحجارةٍ من سجِّيل، ورفع جبريلُ - عليه السلام - مدائِنَهم إلى السماء
ثم أسقَطَها عليهم، فجعلَ عالِيَها سافِلَها، وأمطرَ الله عليهم حِجارةً، مع خلودِهم في النار.
قال - صلى الله عليه وسلم -:
( لعَنَ الله من عمِلَ عمَلَ قوم لُوط، لعَنَ الله من عمِلَ عمَلَ قوم لُوط
لعَنَ الله من عمِلَ عمَلَ قوم لُوط )
فالزواجُ أمانٌ من الزنا ومن اللِّواط، وطهارةٌ للقلب، وزكاةٌ للنفس،
وسببٌ للذرِّيَّة التي تتعاقَبُ على الأرض لعبادةِ الله ولعُمرانها.
ويُشرعُ أن يتخيَّر الزوجُ الزوجةَ الصالِحةَ، بالخُلُق والدين وحُسن المنبَت
لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
( تُنكَحُ المرأةُ لأربع: لمالِها ولحسَبِها ولجمالِها ولدينها،
فاظفَر بذاتِ الدِّين ترِبَت يداك )
رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وأن تختارَ المرأةُ ذا الدين والخُلُق؛ ففي الحديث:
سألَ رجُلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال:
( يا رسول الله! من أُزوِّجُ ابنَتي؟
فقال: زوِّجها تقِيًّا، إن أحبَّها أكرمَها، وإن كرِهَها لم يظلِمها )
ولا تُكرَهُ الفتاةُ على خاطِبٍ لا تقبلُه، بل يُؤخَذُ رِضاها
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
( لا تُنكَحُ الأيِّمُ حتى تُستأمَر، ولا تُنكَحُ البِكرُ حتى تُستَأذَن
قالوا: يا رسول الله! وكيف إذنُها؟
رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وإذا جاء الخاطِبُ الكُفء، وكانت الفتاةُ أهلاً للزواج،
فلا يُؤخِّر وليُّها زواجَها؛ لأنها أمانةٌ عنده، يُسألُ عنها يوم القيامة.
ولا يرُدَّ الخاطِبَ بحُجَّة مُواصَلَة الدراسة؛ فالأمرُ يَعنِيها مع زوجِها،
ويُعينُها على الدراسة إن أحبَّا،ولأنها قد تتضرَّرُ فيما بعد من حياتها.
ولا يجوزُ للوليِّ أن يرُدَّ الخُطَّابَ ليأكُلَ مُرتَّب وظيفتها،
فتضيعَ الفتاةُ بهذا الجَشَع والاستِغلال، وتُحرَم من الذرِّيَّة،
فهذا جِنايةٌ على المرأة. وقد تدعُو عليه فلا يُفلِحُ ولا ينفعُه المالُ في قبرِه.
ويُشرعُ للخاطِبِ والمخطوبةِ صلاةُ الاستِخارة والدعاءُ بعدها بما ورَد.
ويُشرعُ التوسُّط في المهر بما ينفعُ الزوجةَ، ولا يُرهق الزوج
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
رواه أبو داود والحاكم من حديث عُقبة بن عامر - رضي الله عنه -.
( خيرُهنَّ وأعظمُهنَّ بركة أيسرُهنَّ مهرًا )
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال:
لما تزوَّج عليٌّ فاطمة، قال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
قال: فأين دِرعُك الحُطميَّة؟ )
رواه أبو داود والنسائي، وصحَّحه الحاكم.
والدِّرعُ ثمنُها قليلٌ جدًّا لا تعدُو دراهِم معدودة، وفاطمةُ - رضي الله عنها
سيِّدةُ نساء العالَمين. والقصصُ عن السلَف الصالِح يطُولُ ذِكرُه في تيسير الزواج.
وإذا تمَّ الزواجُ فقد ساقَ الله إلى الزوجَين خيرًا كثيرًا
( من تزوَّج فقد ملَكَ نصفَ دينِه، فليتَّقِ اللهَ في النِّصف الباقي )
وعلى كلٍّ من الزوجين: المُحافظةُ على رِباطِ الزوجيَّة؛ لئلا ينتقِض،
فإنه ميثاقٌ غليظ، ورابِطةٌ قويَّة.
وعلى الزوج أن يقوم بحُقوق المرأة بإعداد السكَن الذي يصلُحُ لمثلِها،
وبذل النَّفَقة، ولا يترُكُها تُنفِقُ من مالِها ولو كانت غنيَّة أو مُوظَّفة،
إلا أن تشاء. وإذا أعانَت المرأةُ زوجَها فهي مأجورةٌ مُثابةٌ على ذلك.
وأن يُوفِّيَها العِشرةَ كامِلةً، ويُحسِن إليها، ولا يُسيءَ إليها بالأقوال ولا بالأفعال،
والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
( خيرُكم خيرُكم لأهلِه، وأنا خيرُكم لأهلي )
وعلى المرأةِ أن تقوم بحُقوق الزوج، وأن تُحسِنَ عِشرتَه، وأن تُطيعَه في المعروف،
ولا تُؤذِيَه، وأن تُحسِنَ لولدِه وإلى والدَيه وقرابتِه، وتحفظ مالَه وغيبتَه؛
عن عبد الله بن عمرو، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
( لا ينظرُ الله إلى امرأةٍ لا تشكُرُ لزوجِها، وهي لا تستغنِي عنه )
رواه الحاكم، وقال: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد".
( إذا صلَّت المرأةُ خمسَها، وحجَّت البيتَ، وصامَت شهرَها،
وأطاعَت زوجَها، وحفِظَت فرْجَها؛
قيل لها: ادخُلي الجنةَ من أيِّ أبوابِها شِئتِ )
وعلى الزوجَين: إصلاحُ الأمور في بداية الخلاف؛ لئلا يتعاظَمَ الشِّقاقُ والشرِّ،
فيُؤدِّي إلى الطلاق الذي يفرحُ به الشيطان أشدَّ الفرَح، وتضيعَ الأُسرةُ معه،
ويتشرَّد الأولاد، ويخرُب البيت، وينحرِفون.
وعلى الزوجين: أن يصبِرَ كلٌّ منهما على الآخر؛ فما أُصلِحَت الأمور بمثلِ الصبر،
{ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ
فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا }
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:
( لا يَفرَكُ مُؤمنٌ مؤمنة، إن كرِهَ منها خُلُقًا رضِيَ منها آخر )
ومعناه: لا يُبغِضُ مؤمنٌ مؤمنة.
ومن تعسَّر عليه الزواج في أول الأمر، فليُلزِم نفسَه العفَّة والصبر،
وليحفَظ نفسَه من العادة السريَّة المُحرَّمة، التي كثُرَت مضارُّها، ومن الزنا،
ومن الانحِراف، حتى يُيسِّرَ الله له الزواج
{ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ }
وليقتصِد الناسُ في ولائِم الزواج ولا يُسرِفُوا فيها
{ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ }
وإذا بقِيَ من الولائِم شيءٌ فلا يحِلُّ أن يُرمَى ويُهدَر؛ بل يُعطَى لمن ينتفِعُ به ويأكُلُه،
وأن يُشرِفَ على ذلك من يُؤدِّي ذلك إلى مُستحِقِّه.
{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً
وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم،
ونفعَنا بهديِ سيِّد المرسلين وقوله القويم،
أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ الله العظيم الجليل لي ولكم وللمسلمين،
فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمدُ لله العزيز الغفور، الحليم الشَّكور، أحمدُ ربي وأشكرُه،
وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له،
له المُلك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير،
وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه البشيرُ النذير،
اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ،
وعلى آلهِ وصحبِه السابقين إلى الخيرات وإلى كل عملٍ مبرور.
فاتَّقُوا الله بطاعته، واحذَروا من غضبِه ومعصيتِه؛ فما فازَ الفائزون إلا بتقواه،
وما هلَكَ الخاسِرون إلا بالإعراضِ عن شريعة الله.
إن أبوابَ الخير كثيرة، وطُرق الجنة يسيرة، والمُوفَّقُ من أقبلَ يطرُقُ كلَّ بابٍ من الخير،
والمحرومُ من زهِدَ في الحسنات، واقترَفَ السيئات.
ومن أحسنَ إلى نفسِه وإلى المسلمين من مالِه؛ بارَكَ الله له فيه،
وأخلَفَ له خيرًا مما أنفَق
{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ }
( ما نقَصَت صدقةٌ من مال، ولا زادَ الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا )
وإن من أبوابِ الخير: إعانةَ الراغِبين في الزواج، من الأثرياء،
وممن يُحبُّون الإحسان، بتقديم القُروض لهم والتبرُّعات المُرشَّدة،
وإنشاء الصناديق الخيرية لهذا السبيل الخيريِّ، وتثميرِها والعنايةِ بها،
وتسهيل منافِعِها لكلِّ مُستحقٍّ؛ فكثيرٌ من الشباب لا يتأخَّرُ زواجُه إلا من قِلَّة ذات يدِه،
{ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
وعلى الوالِد القاِر تزويجُ أولاد قيامًا بحقِّهم، وحِفظًا لهم من الفتن.
{ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:
( من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا )
فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم،
إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين،
الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ،
وعن سائر أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،
اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الكفر والكافرين يا رب العالمين،
اللهم انصُر دينَك وكتابَك وسُنَّة نبيِّك يا قوي يا عزيز.
اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبُل السلام،
وأخرِجهم من الظلمات إلى النور،
اللهم ارحم أمةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
اللهم فقِّهنا في الدين، وفقِّه المسلمين في الدين يا رب العالمين
اللهم أعِذنا وأعِذ ذريَّاتنا من إبليس وشياطينه وجنوده يا رب العالمين،
وجنوده وشياطين الإنس والجن،
اللهم أعِذ المسلمين وذريَّاتهم من إبليس وشياطينه وذريَّته، إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تكشِف الكُروبَ عن المسلمين في الشام،
اللهم اكشِف الكربَ والكُروبَ والعقوبات عن المسلمين في الشام يا رب العالمين،
اللهم انصُرهم على من ظلمَهم إنك على كل شيء قدير، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزُقنا اتِّباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزُقنا اجتِنابَه،
ولا تجعَله مُلتبِسًا علينا فنضِلَّ، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفِر لنا ولوالدِينا، اللهم اغفِر لنا ولوالدِينا،
اللهم اغفِر لموتانا وموتَى المُسلمين، ونوِّر عليهم قبورَهم يا أرحم الراحمين.
اللهم أصلِح شبابَنا وشبابَ المسلمين،
اللهم أصلِح شبابَنا وشبابَ المسلمين يا رب العالمين.
اللهم أغنِنا بحلالِك عن حرامِك، وبطاعتِك عن معصيتِك،
وفضلِك عمَّن سِواك يا رب العالمين.
اللهم أعِذنا من شُرور أنفسنا، اللهم أعِذنا من شُرور أنفسنا،
ومن سيئات أعمالنا، وأعِذنا من شرِّ كل ذي شرٍّ يا رب العالمين.
اللهم احفَظ بلادَنا من كل شرٍّ ومكروهٍ يا رب العالمين.
اللهم أحسِن عاقِبَتنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذابِ الآخرة.
نسألُك اللهم الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل،
ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل،
اللهم إنا نسألُك العافيةَ في الدنيا والآخرة.
اللهم وفِّق خادم الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضَى،
اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عمله في رِضاك يا رب العالمين،
وأعِنه على كل خيرٍ بقدرتِك، إنك على كل شيء قدير،
اللهم وفِّق نائبَيه لما تحبُّ وترضَى، ولما فيه الخيرُ يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تغفِر لنا ما قدَّمنا وما أخَّرنا،
وما أسرَرنا وما أعلنَّا، وما أنت أعلمُ به منَّا، أنت المُقدِّم وأنت المُؤخِّر، لا إله إلا أنت.
اللهم إنا نعوذُ بك من زوال نعمتِك، وفُجاءة نقمتِك، وتحوُّل عافيتِك، وجميع سخَطِك.
{ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار }
{ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى
وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا
وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }
واذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر،